تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نافذة .. الدم السوري.. والتعاون الخليجي الإسرائيلي..!

آراء
الخميس 28-6-2012
سليم عبود

نعم... لسورية أصدقاء كثيرون، بينهم وبين سورية علاقات تاريخية عميقة، صداقة ليست بالقول بل بالفعل، والشاهد عليها تاريخ طويل..

فالصداقات الحقيقية شاهدها الوحيد هو التاريخ، عندما نقول الصداقة السورية الروسية، مثلاً.. نتحدث عن علاقات لها جذورها الضاربة في عمق التاريخ، ثقافياً، وسياسياً، واجتماعياً، فقد تجلت تلك العلاقات في مواقف كبيرة وكثيرة على مدى عقود طويلة، لقد كانت روسيا دائماً في موقع المساند لسورية، وها هي اليوم تؤكد عمق هذه الصداقة في مواقف كبيرة سيحمل السوريون «جميلها» في قلوبهم، فهل نستطيع أن نتحدث مثلاً عن علاقات صداقة بين سورية ودول صنعت سايكس بيكو، وصنعت الكيان الصهيوني، وبين سورية والولايات المتحدة التي كانت على الدوام في مواجهة العرب؟!‏

من الاستخفاف بالعقل السوري، والعربي، والإسلامي، القول بوجود صداقة بين سورية والإدارة الأميركية، أو بين سورية ودول الغرب الاستعماري، هذه الدول نفسها لاتقبل بوجود صداقة مع سورية، ومع غير سورية، لأنها دول استعمارية، والعلاقة بينها وبين دول العالم تقوم على علاقة التابع بالمتبوع، كما هو الحال اليوم بين أميركا، وقادة الخليج النفطي.‏

  ‏

ما البعد الحقيقي لادعاء كل من أميركا، و«إسرائيل» ودول الغرب الاستعماري بـ «أنهم أصدقاء لسورية؟!»..ويعقدون المؤتمرات الممولة خليجياً في عواصم تقوم فيها حكومات معادية لسورية وصديقة لـ «إسرائيل» المزروعة في الجسد العربي..‏

هل لهذا الادعاء في الواقع، أو في التاريخ مايؤكده،‏

حقيقة.. في التاريخ ما يدحض هذه الإدعاءات، إنهم يديرون اليوم عملية تهديم الدولة السورية كدولة مقاومة، عروبية، متمسكة بقضايا العرب.. وهذا التهديم يرتبط بموقف سورية المعادي لمواقف الغرب و«إسرائيل»، وبتعبير أدق إن سورية اليوم تدفع ضريبة مواقفها عن العرب والمسلمين.‏

إن ادعاء هؤلاء صداقة سورية، أو الشعب السوري، خديعة كبرى وهم يديرون لعبة قتل السوريين، وتحمل كثيراً من الاستخفاف بعقول السوريين، وبعقول العرب، والمسلمين، وبعقول شعوبهم أيضاً.. لأنهم لم يكونوا يوماً أصدقاء سوى لمصالحهم وأهدافهم، أما الادعاء بصداقتهم لسورية في هذه المرحلة بالذات، فهي محاولة لإدارة حركة التاريخ، وتغيير مساراته، وقلبها رأساً على عقب..فيصبح قتلة الشعوب أصدقاء الشعوب، وتاريخ هؤلاء يحمل كثيراً من الدم السوري المسفوك بحرابهم.‏

إذا كان التاريخ الجديد «في القرن الواحد والعشرين» يكتبه القتلة ومنظرو الصهيونية في العالم، فالشعوب الواعية لاتحتمل هذا التزوير الخطير للتاريخ، لأن حركة التاريخ تديرها في النهاية إرادة الشعوب الحية.‏

  ‏

الأحداث في سورية اليوم تديرها أميركا و«إسرائيل»، وإن دور حكام الخليج فيها ينحصر في تنفيذهم لخطط الأميركان والإسرائيليين، وتقديم الفتاوى، والمال لتغذية الأحداث، وشراء السلاح، وتصعيد الصراخ الإعلامي، لتحريك خيوط اللعبة الصهيونية المرسومة على سورية، لكي تبدو للوهلة الأولى أنها لعبة عربية، على طريقة «إيزنهاور» في خمسينات القرن الماضي، حيث كان يدير لعبة في المنطقة لتبدو الأحداث سورية سورية، وعربية عربية، ولكنها في الحقيقة كانت لعبة أميركية صهيونية.‏

في آخر الأخبار كما قالت مصادر الغارديان البريطانية «إن السعودية ستتكفل برواتب القتلة في سورية، لمزيد من سفك الدماء السورية.. وهذا أمر يحسب للسعودية عند الإسرائيليين الذين شلت أيديهم الطويلة في عدوان تموز عام 2006» على المقاومة وعلى سورية، فتحرك حكام الخليج لتنفيذ ماعجزت عنه «إسرائيل»..كما يؤكد هنري كيسنجر.‏

إن عدواني تموز على لبنان، وغزة، كانا بدعم خليجي، وهذا اعتراف شمعون بيريز في دافوس وبرلين، إذاً... كيف نصدق أنهم عروبيون وإسلام ويكنون الحب لسورية؟!.‏

في النهاية ليسوا أكثر من بيادق في مشروع إسرائيلي أميركي..‏

ما المشكلة لدى ملوك وأمراء النفط في أن تكون «إسرائيل» سيدة وحاكمة هذا الشرق، من طنجة على الأطلسي حتى بنغلادش، كما هو مخطط أميركياً وصهيونياً، مادامت إسرائيل تتعهد بحماية عروشهم التي تكفل لهم الحياة الرغيدة، أليسوا صناعة ماسونية وصهيونية؟!‏

اقرؤوا الوثائق البريطانية التي تتعلق بتاريخ حكام السعودية والخليج..‏

ما المشكلة لدى «إسرائيل» ببقائهم ملوكاً وأمراء إن ظلوا أوفياء لها؟!‏

إنها معادلة حكام وأنظمة قائمة على أمرين:‏

الوفاء لإسرائيل، وتعهد إسرائيلي أميركي بديمومة هذه الأنظمة..‏

وتتجلى مسارات هذه المعادلة اليوم بصورة واضحة في هذا التحالف الدموي على الدولة السورية للتخلص من العداء السوري لقيام شرق أوسط كبير وجديد تنتهي فيه القضية الفلسطينية، وتجهض روح الترابط العربي، والإسلامي، أي، قيام شرق أوسط جديد مفكك يقوم على الولاء والطاعة للصهيونية التي باتت اليوم تتمظهر في أشكال فكرية وسياسية ودينية ومذهبية وطائفية، على حساب الوجود الحقيقي للشعوب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية