|
شباب قيم سلبية تشكل تهديداً لمجتمعنا و اختراقاً لقيم المواطنة والانتماء، وتجاهل هذا الغزو و الوقوف موقف المتفرج أمام هذه القيم الوافدة يسهم في تأزيم جديد للأزمة.. «القيم و الشباب» كان عنوان الندوة الحوارية التي أقامها قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق في سلسلة ندوات الثلاثاء الاجتماعي، و ذلك بمشاركة عدد من أساتذة القسم و الطلاب وعدد من المهتمين. ليس بالشعارات حقاً نحن نعيش أزمة حقيقية، هذا ما أشارت إليه الدكتورة ليلى داوود، فبما أن الشباب الفئة الأكثر حيوية، لذلك تسخر جهات متعددة قصارى جهدها للتأثير في عقليتهم و قيمهم في محاولة لتنميطهم، و استخدمت الفضائيات لتحوير الحقائق و إثارة الانفعالات، وطال ذلك جميع مناحي الحياة في نمط استهلاكي موجه نحو عقلية الشباب و قيمهم، و تعاطت مؤسساتنا مع هذا الواقع بسلبية، و هناك فئة من الشباب لم تملك إلا الخضوع و الاستسلام و وقعت نتيجة عدم الثقة بالذات و المجتمع فريسة التطرف و القيم النفعية و الاستهلاكية. قيم سلبية و ترى د. داوود أن القيم تنبع من الواقع الاجتماعي المعاش و ما يسود مجتمعنا من مظاهر قد تكون وراء بعض القيم السلبية ما يجعل الشباب يعانون الاحباط و الاغتراب والتناقض بين طموحاتهم و الواقع المعاش ما يدفع البعض لتبني قيم اللامبالاة و العنف و عدم الاهتمام بالقضايا الوطنية والممتلكات العامة، لا سيما و أن العمل قيمة علاجية تشعر الشاب بقيمته و ذاته و البطالة تفقده الأمن و الثقة بالذات و الآخرين، فالأزمة التي يمر مجتمعنا صعبة و للخروج منها لابد من اكساب الشباب قيم العلم و العمل و الابداع و المحبة فهذه القيم مهمة لتحديد هويتنا و هذه القيم تكتسب بالممارسة والتجربة و ليس من خلال الشعارات. ما زال تأثير الأسرة أقوى من أين يستقي الشباب قيمهم ؟ حول هذا المحور تحدث الدكتور بلال عرابي حيث أشار أن الشباب يستمدون القيم من العائلة و المدرسة و الإعلام و الأصدقاء، و تأثير الأسرة مازال كبيراً، فهو يتعلم في المدرسة أن زواج الأقارب غير صحي و لكنه يخضع لرغبة الأهل بالزواج من ابنة عمه، يريد زوجة متعلمة و لكن ليس أكثر منه 70% من طلاب الجامعة يرغبون بالزواج بفتاة أقل منهم تعليمياً. وطرح د. عرابي لمؤشرات قيم الشباب وثقافتهم فمعدلات الالتحاق بالجامعة بالدول العربية21% ممن هم في عمر الجامعة، بينما في كوريا الجنوبية 91% وفي استراليا 72%، كما أنه وحسب تقرير الثقافة العربي 2007 فإن 7% يستخدمون الانترنيت و البحوث تشير أن 46% يستخدمونه للتسلية و 26% التماساً للمعلومات، وتشير دراسة للهيئة السورية للأسرة عن الشباب 2008 أن النشاط الأساسي لملء أوقات الفراغ هو مشاهدة التلفاز. ولتحقيق انتماء الشباب لقضايا مجتمعهم يدعو د. عرابي للتركيز في خطط التنمية والتوجهات المستقبلية على التعليم، واعتماد الحوار الذي يبدأ من المنزل ثم المدرسة ثم الإعلام، أول قيمة في الحوار هي قبول الآخر والسعي لتشكيل اتجاهات عقلانية نحو حب الوطن و الحرص عليه. إيقاظ قيم المواطنة الدكتور هاني عمران تحدث عن أهمية القيم في مواجهة الغزو الثقافي الذي يستهدف مجتمعنا في هويته سعياً نحو تفتيت الأمة و التشكيك بالقيم و الانتماء و الولاء للوطن من خلال بث انتماءات معادية للوحدة الوطنية ونشر قيم المجتمع الاستهلاكي المستوردة وإضعاف روح المسؤولية عند الشباب، فالقيم مكتسبة وليست فطرية، ووظائف القيم مرتبطة بحاجات الفرد والمجتمع من حيث التوجيه و التنظيم و تحقيق التوافق وحماية الذات والهوية للفرد والمجتمع و تحقيق الذات واستعمال القيم في معالجة الأمراض النفسية و الانحرافات الاجتماعية والخدمات الإرشادية. وفي معرض رده عن الحلول الممكنة إزاء الغزو الثقافي الممنهج الذي يتعرض له شبابنا، لفت د. عمران إلى أن الشباب أمام توجهات و منظومات متضاربة وعلى الإعلام والدراما أن يسلطا الضوء على الشخصيات القدوة التي تسهم في صناعة القيم الفاضلة و تجذرها في النفوس، ولابد من إعادة النظر بالنظام التعليمي الذي يركز على زراعة القيم و الحوار أكثر من حشو الأفكار، كما أنه ينبغي مواجهة الغزو الثقافي الذي يهدف لتفتيت مجتمعنا عبر إيقاظ قيم المواطنة وإحداث مشروعات توعية لملء أوقات الفراغ. مداخلات د. سمير الشيخ علي سلط الضوء على نقطة مهمة، حيث أشار إلى أن بعض القيم السلبية أساسها اقتصادي فالشباب يستمدون منها قيم الفساد عندما يعيشون حالة البطالة و تدني مستوى الدخل، كما تسود بعض التوجهات الخطيرة نحو التعلم أنه لا يطعم خبزاً ومن يعمل بشرف وأمانة يعيش حياته فقيراً، وتجاهل هذه التوجهات الخاطئة له عواقب وخيمة. يرى د. أسعد مللي أننا نعيش في جو إعلامي فوضوي وموبوء يشوه عقول الشباب ويخلط بين الحق و الباطل. وأشار د. أديب عقيل إلى أن مجتمعنا يعيش صراعاً في القيم و على حد تعبيره الله يعين الشباب على هذا الواقع المعاش بين التطرف والتطوير يغذيه ضخ إعلامي كبير. وتساءلت د. اسعاف حمد عن إمكانية تغيير بعض القيم في ظل الظروف الصعبة التي تسود سورية، حيث باتت هذه القيم تشكل خطراً محدقاً على شبابنا. |
|