|
الافتتاحية تصريح بايدن مخيف من ناحية، ومخيّب للآمال من نواحٍ عدة، وما عدا ذلك لا شيء.. إسرائيل لم تكن لتنتظر إشارة بايدن ولا غيره ولا الولايات المتحدة كلها لضرب منشآت إيران النووية لو توقعت أن تحقق ذلك بقليل الخسائر،أو دون احتمال الهلاك، وهو ما فعلته عندما ضربت مفاعل «تموز» العراقي.. لم تطلب إذناً من أحد إنما أعلمت بالأمر، بل استفادت من الدعم «اللوجستي» على الأقل من دول عديدة.. مع إيران.. الحسابات مختلفة جداً.. لذلك لا يعني - من ناحية المبدأ – كرت بايدن الأخضر أي شيء إلا فيما استثنيته من ناحيتين إحداهما مخيفة والأخرى مخيبة للآمال. المخيف أن يكون كلام بايدن العدواني ضد إيران يخفي استعداداً لما هو أكثر من الضوء الأخضر.. والخوف لن يعتري إيران وحدها، بل المنطقة بأسرها وأبعد منها وصولاً إلى الولايات المتحدة نفسها. من هذا الجانب يأتي تصريح الرئيس الامريكي مطمئناً. المنطقة، وربما بإجماع دولها وقادتها السياسيين والعسكريين، ليست قادرة على تقبل عمليات عسكرية بهذا الحجم أبداً.. وأستسخف القول: إن العربية السعودية ستسمح للطائرات الإسرائيلية بالعبور فوق أراضيها عندما تتوجه لضرب إيران.. هذا كلام دعائي معاد للسعودية أولاً وقبل الجميع، وهو لا بد أن يكون عار عن الصحة. أما المخيب للآمال في تصريح بايدن فهو أنه نائب الرئيس الأميركي.. وله سابق كلام يستهجن فيه التفكير بحل المشكلة مع إيران بالطرق العسكرية.. فما باله اليوم دون سابق إنذار يرسل هذا التهديد الحقيقي، وغير المبطن لإيران، أم أنه يظن أن إسرائيل تستطيع بهذه السهولة ضرب إيران؟! لا أعتقده يظن ذلك، إذ علينا ألا ننسى أنه نائب الرئيس الأميركي حتى وإن نسي هو..؟! تصريحات البيت الأبيض والبنتاغون التي تعاملت بشكل غير مباشر مع دعوة بايدن بهدف التخفيف منها تشير إلى احتمال أن يكون ثمة خلل في الانسجام داخل الإدارة الأميركية. لقد فتحت إدارة الرئيس أوباما عدة نوافذ في المحيط العالمي لمرور الضوء والصوت لإقامة الحوار الشفاف، بعيداً عن الوعيد والتهديد، محاولة الانتصار على الإخفاق الذي وقعت فيه الإدارة السابقة نتيجة سياستها التي حفظت شيئاً واحداً من إمكانات القطب الواحد في العالم وهو السيطرة والهيمنة. وإذ تفشل محاولات الإدارة السابقة في الهيمنة والسيطرة تفشل معها اعتبارات القطب الواحد.. لأن الجانب الآخر لمهمته لم يعمل به أحد أصلاً.. «جانب التعاون العالمي المشترك للتنمية ومكافحة مشكلات البشرية».. بل إن الولايات المتحدة بظل الإدارة السابقة رفضت المشاركة في التوجهات الدولية لبناء سياسة تنمية عالمية لحل هذه المشكلات. إلى الآن يبدو أن إدارة الرئيس أوباما تعي هذا الجانب.. وكان حديثاً واعداً عن مواجهة مشكلات البشرية بدءاً من الحروب والبحث عن السلام، وانتهاء باتفاقات منع الانبعاث الحراري في أجواء الأرض.. كان الأمل أن يحقق الرئيس أوباما بالشفافية والحوار ومعالجة مشكلات البشر توصيف القطب العالمي.. أو قيادة العالم.. وإذا كان ثمة أكثر من عنصر يجعل الأمل يهتز في النفوس.. فقد جاء حديث بايدن ليخيب الأمل.. مما اضطر الرئيس للتدخل والرد المباشر على نائبه.. هل ثمة ضعف في السيطرة على توجهات القرار الاميركي «القطب الواحد»؟!. a-abboud@scs-net.org |
|