|
ثقافة
إنه الفنان مروان مسلماني الذي ترجل عن صهوة الحياة، بعدما أتعبته رحلة السفر الطويل وقد كان وفياً فيها لأعماله الفنية ولأوابد بلاده ولا ندري من منهما اختار الآخر ليخلده... فالكلمات لاشك تصغر عند الحديث عن مبدع تجاوزت إبداعاته واهتماماته ونشاطاته حدود الكلمة... فنان مبدع، متواضع، وإمكاناته الفنية الكبيرة تجاوزت حدود الوطن، وستبقى الصورة الفوتوغرافية والأعمال الفنية التي وثق لنا بها أوابدنا التاريخية قصة مبدع رأى في هذا التاريخ مارآه في هذه الطبيعة التي عاش بأحاسيسه فيها عشق ترابها ومجراها، كما عشق زهرها وياسمينها... رأى في كل هذه المكونات مالايراه الآخرون، لأنه العاشق لعمله، المتميز باهتماماته، المتفاني في البحث والتدقيق.. حرص دائماً على المشاركة في مجاهل التنقيب، حرصه على تخليد الإرث الحضاري لبلده، ما خلق عنده تلك الصورة المتميزة التي قدمها لنا عبر معارضه المتنوعة والعديدة التي جابت أهم المراكز الثقافية في العالم...
وفي لقائه للحديث عن مآثر الفنان الذي غيبه الموت يقول د.علي القيم: غيب الموت الفنان والمصور والباحث الأثري المبدع الدكتور مروان مسلماني، إثر نوبة قلبية يوم الجمعة الماضي وقد شيعت جنازته ودفن في مقبرة باب الصغير في دمشق... مما يذكر أن الفنان مروان مسلماني حاصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من فرنسا ووسام الاستحاق السوري من الرئيس الخالد حافظ الأسد وكان من مؤسسي نادي التصوير الضوئي ورئيسه لمدة سنوات عديدة ومديراً لقسم التصوير في المديرية العامة للآثار والمتاحف. أهم ما يميز هذا الفنان الكبير أنه قام بأرشفة وتصوير جميع المكتشفات الأثرية التي تمت في سورية منذ أكثر من 40 عاماً وقام بالتقاط اللوحات الفنية المعبرة باسلوب جميل وبالأبيض والأسود، فقد كان بحق سيد هذا الفن بكل تجلياته وآفاقه وأبعاده اللونية « أبيض وأسود». ويتابع الدكتور علي القيم معاون وزير الثقافة حديثه عن هذا الفنان الذي زامله أكثرمن 40 عاماً ورافق معارضه وإنجازاته وإبداعاته وكتبه التوثيقية يقول: (إن رحيل هذا الفنان خسارة كبيرة لفن التصوير الضوئي في عالم الديجيتال والألوان لأنه استمر متمسكاً بأسلوبه وبقدرته الفائقة على رصد مكتشفات الآثار وتوثيقها وقام بانجاز معارض كثيرة عن هذه الآثار، رافقتنا في الكثير من الاسابيع الثقافية والمؤتمرات والندوات التي أقامتها وزارة الثقافة والمدرية العامة للآثار والمتاحف مثل معرض «الأختام الاسطوانية» ومعارض كثيرة عن جماليات العمران في دمشق وحلب ومواقع الآثار مثل « ماري، إيبلا، تل مرديخ، أوغاريت، بصرى» والمدن المنسية في شمال البلاد وجنوبها). وأضاف القيم: أنه كان بحق عاشق الآثار وراصدها والمعبر عن مدلولها من خلال الصورة ومن خلال اللقطة الذكية واللمحات التي كان يضيفها عليها، وفوق هذا وذاك كان الإنسان المعطاء الكريم الذي لا يبخل على باحث أو كاتب أو صحفي بالصورة المرافقة لموضوعه ودراسته، لذلك استحق تكريم الدولة وتكريم أصدقائه ومحبيه، وسوف تبقى أعماله الكثيرة وأرشيفه الضخم شاهداً على ذلك لعقود زمنية طويلة. وجدير ذكره أن محترفه كان في منطقة الشعلان يشكل ملتقى لكبار الأدباء والفنانين والأثريين وعشاق الفن والحضارة.. وانطلاقاً من حبه لآثار بلاده صنع من مادة «الريزينج» القاسية مجموعة كبيرة من نماذج التمائيل لأهم الآثار السورية يقوم كل زائر بأخذ نموذج عنها كهدية وتذكار معبراً في ذلك عن عظمة هذه الآثار وأهمها بالطبع الأبجدية الكتابية الأولى في العالم وتماثيل أورنينا وربة الينبوع وأميرة أوغاريت وطبعات الأختام الأسطوانية التي تحوي حكايات وأساطير تعود في العمق إلى الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد. |
|