تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الطبخة إذ احترقت!!

على الملأ
الثلاثاء 14-7-2009م
علي نصر الله

في نيسان الماضي خرج قادة مجموعة العشرين من اجتماعهم في لندن بالاتفاق على ضخ تريليون دولار اضافية في الاقتصاد العالمي المضطرب

لاحداث أنفراجة في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ، وقالت ان دول المجموعة ستنفق نهاية 2010 مامجموعه خمسة آلاف مليار دولار لتحفيز الاقتصاد.‏

وفي ختام اجتماعها بواشنطن في تشرين الثاني في 2008 أعطت المجموعة نفسها مهلة عام واحد لاصلاح النظام المالي العالمي وانجاز مجموعة قوانين جديدة لهذا النظام ..بقي اربعة اشهر على انتهاء المهلة فهل انتهى الخبراء والمسؤولون من اعداد منظومة القوانين الجديدة؟.‏

ومابين اجتماعي المجموعة وبين قمتها المقرر عقدها في باريس 2010 انتهت قمة الثماني التي عقدت الاسبوع الماضي في ايطاليا الى لاشيء فلا توافق على ملفات الطاقة والمناخ والاحتباس الحراري، ولا إجماع على اعتماد عملة احتياطية عالمية بديلة عن الدولار، ولم يتم التطرق لوفاء الدول صاحبة اكبر اقتصاديات في العالم بالتزاماتها تجاه العديد من القضايا المطروحة سوى انها تعهدت بإنفاق 15- 20 مليار دولار على الاستثمار الزراعي لمساعدة الدول الفقيرة لاسيما في افريقيا.‏

النتيجة المرئية الوحيدة التي تحققت من كل هذه الاجتماعات والقمم المتلاحقة هي التمكن حتى الآن من منع انهيار النظام المالي العالمي والاقتصادات الكبرى المرتبطة به، لكن من دون القيام بإصلاحات حقيقية تحمي من الانهيارات المحتملة والقادمة حسب المحللين والاكاديميين على ان النتيجة التي كان ينبغي التوصل لها -وهي غير مرئية على الاقل للبعض - هي انه اصبح من المتعذر على هذه الدول ان تقود او تتحكم وحدها بالعالم ولابد من اشراك الدول النامية وذات الاقتصادات الناشئة بالقرار السياسي والاقتصادي العالمي.‏

ربما تكون النتائج الهزيلة التي انتهت اليها اجتماعات «الثماني» و«العشرين» و«السبع» جديرة بالتوقف عندها ، وربما يكون منطقيا التوقف عند الخلافات القائمة بين قادة هذه الدول حول مسألة إشراك بقية دول العالم برسم الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية الدولية، لكن مايستدعي التوقف عنده باستهجان ، نظرة التعالي الغربية التي عبر عنها رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني «بأن الطبخة ستحترق ان كثر الطباخون» في اشارة الى رفضه فكرة المشاركة أو مجرد توسيع مجموعة الثماني مايدل دلالة واضحة على حيوية الارث الاستعماري والايديولوجي المتعالي والمستكبر واستمرارية عيشه في عقل وباطن الغرب.‏

الغريب هنا والمستهجن ان يصدر ذلك التعبير عن السيد برلسكوني الذي اراد ان يوحي بأن الطبخة لم تحترق بعد ، بينما الذي يحترق بين يديه شخصيا هو اكثر من القفازات وماعليه إلا ان ينشط حاسة الشم لديه ليدرك الحقيقة، وليتذكر ان حجم الدين العام في ايطاليا تجاوز حجم ناتجها المحلي بنسبة مئة بالمئة!!!.‏

الطبخة إذاً.. احترقت والمكابرة لن تنفع كما لن تنفع كل جرعات الدعم المؤقتة مالم يتم التخلي عن السياسات الاقتصادية الليبرالية، ومالم يجر بسرعة العمل الجاد على اصلاح جوهر النظام المالي الرأسمالي لان الازمة هي أزمة بنيوية وليست طارئة، وستثبت الشهور القادمة وليس السنوات ان هذه الدول ستبلغ مرحلة إعلان العجز عن تحمل الاعباء الصحية والخدمية والتعليمية والاجتماعية ، وستواجه تحديات من نوع آخر أولها البحث عن وعاء جديد تضع فيه طبخة جديدة .‏

ali.na-66@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية