تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خيبات .. وتوزيع أدوار !!

البقعة الساخنة
السبت 16-3-2013
علي نصر الله

لم تخفِ باريس ولندن منذ البداية قذارة الدور الذي تقومان به لجهة دعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية، وأقر المسؤولون في الحكومتين الفرنسية والبريطانية غير مرة بتقديم كل أشكال الدعم للمسلحين المتطرفين،

لكن النبرة المرتفعة التي تحدث بها هولاند وكاميرون؛ وفابيوس وهيغ في هذا التوقيت بالذات ليست مجرد تأكيد على استمرار لعب الدور ذاته؛ بل تنطوي على لعبة جديدة وعلى أدوار مستجدة بإشراف المايسترو الأميركي بعد أن ثبت له فشل أدواته في المنطقة - تركيا وقطر والسعودية - في أداء المهمة الموكلة لها.‏

من يصدّق أنّ هناك في القارة العجوز - الملتحقة بواشنطن - من يمتلك القرار بإظهار تباينات في الموقف من أي مسألة في العالم عن الموقف الأميركي ما لم تكن واشنطن ذاتها قد أذنت له بذلك؛ أو أوحت له به؛ أو كلفته به تكليفاً رسمياً؟.‏

إذاً، الإعلان الفرنسي البريطاني بتزويد المجموعات الإرهابية بالسلاح بشكل منفرد وبمعزل عن موافقة الاتحاد الأوروبي ليس حالة تمرد على قرارات الاتحاد، وليس عصياناً للسيد الأميركي الذي مازال متناقضاً في موقفه من الأزمة في سورية، لكنه إعلان صريح عن الدخول في لعبة توزيع أدوار قذرة أكثر مما هو إعلان منفرد بدعم المسلحين كما يدعي الفرنسيون والبريطانيون.‏

وقد تكون الخيبة واضحة جلية اليوم أكثر من أي وقت مضى في التصريح الفرنسي الذي يقول: نطلب مع بريطانيا رفع حظر توريد السلاح إلى سورية لأنه إحدى الوسائل الوحيدة المتبقية لتحريك الوضع في سورية، كما أن هذا التصريح يخفي خيبة أخرى تتعلق بمسار الحوار الوطني لحل الأزمة الذي تمضي باتجاهه الحكومة السورية رغم كل التحشيد والتحريض والكذب الذي يمارسه رعاة الإرهاب في أربع جهات الأرض.‏

محور رعاة الإرهاب الدولي الممتد من واشنطن إلى لندن وباريس وأنقرة والدوحة والرياض لا يريد لطاولة الحوار السوري - السوري أن تلتئم؛ ولا يريد للأزمة أن تنتهي إلا كما يشتهي، ولا يريد لروسيا والصين وإيران وسورية ومجموعة دول البريكس أن تسجل نجاحاً من شأنه أن يؤدي لنشوء نظام عالمي جديد.‏

ولأن محور رعاة الإرهاب الدولي بات يدرك أبعاد فشله في تحقيق كل الأهداف التي اجتمع عليها ذهب إلى إعادة توزيع الأدوار داخلياً في محاولة منه لإطالة أمد الأزمة من جهة؛ ولإفشال الحوار والحل السياسي المستند إلى بيان جنيف من جهة أخرى.‏

الإعلان الفرنسي البريطاني لا يخرج عن هذا الإطار، ويعتقد أنه لن ينجح بتحقيق ما ذهب إليه الأميركيون وكل من التحق بهم كذيلٍ قذرٍ، بل ربما يقود إلى مواجهة تتخذ أشكالاً أخرى قد تقتضي جلب دولٍ بعينها إلى المنظمات الدولية لمحاسبتها ومعاقبتها ووضعها على لوائح الدول الراعية والداعمة للإرهاب، وإذا كان حتى الآن لم يتم استدعاء ووضع تركيا وقطر والسعودية على هذه اللوائح، فإن ذلك لا يعني بالمطلق أنها ستفلت من العقاب، وعلى هولاند وكاميرون استدراك الموقف قبل فوات الأوان، وعليهما أن يتعلما من تجربة شيراك وبلير وأزنار وغيرهم مع المعتوه بوش!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية