تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أزواج غادرهم الوفاء إلى أحضان الخيانة..

مجتمع
الاثنين 27-7-2009م
فاتن دعبول- محمد عكروش

من منا لا يذكر شخوص روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ، فهي لا تزال تسكن الذاكرة وتنطق وكأنها من لحم ودم.

عندما نقرأ له ونشاهد قصصه في السينما نحس أن هؤلاء الأبطال هم نحن أو هم أهلنا وجيراننا وأناس نعرفهم وشاهدناهم كثيراً قبل ذلك.‏

السيدة أمينة زوجة «السي السيد» نموذج لكل امرأة عربية مقهورة ليس من حقها أن تغادر عتبة البيت من أجل زيارة الجامع والحسين ومن حق زوجها أن يسهر إلى طلوع الفجر مع رفاق السوء.‏

وجاء في ملحمة الالياذة على لسان الشاعر فرجيل: فتش عن المرأة فيما إذا وقعت مصيبة على رأس الرجل.‏

وقد حفلت قواميس الأمثال الشعبية ومعلقات الشعر العربي ونثره بالحديث عن غدر النساء وخيانتهن، وإن كان كثير من الرجال لا يقلون غدراً عن النساء.‏

إذاً هما في الميزان سواء ولكن هل النتائج والآثار واحدة.‏

خيانة زوج لا تكفي لإفساد الزواج‏

نساء كثيرات في مجتمعنا يعرفن بوجود صداقات غير بريئة للزوج، يعرفن ويصمتن، هذا الصمت يمكن أن يكون سببه الخوف من المواجهة أو الخوف من كلمة مطلقة أو لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، المهم أنهن يعرفن ويلتزمن الصمت.‏

فاطمة متزوجة منذ 30 سنة لم يخطر في بالها بعد أن أصبحت أماً لخمسة أولاد وجدة لعدد مماثل تقريباً من الأحفاد أن يتبدل حالها وتصحو على حياة أخرى فيها من الجراحات ما يعجز الزمن عن شفائها، يتكرر سفره إلى محافظة أخرى بحجة العمل لتعرف بعد ذلك أن العمل ما هو إلا امرأة أخرى أخذت مكانها وارتمى الزوج بين ذراعيها متناسياً سنوات طويلة من العشرة والمشاركة.‏

صرخت، استغاثت لكن لا أذن تسمع ولا قلباً يرق وانزوت بين جدران بيتها تجتر ذكرياتها، تخشى لوم اللائمين وشماتة الشامتين.‏

الحاجة والفقر..كتما أنفاسها‏

أما رانيا فلم يكن حالها أفضل، فبالرغم من أنه لم يمر على زواجها سنوات قليلة إلا أنها أحست بتبدلات غير اعتيادية في سلوك زوجها، فلم يعد يأبه بها ولا يعنى بمتطلبات البيت واحتياجاته، يتحدث هامساً على الهاتف، يغضب لأقل الأسباب.‏

لم تستكن بل كثفت مراقبتها له واستطاعت أن تضبطه متلبساً في أحد المطاعم بعد أن استرقت السمع لإحدى مكالماته السرية ورغم المواجهة أمعن بالانكار وأن ما تراه مصادفة ليس إلا، وعندما أرادت أن تعبر عن رأيها بالخيانة ضرب عرض الحائط بكل اعتراضاتها وقال: «لتشربي من ماء البحر..فأنا أحبها وهي من تستحق الحب أما أنت فلا».‏

ماذا تفعل وكيف السبيل ؟.‏

من يتكفل بالأطفال وأين المأوى ومنزل الأهل يضيق بمن فيه..وأين كرامتها؟‏

طريق مظلم.. وشائك‏

لا شك أن عوامل عديدة تدفع الإنسان باتجاه الخيانة والرذيلة، يفندها د. أحمد الأصفر في عوامل عديدة ويأتي انحلال القيم الأسرية التي تنص عليها القيم الاجتماعية والتاريخية والدينية في مقدمتها..فمع انهيار القيم يصبح الفرد مهيأ لأن ينجرف مع التيارات التي تؤثر فيه..‏

وقد تلعب طبيعة العلاقة بين الزوجين دوراً في هذا الأمر، إن كانت مبنية على احترام متبادل أم هي مبنية على إهمال كل طرف للآخر والتركيز على الذات أحياناً والتفكير بالأنا أحياناً أخرى، ما يضعف العلاقة بين الطرفين.‏

مبررات الخيانة -لا شك ستلقى حلولاً بالصراحة والحذر والتواصل بين الطرفين- ومواجهة المشكلة لا الهروب منها إلى مشكلة أكبر وخصوصاً فيما يتعلق بالمرأة لأنها في لحظة ما يكون ما تقدمه أغلى بكثير مما تحصل عليه، فالخيانة قناع يخفي وجهاً قبيحاً.‏

