تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة فــــــــــــي حـدث...أسرار وأكاذيب...

آراء
الأربعاء 8-7-2009
د. اسكندر لوقا

يذكرنا مانسمعه هذه الأيام من أن ثمة اتجاهاً في بريطانيا للتحقيق مع المشاركين في الحرب على العراق، بكتاب «أسرار وأكاذيب» لمؤلفه الأميركي «ديليب هيرو»

الذي صدر عن دار النشر «ناشن بوكس» في نيويورك سنة 2004، رأى هيرو في كتابه المذكور أن مبررات الحرب الأنغلو - أميركية على العراق في سنة 2003 تثير السخرية لدى قارئه، كذلك لدى المتتبعين لمجريات ماقبل الحرب وخصوصاً مايتعلق منها بالتصريحات التي كانت تصدر من جهات مختلفة لارابط بينها سوى تلفيق واقع يستدعي المداخلة.‏

ويقرن «هيرو» وجهة نظره في هذه القضية بقوله: إن ما يثبت رأيه هذا ماجاء على لسان وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، كولن باول، أمام مجلس الأمن، أن حرب العراق هي أول حرب وقائية، وذلك منذ غزو الامبراطورية النمساوية - الهنغارية لصربيا في سنة 1914، أي سنة اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918).‏

ونحن نعلم،أن ثمة أسباباً غيبية حقاً جعلت الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن يشن حربه على العراق، وذلك بتأثير الكنيسة الأنجليكانية عليه، وهذا ما جرى توكيده من قبل الرئيس بوش بقوله لمحمود عباس رئيس السلطة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فيما بعد بالحرف: لقد أمرني الرب أن أضرب القاعدة وقد ضربتهم، ثم أمرني الرب أن أضرب العراق وقد ضربته، والآن أنا مصمم على حل مشكلة الشرق الأوسط.‏

وإذا جاز لنا أن نصدق هذه الأقوال، وانتهينا إلى الاعتراف بأن ضرب القاعدة وكذلك ضرب العراق قد تم لأن الرب أمر الرئيس بوش بذلك على حد قوله، فلماذا لم ينجح في حل المشكلة في الشرق الأوسط مادام هو على علاقة شفافة مع الرب، بل زادها تعقيداً؟ هل لأن الرب، سبحانه وتعالى، لم يأمره بإنجاز هذه المهمة بالقوة كما فعل في أفغانستان والعراق وقبل ذلك في دول البلقان؟ أم لأن الرئيس بوش كان يعمل بهدي من أحلام وكوابيس كانت تراوده وهو نائم ولادخل للرب في ترتيب أوضاع العالم على نحو ماحاول الرئيس بوش أن يرتبه؟‏

وبطبيعة الحال فإن كتاباً كهذا كان لابد أن يثير موجة من التساؤلات بينها: هل إن الحرب على العراق كانت حقاً خارج إطار قرارات مجلس الأمن وبعيدة عن القانون الدولي؟ إن الكاتب «هيرو» يراهاكذلك بالفعل، ويرى أنها كانت بعيدة عن المسوغات القانونية أو حتى العقلانية، ومن هنا كانت و مازالت مضاعفاتها فوق تصور حتى المخططين لها ومنفذيها.‏

وما يؤكد بعدها عن المسوغات القانونية، لا الإنسانية وبالتالي الأخلاقية فقط، أننا مازلنا نذكر للرئيس بوش قوله ذات مرة محدثاً مجموعة من رجال الدين استقبلهم في البيت الأبيض وبحفاوة بالغة: لولا الإيمان ولولا قوة الصلاة لكنت الآن في أحد بارات تكساس، وليس في البيت الأبيض!‏

ولايدري أحدنا، بعد مرور كل هذه السنوات على تاريخ الثالث عشر من شهر نيسان عام 2003 كم من المؤلفات التي ستصدر في المستقبل حول مسوغات حرب العراق، كذلك الحروب الأميركية «الاستباقية» التي نفذت قبل عام 2003، لأن ما تبع هذه الحروب، وحرب العراق، تحديداً، لايعادله حدث في التاريخ المعاصر رافقته فضائح كالتي لحقت بسمعة الاستخبارات الأميركية باعتراف كثيرين ممن ضللوا أو ضللوا في الوقت ذاته، وذلك على خلفية تبعات حرب العراق منذ ساعة اندلاعها، وفي اعتقادنا أن مضاعفات هذه الفضائح ستبقى ماثلة في ذاكرة الشعوب إلى أمد غير محدود.‏

dr-louka@maktoob.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية