|
شؤون سياسية مؤشرات أحد تداعيات هذا الصراع على سورية على مستواه الإقليمي، أخذت تبرز في تركيا التي بدأت خطواتها، إزاء الأزمة، تتعثر نظراً لأن بعض شرارات الحرب في سورية وصلت إلى الداخل التركي، ونظراً لفشل تركيا في احتواء بعض التداعيات السورية، والدور التركي البارز في هذه الأزمة على علاقاتها مع كل من إيران والعراق. فالأزمة في سورية بالنسبة إلى كل من طهران وأنقرة ليست مجرد ملف هامشي، بل أساسي ومهم واستراتيجي في آن، وتركيا التي توقعت سقوط الدولة السورية سريعاً، صدمت بنجاح هذه الدولة في البقاء، وصدمت أكثر في عمق الاهتمام الإيراني بالإبقاء على مكونات هذه الدولة، ومع كل تورط تركي في سورية كانت تفاجأ بتورطٍ موازِ في علاقاتها مع إيران، وامتد التورط إلى العراق، ومرة واحدة وجدت تركيا نفسها في تورط مع المثلث الاستراتيجي الذي راهنت عليه في مشروعها نحو الشرق: إيران والعراق وسورية، لكن التورط الأهم يبدو أنه سيكون مع الداخل التركي، وأن المعارضة التركية لن تفوّت فرصة فشل حكومة حزب العدالة والتنمية في إدارة ملفاتها الإقليمية أولاً، وفشلها المتوالي في ضبط الانفلات الأمني والتهديدات التي تواجه الجيش التركي إزاء هجمات حزب العمال الكردستاني المعارض ثانياً، من أجل إسقاط حكومة رجب طيب أردوغان. بالمقابل تدرك حكومة حزب العدالة والتنمية التركية أن أي خطوة تتخذها لترجمة سيناريو «المنطقة العازلة» في أراضِ سورية ستكون الشرارة التي تفجر استقرار المنطقة، والتي تصيب بتداعياتها كل دول المنطقة وتحديداً تركيا. ولأن الأمور على أرض الواقع، تختلف عماهومكتوب على الورق أومايدور في مخيلات البعض، والأتراك يدركون جيداً أن حملاتهم الترويجية هي مجرد فقاعة إعلامية، ولاتستند إلى أي معطيات دقيقة. صحيح أن أردوغان يعتمد مبدأ الرعونة تجاه سورية، لكن هذه الرعونة تتوقف عند حدود الضغط والتهويل، على حين أكدت سورية في أكثر من مناسبة، أن الحملات والتهديدات والتخيلات، لن تثنيها عن مواصلة مسيرة الإصلاح.. وبأن أي اعتداء خارجي على الأرض السورية لن يكون نزهة. وسورية الواثقة من قدرتها على المواجهة وإحباط المؤامرة التي تستهدفها، تدرك أن حكومة أردوغان ليست مطلقة اليد في اتخاذ قرار بحجم قرار المواجهة مع سورية، وخصوصاً أن المؤسسة العسكرية التركية العلمانية لاتزال هي الضمانة الحقيقية للدولة العثمانية، وهي تنتظر حكومة أردوغان الإسلامية، عند أول مفترق يهدد مصير الدولة التركية الحديثة التي بنيت على أنقاض «الرجل المريض». إن للمؤسسة العسكرية التركية مآخذ كثيرة على حكومة أردوغان، كما أن جزءاً كبيراً من الشارع التركي مستاء من حكومته بسبب طريقة تعاطيها مع مجزرة «مرمرة» التي ارتكبتها «إسرائيل» ومن الأسلوب السخيف الذي اتبعه أردوغان حين بدأ يهدد«إسرائيل» بالويل والثبور وعظائم الأمور، على حين لم ينفذ أي تهديد الأمر الذي انعكس سلباً على صورة تركيا وشعبها. مايمنع حكومة أردوغان من اتخاذ قرار المواجهة مع سورية ، هو وجود الجيش السوري بالدرجة الأولى ، وبالدرجة الثانية خوف أردوغان وحكومته من منح الجيش التركي مهام عسكرية خطرة ، لأن ذلك يعد اعترافاً من الحكومة بفشلها السياسي وتسليماً بسلطة العسكر التي لاتزال سلطة علمانية رغم التعيينات الأردوغانية الأخيرة فيها. حكومة أردوغان مرتبكة، وهي تعيش عقدة ذنب نتيجة عدم اقتران أقوالها بالأفعال ، وهذا الارتباك تجلى تصعيداً ضد سورية لأن المطلوب من تركيا هو مواكبة الضغط الغربي على سورية . وذلك على غرار ماهو مطلوب من عرب أميركا و«إسرائيل» الذين قبضوا على قرار الجامعة العربية لتوفير غطاء الهجوم الأميركي الغربي على سورية. لاشك في أن السيناريو التركي هو جزء من المواكبة التركية للهجوم الغربي وهذا السيناريو هو لتشتيت القوة السورية على الجبهة مع العدو الصهيوني ، على حين أن الغطاء العربي هدفه إحراج قوى دولية حليفة لسورية!! لكن وبعد أن سقطت من يد القوى العربية والإقليمية والدولية ورقة « الحرية والسلمية » وظهر أن سورية تتعرض لمؤامرة حقيقية أدواتها مجرمون متخصصون في القتل ، يمتلكون أسلحة فتاكة تأتي من كل حدب وصوب فإن القرار اليوم يجب أن يكون للحسم بغية استئصال سرطان الفتنة والإجرام. |
|