والبادىء أظلم‏

بشيء من الجدية وقليل من الهزل قالت وهي لا تزال في مرحلة الخطوبة أيها الحبيب: إن خنتني سأخونك وليكن هذا عهداً بيننا..ضحك حينها ولم يأخذ الموضوع على محمل الجد ولكنها عندماشعرت بخيانته من خلال رسائل ضبطتها على الجوال.. «أحبك» قررت انتقاماً لكرامتها وتنفيذاً لعهد قطعته على نفسها أن تسقيه من الكأس نفسها، وارتمت بين أحضان صديقه الذي وجد فيها لقمة سائغة ليبرر الاثنان فعلتهما، وتدافع عن نفسها بالقول: العين بالعين والبادىء أظلم.‏

وقد مارست المرأة الخيانة كما الرجل ولكن بذرائع مختلفة وسعاد واحدة منهن، فقد استغلت غياب زوجها لتكوّن علاقة مع شاب يعمل في سوبر ماركت يملكه زوجها كان يرسله الزوج لتلبية احتياجاتها، وقد عرف الزوج مصادفة عندما التقط مكالمة كانت تدور بينهما حول موعد زيارته القادمة ومبررها في ذلك أن زوجها كبير السن وتفصلهما عنه عوالم كثيرة وهي بحاجة لمن يشاركها شبابها وحيويتها ويكون من عوالمها الشقية.‏

أما أروى فهي من سعت بملء إرادتها إلى صديق لها تراوده عن نفسها وبررت سلوكها هذا بحفنة من الحبوب الزرقاء قائلة: هذا كله لم ينفع في إعادة الشباب له.‏

وأخرى يعمل زوجها سائق براد ويضطر للغياب شهوراً عديدة متنقلاً بين البلاد فتجد لنفسها مبررات بأن يكون لها صديق يؤنس وحدتها ويلبي احتياجاتها.‏

عدم النضوج العاطفي..من دوافعه‏

يفرق د.بيير شنيارة الاختصاصي بالطب النفسي بين النزوات التي تكون عبارة عن تجربة عابرة وقصيرة الأمد..وبين الخيانة التي هي علاقة عاطفية جنسية مستمرة لفترة زمنية تتجاوز الشهر.‏

ومن دوافع النزوات الإحساس بالفراغ العاطفي العابر والذي نملؤه بشكل خاطىء بالسعي نحو كسب إعجاب الجنس الآخر.‏

بينما الخيانة فهي عدم كفاية شخصية بالعلاقة الزوجية والبحث بشكل خاطىء عن أسباب هذا النقص بالعلاقة.‏

وفي الحالتين تكون الدوافع ناجمة عن نقص بالنضوج العاطفي عند الشخص.‏

ظروف مهيئة‏

ومن الظروف المهيئة للخيانة والنزوات، المتاعب الأسرية سواء كانت مادية أو معنوية والنقص في التواصل بين الزوجين وعدم الوعي الجنسي بمعنى «يجب أن يتم بمشاركة العاطفة».‏

وأيضاً الفراغ وسوء اختيار الشريك من العوامل المهيئة للخيانة، فالحب لا يكفي لإنشاء علاقة زوجية ناجحة بل لا بد من توفر أرضية توافقية مشتركة هذا إضافة إلى الحب، فالزواج هو شراكة يجب ألا تبنى على نزوات أو تقليد حياتي للآخر، فالزواج وحده لا يكرس استمرارية الحب وإنمايجب أن تتوفر أرضية مشتركة تجمع بين الشريكين في الزواج.‏

الزواج عقد مقدس لا يجوز اختراقه‏

يعد عقد الزواج من العقود المتشددة التي تفرض على الزوجين المحافظة على بعضهما.‏

ويقول المحامي نزار ترجمان:‏

أعطت القوانين للزوج والزوجة الحق في طلب التفريق والطلاق في حال تعذر استمرار الحياة بينهما، وهذا تسهيل من القانون لعدم وقوع الخيانات الزوجية، ولهما في ذلك خيارات كالتفريق لعلة الشقاق أو الطلاق بسبب المرض أو عدم الانجاب أو العنة أو للبخل الشديد أو لعدم توافق الطرفين في العقل والتفكير أو وجود الكراهية من طرف لآخر.‏

وأقر القانون وجوب اثبات الخيانة سواء من الزوج أو الزوجة بالجرم المشهود، فإذا كانت الخيانة مرتكبة من قبل الزوجة تسقط حقوقها الشرعية إذا استطاع طبعاً الزوج اثبات الخيانة وإذا كان العكس فالزوجة تأخذ حقوقها كاملة من الزوج.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية