تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نزع السلاح النووي.. رؤيــــة حــالمة أم مــاذا؟

نيويورك تايمز
ترجمة
الأثنين 27-7-2009م
ترجمة: خديجة القصاب

نشرت مجلة «سنديال» الناطقة باسم جامعة كولومبيا النيويوركية فوق صفحاتها مقالة كتبها أحد أبرز طلبتها في ذروة الحرب الباردة عام 1983 تحدث عن عالم خالٍ من الأسلحة النووية،

وجاءت انتقادات صاحب المقال لاذعة طالت المناقشات الدائرة آنذاك حول ضربة أولى توجه للعدو وحول درع مباشر يخدم مصالح المركب الصناعي العسكري الأميركي ومنصات إطلاقه رؤوساً نووية تقدر تكلفتها ببلايين الدولارات، وتدعي تلك المناقشات السعي لتقليص المخزون الدولي لآلاف الرؤوس النووية القاتلة، كان اسم هذا الطالب باراك أوباما في محاولته ترتيب أفكاره وتوضيحها، بالمحصلة شجب أوباما هذا المنطق المتأرجح والمنحرف الذي هو جزء من حياة هذه الأيام، وتشيد المقالة بجهود الطالب «باراك» الذي أدرك أن هناك إمكانية لوجود عالم جدير بالاحترام، فقد اخترقت تلك الكتابة عقلية الحرب ليعيد كشفها مرة ثانية مؤخراً حين تحدث الرئيس الأميركي بشكل مختصر عن كيفية ترجمة حلم على أرض الواقع غير قابل للتحقيق.‏

فبعد مرور ست وعشرين سنة وبعد تسلمه منصبه الجديد كرئيس للولايات المتحدة راح أوباما يتبنى قوانين عالمية ومعاهدات وتحالفات جديدة يصر على إمكانيتها إقامة عالم خالٍ من الأسلحة النووية.‏

«أنا لست ساذجاً» هذا ماصرح به أوباما خلال حشد في براغ خلال الشتاء الماضي، ثم أضاف: لايمكن الوصول إلى هذا الهدف بسرعة (عالم خالٍ من الأسلحة النووية) وربما لن يتحقق هذا المطلب خلال عهدي لأنه يحتاج للصبر والمثابرة.‏

فخلال زيارة أوباما إلى روسيا عمد على توقيع اتفاق يهدف إلى تقليص مخزون الأسلحة النووية الاستراتيجية إلى الربع، وتعد تلك الاتفاقية خطوة أولى على طريق جهود أوسع تم إقرارها بهدف تقليص التهديد المتبادل مقابل تجنب انتشار أسلحة الدمار الشامل على نطاق واسع في مناطق تفتقر إلى الاستقرار، فما من رئيس أميركي سبق له وبادر إلى وضع جدول عمل تدريجي بالنسبة للقضاء على الأسلحة النووية بشكل نهائي، وفي مقابلة أجريت مع أوباما مطلع تموز، أكد الرئيس أن هناك من ينتقده لأنه تحدث بشكل واضح حول ضرورة محافظة بلاده على قوة ردعها طالما أن هناك من يمتلك سلاحاً نووياً، ويصر أوباما على أن تقليص المخزون النووي سيعطي حلفاء واشنطن كذلك القدرة لإعادة تشكيل عالم نووي جديد.‏

ومن بين الأهداف المقترحة إنهاء برامج تسلح كوريا الديمقراطية في المقدمة يليها عدم تشجيع العديد من الدول في محاولة تخليها عن معاهدة حظر الانتشار النووي ومن ثم الحد من الإنتاج العالمي للوقود والمستخدم في الأسلحة النووية.‏

وكان كل من «جون كيل» السيناتور الجمهوري في ولايه اريزونا «وريتشارد بيرل» مهندس الحقبة النووية في عهد الرئيس الأميركي «ريغان» قد كتبا في صحيفة وول ستريت ما مفاده إن المعارضة تتصاعد ضد هذه الأنشطة وذلك قبل الانخراط في تلك المعارك وهي آراء خطيرة تثير مخاوف أوباما منذ كان طالباً في الجامعة ومؤخراً أكد كل من «كيل» و«بيرل» أن اعتقاد أوباما حول قيام «كيم جون إيل» أو أحمدي نجاد بتقليص طموحاتهما النووية للرد على مبادرة الولايات المتحدة وروسيا بتقليص قوتهما الرادعة كان منطقاً ساذجاً.‏

وقد وصف أوباما أجندته بأنها الطريقة المثلى للمضي قدماً من عالم صاخب بالاضطرابات، ثم أضاف قائلاً: من السذاجة الاعتقاد أنه بوسعنا زيادة مخزوننا الاحتياطي من الأسلحة النووية مع استمرار كل من روسيا وحلفاء واشنطن في زيادة مخزونهما النووي بينما نمارس فيه ضغوطاً على دول كإيران وكوريا الديمقراطية للحيلولة دون متابعة برامجهما النووية.‏

يقول «ميشيل لي بارون» وهو أستاذ أوباما خلال مراحل دراسته الجامعية والمتخصص بالسياسات الدولية يوم كتب هذا الأخير مقالته في مجلة «سنديال» :إن الرئيس الأميركي يفكر بتلك القضايا منذ زمن بعيد، وفي ورقة العمل التي قدمها أوباما لأستاذه «ميشيل» قام بتحليل كيفية مناقشة رئيس الولايات المتحدة موضوع تقليص الأسلحة النووية مع الروس تماماً كما فعل مؤخراً مع موسكو.‏

ويواجه أوباما وأجندته اختباراً يتمثل في مطالبته الحد من انتشار الأسلحة النووية بينما يتخوف عدد من مستشاريه مع خبراء عسكريين من بدء عهد نووي جديد يؤدي إلى اندفاع العديد من الدول لاقتناء أسلحة نووية أكثر تطوراً.‏

يقول مسؤول بارز في إدارة أوباما ما نسعى إليه هو إجراء تغيير جوهري في السياسة الأميركية من خلال طرح رؤية مختلفة تنص على أنه بمقدورنا تعزيز أمننا من خلال التحكم بالتسلح.‏

ويسعى أوباما والزعماء الذين يشاركونه وجهة نظره تلك إلى إنشاء نظام عالمي جديد يكبح الجماعات الإرهابية ويحول دون مضيها قدماً في مشاريعها النووية ويعلق الرئيس الأميركي على هذه التوجهات قائلاً: لا أعتقد أنني الوحيدالآن الذي يرىأنه في حال وضعنا العفريت في زجاجة فإن ذلك لن يحد من المخاطر التي ستتعرض لها الولايات المتحدة فحسب وإنما الشعوب في أنحاء العالم كافة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية