تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بــيـت العنــكبــوت

معاريف
ترجمة
الأثنين 20-7-2009م
ترجمة: أحمد أبو هدبة

صوب دان حالوتس أمس نظره بين عيني إيهود باراك. استغلال مخز للثكالى قال رئيس الأركان السابق عن تصريحات وزير الدفاع الحالي الأسبوع الماضي،

أمر يجب ألا يجري فعله ولم يسبق ان جرى قط. بطولة جنود الجيش الإسرائيلي تقف بحد ذاتها منذ الأزل... هذه حسابات دنيئة. قفز حالوتس عائداً إلى المياه العاصفة التي انتشلت منها جثته قبل ثلاث سنوات. فتى سلاح الجو الذهبي، من اعتبر مرشحاً للقيادة من عائلة شارون وأعضاء مزرعة شيكميم، وجد نفسه بعد ذلك ملطخاً بالزفت. وبدلاً من أن يتنافس الآن على قيادة الدولة، يصارع دان حالوتس من أجل اسمه وصورته. ضربة غير مقصودة كسرت له الجناح وحطمت طائرته في البحر. والآن ها هو يعود.‏

ما الذي قاله باراك الأسبوع الماضي؟ أمور رهيبة وفظيعة قالها. بطولة المقاتلين في حرب لبنان قال وزير الدفاع، غطت على أخطاء القيادات. حالوتس، في هذا السياق، محق تماما. جاء باراك، الذي كان خلال الحرب مواطناً قلقاً واستخدم العائلات الثكلى، الجرحى، الضحايا، وقايسهم بالقيادات فوقهم. هؤلاء، يقول لهم وزير الدفاع، هم الأشخاص الذين بعثوا بهم الى الموت دون ذنب اقترفوه ودون أي مبرر. حتى لو كان هذا صحيحاً، فإن هذا لا يقال، وبالتأكيد ليس في احتفال رسمي للذكرى. فضلا عن ذلك، فإن هذا غير صحيح. وليس فقط غير صحيح، حقيقة إن باراك يقول هذا هو أكثر بكثير من الوقاحة في ذروتها.‏

حرب لبنان الثانية لم تتميز ببطولة المقاتلين. الكتب التي كتبت عنها، التحقيقات الخارجية والداخلية أثبتت خلاف ذلك. كانت هناك حالات من البطولة الموضعية. الوكيل روعي كلاين، نائب قائد كتيبة 51 في جولاني الذي قتل حين قفز على قنبلة يدوية، هو النموذج الأكثر مثالية. وكذا تومر داني. ولكن بالإجمال، أظهر جنود الجيش الاسرائيلي مستوى إشكاليا. ولا سيما في مستوى الدبابات ومستوى الضباط، محاولات احتلال لم تنجح، ولا سيما ارتعاد الفرائص الذي أظهره المجتمع الإسرائيلي على مقاتليه في كل مرة تعقدت فيها المعركة أو أصبحت أصعب بعض الشيء.‏

كانت هناك إخفاقات في حرب لبنان الثانية. من أجل هذا جاء أمس موشيه كابلانسكي وأحصاها بشجاعة واستقامة، وبقصد كبير. تلك كانت إخفاقات تكتيكية. كان غرور حالوتس، والتذبذبات، وعدم تجنيد الاحتياط، والخطط المشوشة، وفوق كل شيء المستوى المتردي للجيش الإسرائيلي وسياسة استخدام القوة التي أكل الدهر عليها وشرب. ولكن بالذات قرارات القيادات العليا، بما فيها القيادات السياسية، ودفع رئيس الأركان للسير نحو الرد والضرب بكل القوة وعدم احتواء حدث 12 تموز 2006 هذه هي الإنجازات الاستراتيجية الكبرى لحرب لبنان الثانية.‏

مع الحقائق من الصعب الدخول في جدال، والحقائق تشير الى تغيير استراتيجي جوهري في الردع الإسرائيلي في الشمال، وليس الى انخفاض كبير في مكانة حزب الله في لبنان والى وضعه غير البسيط على الأرض، الى السيادة اللبنانية التي عادت الى الجدار، الى جانب آلاف جنود الأمم المتحدة والجيش اللبناني.‏

حرب لبنان الثانية، ورصاص مسكوب بعدها، جاءا لإصلاح الضرر الهائل الذي ألحقه باراك وأمثاله بالردع الإسرائيلي. فرار الجيش الإسرائيلي من لبنان، بينما كان حزب الله يلاحق القوات، هو الذي أدى الى مصيبة الانتفاضة الثانية وجلب مقاتلي حزب الله الى الجدار، الذي اختطف منه ثلاث جثث لمقاتلين في عام 2000 واثنتين أخريين في عام 2006.‏

هذا لا يعني انه ما كان ينبغي الخروج من لبنان. واضح انه كانت هناك حاجة لذلك. ولكن كان ينبغي الخروج بعد التوصل الى اتفاق مع السوريين، الأمر الذي كان سيغير وضعنا الاستراتيجي منذ ذلك الحين، في عام 2000، من الأقصى الى الأقصى. وربما أيضا الوضع الاستراتيجي للمنطقة. ولكن باراك، الشجاع دون شك، ذعر من عدة استطلاعات وتأرنب في اللحظة الأخيرة، وفي النهاية فر من لبنان في ظلمة الليل كي لا يتمكن حزب الله من ملاحقة الجيش الإسرائيلي الكبير الذي يفر عائداً إلى الديار.‏

وبعد ان فررنا، في عام 2000، بعد ان صرح باراك بأنهم إذا واصلوا ملاحقتنا فإن الأرض ستهتز اختار الفرار مرة أخرى وعدم الرد على الاختطاف إياه. إسرائيل فقدت السيادة على الشمال. الجيش الإسرائيلي انثنى، حنى الرأس، ترك لمصيرها طرقات الجدار وطرقاته لحزب الله. كان واضحا بان الاختطاف التالي في الطريق.‏

نصر الله عزيز العالم العربي، بيت العنكبوت التي أعلن عنه بدا واقعيا. من كل هذا أنقذنا اولمرت، عمير بيرتس ودان حالوتس في 12 تموز. ينبغي قول هذا بصوت عال. إهمال الجيش الإسرائيلي، كما انكشف في تلك المناسبة، مسجل على اسم أناس كباراك، موفاز و موشيه يعلون، بمساعدة كبيرة من شارون و نتنياهو (كوزير للمالية). لم يكن هذا ذنب المسؤولين في 2006، ولهذا كان محقا دان حالوتس أمس، محقا تماما، رغم ان نواقصه اكتسبها باستقامة. لو كان أقل تبجحا بقليل في 12 تموز، ما كان ليأمر بتنفيذ الخطط كما هي، لجند الاحتياط، لاستخدم مقر القيادة، وشخص جيداً أننا في حرب ولأجل بعض الشيء باع أسهمه في البورصة، ولكان الأمر بدا على نحو أفضل. من جهة أخرى، لو بدا هذا على نحو أفضل، لما كنا نفهم حجم الحفرة التي كنا غارقين فيها في تموز 2006، الحفرة التي حفرها، أكثر من اي شخص آخر، ايهود باراك.‏

 بقلم: بن كاسبيت‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية