تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«هذا الانفجار علمي أم كوني؟ »

معاً على الطريق
الخميس 28-6-2012
لينا كيـلاني

تجربة علمية مثيرة وعملاقة جرت منذ أعوام قليلة تحت الحدود الفاصلة بين بلدين متقدمين، وكأنها ضريبة التقدم التي على تلك الدول أن تدفعها.. لكن هل هذه هي الضريبة الوحيدة أم أن هناك ما هو أكبر على العالم بأسره كما على البشرية جمعاء

أن تدفعه مقابل مغامرة علمية جديدة للفيزياء المعاصرة هي الأكبر كما الأكثر إثارة في التاريخ؟‏

إنها البداية إذن للفيزياء الجديدة.. بداية ستعود على العلماء بكم هائل من المعلومات لا أروع من الانصراف الى دراستها، وتحليلها، واستقراء نتائجها وتطبيقاتها وصولاً الى حقبة جديدة يعبر اليها البشر من بوابة علوم الفيزياء الخارقة.‏

تجربة تحاكي الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون قام بها العلماء، وهم يأملون منها بالوصول الى عتبات من الإبهار في العلم ما كان الإنسان ليحلم بها.. ولم لا ماداموا قد وصلوا الى تقنية النانو الخارقة، والى زمن الفيمتو الصاعق؟.. يقولون إن ما حُشد لهذه التجربة من إمكانات العقول البشرية المبدعة، وما سيعود منها إنما سيغير وبصورة دراماتيكية رؤيتنا للكون، وفهمنا لأصول عالمنا الذي يحتضن وجودنا منذ سنين مغرقة في البعد والقدم، والى أزل لم نكشف حتى الآن ملامحه.‏

إلا أن ثقباً أسود كان يقبع في زاوية التجربة كعين تراقب، أو تزجر، أو ربما تغضب.. ثقب أخاف سواده بعض العلماء، ولم يُخف بعضهم الآخر مادامت التجربة تحت السيطرة الكاملة.. إذن فهناك من لا يزال يتهيب المادة المعتمة في الكون وماهيتها مجهولة التكوين والطبيعة، والتي لا يمكن رصدها وببساطة كما هو معروف لأنها لا تعكس الضوء، أو لكونها تقع ربما خارج حدود الأبعاد المعروفة في الفيزياء أي الطول، والعرض، والارتفاع، والزمن.‏

فمادام الكون من حولنا يعج بالثقوب السوداء التي تبتلع فهل من المحال أن يُحدث الإنسان ثقباً أسود في مسيرته البشرية قد يبتلع كل انجازاته وتفوق حضارته إذا ما طالب بالمزيد والمزيد من العلم والفهم؟.. لسنا ضد العلم حتى في أكثر خطواته جرأة وإقداماً لكننا نتساءل أي حضارة أكثر تقدماً ينشدها البشر وهم يقومون بمثل هذه التجارب الجبارة، وما سينجم عنها من اكتشافات واختراعات ربما ستفوق بمرات أكثر مخيلات المبدعين خيالاً، وأكثرها جموحاً في شطحاتها.‏

سؤال مشروع لنا أن نطرحه، أو أن نناقشه، أو أن يكون لنا موقفنا مما يجري حولنا.. فها هي الأجيال في كل أصقاع الأرض تلهث وراء كل ما هو جديد وحضاري، ويحمل الرفاهية والراحة لها بدءاً من جهاز الهاتف النقال وشبكة الانترنيت، وانتهاء أو ليس انتهاء ببواكير بزوغ فجر النانو تكنولوجي في منتجاتها من زجاج سائل، ونسيج خفي هو طاقية الإخفاء، وقطن موصل للكهرباء، وقماش لا ينفذ منه الماء، وكمبيوتر بحجم كف اليد، وغيره.. وغيره الكثير. فماذا بعد؟ ماذا نريد بعد من التقدم العلمي والتكنولوجي أن يقدم لنا من وسائل وأدوات؟‏

وإذا كانت الصورة مشرقة في جانب منها فهي لا تزال غائمة على الطرف المقابل ومشكلات الارض تتزايد وتتفاقم مع كل خطوة جديدة نحو التقدم والحضارة يخطوها الإنسان.. أجل.. ألم تلوث الصناعات الثقيلة والخفيفة جو الارض؟ ألم يحدث البشر ثقباً كالثقب الأسود في غلاف الأوزون؟ ألم يكتسح الجفاف بقاعاً شتى كثيرة أهلك فيها الزرع والضرع؟ ألم يُدمر قسم كبير من غابات الأمازون وهي رئة العالم؟ ألم يكتسح التسونامي شواطئ العالم بعد خلل ايكولوجي؟‏

إلا أننا نعود ونعلق الآمال الكبار على تجارب العلم العملاقة والخارقة لعلها تحمل في ثناياها حلولاً كبيرة للمشاكل الكبيرة والخطيرة التي يعاني منها العالم اليوم.. وربما جاء الغد في سنوات قريبة قادمة بفجر جديد يشرق معه العالم من جديد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية