تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كتـاب مطبـوع من 597 صفحـة لا يتداولــه أحــد..أوراق «غابــــــــــو» المهملـــــــــــــة

فضاءات ثقافية
الأحد 10-3-2013
هناك مقولة تطلق على أي محظوظ: إن كل ما يلمسه يصير ذهباً، وجاء الروائي والصحفي العالمي غابرييل غارثيا ماركيز ليؤكد مقولة أخرى خاصة به: إن كل ما يرتبط باسمه يصير ذهباً، والقول ينطبق على أي شيء خاص بصاحب رواية «مئة عام من العزلة» وغيرها من الروايات الرائعة

التي باعت مئات الملايين من النسخ في جميع البلدان وبكل اللغات. علماً إن ماركيز الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1982، لم يكمل من مذكراته سوى الجزء الأول الصادر فيتشرين الأول من عام 2003، تحت عنوان: «أن تعيش لتحكي».‏

قبل ثلاثة أعوام باعت كارمن بالسيلز وكيلة أعمال غابرييل غارثيا ماركيز مخطوطاته، وتأشيراته على «البروفات» المطبعية التي كان يراجعها قبل المرحلة النهائية من صدور كتبه، وكذلك أوراقه الخاصة التي كان يتركها عندها كلما زارها في برشلونة. تخلت بالسيلز عن تلك الأوراق لوزارة الثقافة الأسبانية باتفاق شهير مقابل ثلاثة ملايين يورو، وبالطبع فإن صاحب الأوراق الحقيقي لم ولن يحصل على سنت واحد من تلك الأموال، لأن تلك الأوراق ليست ملكاً مباشراً له، وإنما ملك من راهنت عليه منذ البداية ودفعت به إلى مقدمة صفوف الكتّاب العالميين.‏

وهذه الأيام يتحدث الصحافيون من أصدقاء ماركيز همساً عن كتاب تمت طباعته وتوزيعه مجاناً قبل سنوات قليلة، ومع ذلك أصبح اليوم يساوي الملايين، ومن يحتفظ به لسنوات قادمة ربما يساوي أكثر، وقد تقام عليه مزادات على طريقة المزادات التي تقام لبيع اللوحات والتحف الفنية لكبار الفنانين. إنه كتاب «غابو... صحافياً» الذي يحتوي على 597 صفحة، قامت بطباعته دار النشر المكسيكية الشهيرة: «الفوندو ايكونومكو دي كولتورا» (الصندوق الاقتصادي للثقافة) بدعم من مؤسسة «الصحافة الجديدة» التي أسسها ماركيز قبل سنوات لإعداد وتدريب الصحافيين من بلاد أميركا اللاتينية الناطقة باللغة الأسبانية.‏

حسب أحد هؤلاء الصحافيين الذين يملكون نسخة من كتاب «غابو.. صحافياً» فإن الكتاب يعتمد على مجموعة من الصور والنصوص التي تتناول الكاتب العالمي في جميع مراحل حياته، بداية من حياته في قريته «بارانكيا» ثم انتقاله بعد ذلك للدراسة في العاصمة الكولومبية «بوغوتا»، وسنوات تشرده بحثاً عن عمل يسد رمقه به، وأيام عشقه لزوجته مرثيدس بارشا، وتنقله في بلاد العالم، وبشكل خاص في فرنسا وايطاليا كمراسل صحافي بدون أجر في كثير من الأحيان، ولقاءاته بكبار الشخصيات التي ارتبط بها وارتبطت به. الفريد في الأمر أن من قام بتجميع تلك الصور والنصوص الصحافي الإنكليزي جون لي اندرسون، وكان مجتهداً أن تكون تلك النصوص تعبيراً عن مسيرة ماركيز الذي بدأ حياته صحافياً ولم يكن يفكر في كتابة لا القصة ولا الرواية لأن الأدب بالنسبة له كان ولا يزال هو «الشعر»، وهو الأمر الذي لم ينجح في تحقيقه ليأخذه فن الرواية التي لم يتطلع إليها إلى آفاق لم يصلها كاتب روائي من قبل.‏

تتناول النصوص التي ضمها الكتاب مقالات وقعها ماركيز باسمه صراحة وأخرى وقعها بأسماء مستعارة، فنجده في مقال يعلن رفضه لإجراء المقابلات الصحفية، وفي آخر يحكي تلك الحادثة الشهيرة التي بدأت تحقيقاً صحفياً ثم تحولت إلى كتاب شهير «حكاية غريق»، ثم مقاله عن لقائه بالمطربة المعروفة «شاكيرا» أو الحوار أو الدردشة الصحفية التي كتبها عن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز وتناولت رحلته ذهاباً وعودة من كاركاس في فنزويلا إلى هافانا في كوبا، والتي فاجأ القراء بوصفه له «من فاجأني أنني قضيت رحلتي أتحاور مع رجلين متناقضين، أحدهما خدمه الحظ لإنقاذ وطنه، وآخر حالم يمكنه أن يمر بالتاريخ كواحد من أولئك الذين حلموا وانتهوا إلى لاشيء»، محاورة نشرها ماركيز في كولومبيا عام 1999‏

وفي الكتاب أيضاً نص ماركيز الشهير «رائحة الجوافة» الذي كتبه إثر اختطاف صديقته الصحفية على أيدي ثوار كولومبيا ثم إطلاق سراحها فيما بعد، إضافة إلى نصوص كتبها أصدقاء ماركيز ممن مارسوا مهنة الصحافة أو عرفوه في تلك الحقبة من كولومبيا والمكسيك والأرجنتين وكوبا وأسبانيا وغيرها من البلدان التي تنقل فيها، ثم هناك وريقات صغيرة تبدو أفكاراً طرأت على ذهنه وسجل فيها مواقف تعكس ما يفكر فيه مثل «ايزنهاور يشتري ألعاباً لأحفاده في لقاء قمة جدي في قمة الحرب البارة»، أو تحقيقات صحافية جادة كتلك التي نشرها بعد متابعته «الثور الساندينية»، وكثير من المقالات المهمة التي كان ينشرها تباعاً في جريدة «الباييس» الأسبانية معبراً فيها عن مواقفه من قضايا محلية وعالمية. وينتهي الكتاب بحوار غاية في الغرابة مع مرثيدس بارشا زوجة ماركيز تكاد تكون إجاباتها جميعا تتلخص في «نعم» أو «لا» دون شرح أو تفصيل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية