تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في حدث.. كتاب في وقته

آراء
الخميس 26-4-2012
د. اسكندر لوقا

قليلة هي المؤلفات التي تصدر في وقتها المناسب بيد أن هذه القاعدة ليست ثابتة كما نعلم، وهذا ما برهن عليه كتاب الدكتورة خولة يوسف القيّم الصادر مؤخراً بشأن العقوبات الاقتصادية الدولية المتخذة في مجلس الأمن وانعكاسات تطبيقها على حقوق الإنسان.

يصدر هذا الكتاب، كما أشرت، في وقته وبوقوف قارئه على أسباب صدور العقوبات الدولية بحق هذا البلد أو ذاك، يكتشف أن هذه العقوبات كثيراً ما تتنافى، أخلاقياً على الأقل، مع وظيفة الجمعية العامة للأمم المتحدة والتزاماتها بالوقوف فعلاً لا قولاً، إلى جانب حقوق الإنسان لا الالتفاف على هذه الحقوق بذرائع الدفاع عنها إرضاء لنوازع الحقد الكامنة في نفس هذا الطرف أو ذاك ضد الآخر كلما سنحت له الفرصة متنقلاً بين دائرة وأخرى في أروقة المنظمة الدولية وتوابعها وتحديداً في مجلس الأمن.‏

إن وقفة مع عنوان الكتاب« العقوبات الاقتصادية الدولية» لا بد أن يثير شهية القارئ المتتبع للشأن السياسي في منطقتنا العربية عموماً وفي سورية على وجه التحديد في الوقت الحالي.‏

إن المواطن العربي السوري سبق أن خبر مثل هذه العقوبات المتخذة مؤخراً ضد لقمة عيشه منذ سنوات طويلة، وخصوصاً بعد خروجها، في العقود الأربعة الأخيرة عن طاعة أوامر البعض من أولياء الأمر في المنظمة الدولية وتوابعها.‏

ومن هنا قدرته الآن على تفهم النوايا المبيتة بجعل ظاهره على الجدار وراءه، وذلك بغية دفعه لقبول ما يملى عليه، بيد أن هذه المحاولة كما المحاولات السابقة، سيكون مآلها الفشل آجلاً كان ذلك أم عاجلاً.‏

إن المواطنين العرب السوريين، في سياق مواجهتهم هذه الغطرسة التي تبديها دوائر القرار في الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها، قادرون على تخطيها بما يختزنونه في ذاكرتهم من تداعيات الخبرات السابقة، وبينها الصمود والتحدي في آن، الصمود في مواجهة انعكاسات الحدث الذي يولد نزيف الدماء في بيوتهم ومكاتبهم وأحياء مدنهم وقراهم، والتحدي الذي يتبدى في وقفة العز والكرامة وعدم التنازل عن حقهم في العيش في بلد الأمن والأمان.‏

كتاب الدكتورة خولة يوسف، فيه العديد من النقاط المرتبطة بحيثيات بنود العقوبات الاقتصادية التي اتخذت بحق سورية استجابة لإرادة ملاك الدولار والنفط، بأمل إخضاعها قسراً للأمر الواقع، كأنما هي في حال مواجهة معادلة البحر من أمامكم والعدو من ورائكم، في حين يعلم المواطنون في سورية العرب، قلب العرب، أن تخطيهم هذه المرحلة سوف يمكنهم مهما طال الزمن من لجم أمواج الحقد والتآمر على وطنهم سورية، أرضاً وإنساناً وتاريخاً.‏

Drlouka@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية