|
ثقافة علما أن قراءة متأنية في تراثنا الشعري العربي تؤكد بطلان هذا القول جملة وتفصيلاً ،فشعر امرئ القيس الخالد الرائع كله معاناة ويخلو خلواً تاماً من أي كذب. بدءاً من معاناته في حب النساء مروراً بمعاناته الوجودية: وليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع الهموم ليبتلي. وصولاً إلى معاناته في مقتل أبيه... بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا . فقلت له لاتبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا . أما نهايته فكانت مأساوية انتهت بمقتله. إن رصد المعاناة في تراثنا الشعري العربي يحتاج إلى آلاف الصفحات. خذ المعاناة النبيلة لدى الشعراء الصعاليك كقول الشنفرى: ولي دونكم أهلون سيد عملس / وأرقط ذهلول وصفراء عيطل، آخر أظنه لعروه بن الورد: أقسم جسمي في جسوم كثيرة / وأحسو قراح الماء والماء بارد. وخذ معاناة الشعراء العذريين، خذ معاناة المتنبي وأشعاره في السفر والغربة ونهايته المأساوية: تغرب لا مستعظماً غير نفسه / ولاقابلاً إلا لخالقه حكما. خذ معاناته مع سيف الدولة ومع كافور أختم بالسياب الذي يتربع بجدارة على عرش المعاناة الذاتية والموضوعية وخاصة في رائعتيه أنشودة المطر وغريب على الخليج: وعلى الرمال على الخليج جلس الغريب يسرح البصر المحير في الخليج ويهد أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج فعروة وحياته جبلة آلام، ونهايته أيضا مأساوية وأما أعذب الشعر أكذبه فهو قول غير مقنع. |
|