تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاقتصاد الصيني الصاعد لماذا الاستهلاك القاطرة الهامة للنمو ؟

مساحة للرأي
الأحد 17-3-2013
بقلم د. قحطان السيوفي

       ما هو الواقع والآفاق المستقبلية للاقتصاد الصيني , أكبر ثاني اقتصاد في العالم  ؟ إن قراءة هادئة لخطاب رئيس وزراء الصين الحالي (ون جيا باو) في الاجتماع السنوي لنواب الشعب الصيني الذي عقد في الأسبوع الأول من آذار 2013 يبين حال الاقتصاد الصيني خلال ولاية (ون) المنتهية قريباً ,

والتي امتدت لعقد من الزمن حيث سيسلم المسؤولية لخلفه (كي كييلنج) عند انتهاء دورة البرلمان . لقد عرض (ون) الخطوط العريضة لاستراتيجية طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية تعتمد على زيادة الطلب الداخلي بحيث يكون المستهلكون حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية ....المشهد التاريخي للتنمية الاقتصادية في الصين خلال ولاية (ون) التي استمرت عشر سنوات يشير إلى أن الأولوية كانت تهدف لتحقيق نمو متوازن ,مع تقليل الاعتماد على نموذج يقوده الاستثمار , بل يعتمد على التصدير لأن هذا الأخير كان له الفضل في تسجيل نمو في خانة العشرات وساهم في إنقاذ مئات الملايين من سكان الريف الفقراء ...وحول الصين لأكبر اقتصاد تجاري في العالم ...أعلن رئيس وزراء الصين في خطابه أرقام النمو التي تحققت في الصين خلال السنوات الخمس الماضية (2008-2012)...  فحجم الاستثمارات الصينية المباشرة وغير المالية في الخارج ارتفع من (24,8) مليار دولار عام 2007 إلى (77,2) مليار دولار عام 2012 أي بزيادة (25,5%) .وكان حجم النمو السنوي بمعدل (9,3%) , كما أن إجمالي الناتج الداخلي ارتفع من (3300) مليار إلى (6400) مليار دولار مما جعل الصين القوة الاقتصادية الثانية في العالم .بالمقابل فإن حجم التجارة الخارجية ازداد بنسبة (12,2%) , وعلى صعيد النقل تم إنشاء (19700) كلم من السكك الحديدية  الجديدة منها تسعة آلاف كلم للقطارات الفائقة السرعة . على صعيد مكافحة البطالة تم إحداث (59) مليون وظيفة جديدة في مناطق المدن ...وتم توظيف (28) مليون جامعي متخرج , كما زادت ميزانية التربية بمعدل سنوي (21,6%) . تحققت زيادة سنوية في متوسط الدخل الصافي بنسبة (8,8%) لسكان المدن , و(9,9%) لسكان الريف , كما تم تشييد (18) مليون مسكن اجتماعي جديد . بالنسبة للمستقبل أكد (ون) أن خطة التنمية الاقتصادية المستقبلية تعتمد على تحسين القوة الشرائية للمستهلكين الصينيين , كما أكد ضرورة تبني ,ودون إبطاء , زيادة الطلب المحلي الداخلي لأن طاقة الطلب تكمن في الاستهلاك , وكل ذلك في إطار استراتيجية طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية . وفي ضوء الأزمة المالية العالمية المستمر , التي يراها (ون) (أخطر أزمة منذ قرن ) فقد حٌدد هدف الخطة الرئيسي في عام 2013 بتحقيق نسبة نمو (7,5%) ترافقها زيادة أسعار متوقعة بنسبة لاتتجاوز (3,5%) , ونسبة بطالة دون (4,6%) ,مع توقع إحداث تسعة ملايين وظيفة خلال عام 2023 . أما معدل التضخم فقد حدد ب (3,5%) في عام 2013 مقابلا نسبة (2,6%) عام 2012 . ونشير هنا إلى أن المبلغ الذي استخدم للاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الخمس الماضية في الصين بلغ (552,8) مليار دولار .تبدي الصين  بعض المخاوف جاءت في خطاب (ون) ,من قيام الدول الصناعية الغربية بإجراءات لتعزيز سياساتها النقدية التوسعية مما قد يؤدي لمخاطر تضخم مستورد . وهكذا فإن الصين تشكل اليوم القوة الاقتصادية الثانية في العالم , بعد  أن نجحت في تحقيق النمو القائم على الصادرات لتبدأ مرحلة جديدة تعتمد على زيادة الطلب الداخلي ليصبح الاستهلاك قاطرة هامة في استراتيجية التنمية الاقتصادية لمستقبل الصين الواعد بنمو متصاعد .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية