تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقة بأجهزة الرقابة

على الملأ
الأربعاء 8-7-2009
علي نصر الله

غني عن التعريف أن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش هي جهاز يمارس دوره الرقابي على أداء مؤسسات القطاع العام،

وكذلك الجهاز المركزي للرقابة المالية،وهما-كجهازين- يرتبطان مباشرة بالسلطة التنفيذية مايعني أنهما على اتصال مباشر بها.‏

رئيس الحكومة في الاجتماع النوعي الذي عقده قبل يومين مع الهيئة أعاد التذكير بقانون إحداثها وبالأسباب الموجبة لصدورالقانون مؤكداً على تعزيز دور الجهات الرقابية ورفع سوية الأداء وتطوير العمل لتحقيق الغايات الأساسية «حماية المال العام، مكافحة الفساد، تحسين الانتاجية ، دعم المبادرات وتطوير آليات العمل والإصلاح الإداري والاقتصادي».‏

وعليه فإن الأصل في التشريع والهدف الأساسي منه تحقيق غايتين تتساويان في الأهمية وترتبطان ببعضهما البعض ارتباطاً عضوياً هما كشف الأخطاء والارتكابات، والبحث في آليات تطوير العمل والاصلاح لمنع احتمالات تكرار هذه الأخطاء والارتكابات.‏

واقعاً هذا مايحصل، وكثيراً ماوضعت الجهات الرقابية يدها على أخطاء وارتكابات وحالات فساد هنا وهناك حمت من خلالها المال العام أو أعادته، وأفضت إلى محاسبة المسؤولين وأحالتهم إلى القضاء، وأدى العمل الرقابي في مساره العريض وأدائه العام إلى معالجات إدارية وقانونية شكلت ضمانة لعدم تكرار هذه الحالات لكن إلى حين!!..‏

لماذا إلى حين؟! لأن المعنيين بالفساد طوروا أنفسهم أيضاً وتمكنوا من الالتفاف على النصوص والحلول الجديدة، فضلاً عن أن الفساد ذاته لايعلن عن مكان إقامته، إذ إنه لايقيم في مؤسسة دون أخرى وربما يكون تسلل إلى أجهزة الرقابة ذاتها أو سجل بعض الاختراقات فيها.‏

إلى الإعلام والصحافة كثيراً ماتصل- بطريقة أو بأخرى- تقارير تفتيشية تشير إلى ارتكابات وحالات فساد في مؤسسات القطاع العام والخاص إن لجهة الممارسات أو لجهة الحصول على تراخيص أو مستلزمات وإعفاءات غير مبررة تثير التساؤلات وتقود إلى القناعة بحتمية وجود ارتكابات غالباً ما تؤكدها الوقائع، وتخلص في المحصلة إلى توصيات تأمل من هذه الجهة أو تلك أن تتخذ القرارات المناسبة.. لكن القرارات المأمولة لاتصدر؟!.‏

رغم مساعدتها بصناعة القرار إلا أن الأيام والأسابيع والأشهر تمضي ولاتصدر القرارات، ورغم قيام الإعلام بنشر التقارير التفتيشية والتوصيات والاضاءة على حيثيات متصلة فإن القرارات لاتصدر، كيف ولماذا وما اعتبارات السادة الوزراء الذين خاطبتهم الهيئة وقدمت لهم الأرقام والأدلة والمعطيات ؟!.‏

الرقابة والتفتيش ليست منزهة عن الخطأ وكوادرها بشر أيضا، وقد يقع أحدهم بالخطأ وربما تضلله الوثائق والأرقام، إلا أن إهمال نتائج عمله المضني الذي استغرق زمنا طويلاً بحثاً وتدقيقاً في الوثائق والمراسلات والكتب والأرقام قد يقوده إلى مسارات أخرى وإلى قناعات بعدم الجدوى وفقدان الثقة، وهو أخطر مايمكن أن يتسلل إلى الجهاز الرقابي، فهل يمنح مزيدا من الثقة تحصيناً له وتعزيزاً لدوره المزدوج في كشف ومكافحة الفساد، وفي تشجيع المبادرات الخلاقة التي تدفع بالإصلاح وتطوير آليات العمل كما أكد السيد رئيس مجلس الوزراء؟!..‏

ali.na-66@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية