تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حرب الثلاثين

نافذة على حدث
الأحد 17-6-2012
منير الموسى

السعي الهستيري للقادة الغربيين للتدخل العسكري في سورية باسم حقوق الإنسان وتصريحاتهم العلنية برغبتهم في إسقاط السيادة السورية لا يخرج عن إطار ما فعلوه في العراق وليبيا

ولاعن أحداث حرب الثلاثين عاماً التي انتهت بالعودة إلى التعقل وتوقيع معاهدة وستفاليا عام 1648 ووجب فصل السياسة الدولية عن السياسة الداخلية للدول، لأن الدول مبنية على أسس وطنية وثقافية وتعد ذات سيادة داخل حدودها. وحرب الثلاثين راح ضحيتها ثلث شعب أوروبا الوسطى بسبب النزوع إلى نزع السيادات عن الدول.‏

والربيع العربي المزعوم هو جزء من نظام السيطرة الذي يعد خروجاً على تطبيق مبدأ سيادة الدول، ومبدأ التوازن بين الحق بالسيادة والقانون الدولي الذي يتم الإخلال به بذرائع التدخل الإنساني الذي شجعت عليه منظمات غير حكومية تمولها العولمة الهدامة والتي تقوم بإشعال الحروب الطائفية لتسويغ التدخل والتسبب بحمامات الدم.‏

القوى الأجنبية التي لاتتسامح مع الأقليات وتعمل ديمقراطياً برأي الأكثرية في بلادها، بينما تسعى في بلاد أخرى تستهدفها إلى دعم أقليات بالمال والسلاح وتطالب حكومات تلك البلدان بالتفاوض مع معارضين يعملون لحسابها، من أجل نقل السلطة إليهم. وواشنطن مثلاً اشترطت دعمها لمعارضين سوريين بالتزامهم بأمن إسرائيل! وهكذا يبدو أن العدو الأول للدولة المستقلة هو العدو الداخلي الذي تمثله النخب المعولمة والمتصهينة العاملة من أجل المصالح الخاصة للقوى الأجنبية وخدمة لسيطرتها المالية. ونتائج هذا التدخل العنيف رأيناه في العراق وليبيا واليمن والصومال وشمال مالي والهدف تقويض النظام العالمي القائم على المصلحة الوطنية وإشاعة الفوضى. ولا شك أن على رأس المدافعين عن هذا النهج الأرعن في العالم تيارات تعيد إلى الأذهان النهج الهمجي الذي كان يسود قبل أي حرب عالمية أو إقليمية والقائم على التوسع بلا حدود، وإسرائيل حتى الآن لا حدود لها وتتعامل بشكل همجي من أجل السيطرة. وتساعدها أميركا اليوم على إسقاط البلدان العربية الواحد تلو الآخر، وابتلاعها ليسهل للطغمة المالية العالمية ليس فقط فتح أسواقها بل لتستعبد شعوبها. وأميركا والغرب والعربان يمالئون الاحتلال الصهيوني بالتغطية على جرائمه إضافة لعمل الأنظمة العربية العميلة ضد القضية الفلسطينية والتي ترفض دعم أبناء الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح، خدمة للمشروع الصهيوني، وضرب معاقل المقاومة العربية التي تعد القضية الفلسطينية بوصلتها وقضيتها الأولى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية