|
شؤون سياسية أسباب التوتر الذي ساد مصر كان : رفض الأحكام التي اعتبرت مخففة بحق مبارك ووزير داخليته : أي رفض الحكم بالمؤبد بحقهما ورفض تبرئة جمال وعلاء مبارك من تهم بعينها وبراءة الجنرالات الستة المساعدين لوزير الداخلية العادلي . ومما زاد الطين بلة هو نتائج انتخابات الرئاسة في جولتها الاولى . حيث صعد الى الجولة الثانية محمد مرسي ممثل الاخوان المسلمين واحمد شفيق الذي يعرف عنه انه من فلول نظام مبارك ( آخر رئيس وزارة في عهد مبارك ) . الثوار الشباب الذين أشعلوا فتيل الخامس والعشرين من كانون الثاني 2011 شعروا بأكثر من خيبة امل . كان المتوقع - على الاقل - ان يصعد حمدين صباحي القومي التقدمي الذي فاز ثالثا ولم يصعد الى الجولة الثانية . الاعتراضات الشعبية صبت جام غضبها على ما تسميه ( حكم العسكر ) الذي تحمله مسؤولية تردي الاوضاع والفشل في تقديم ما وعدت به الثورة من خلال شبابها . بل ان منهم من قال اننا مخيرون بين الموت بالكوليرا او الموت بالطاعون . رفض الشارع الثائر وصول مرسي وشفيق خاصة ان الاخير يحتمل ان يصدر بحقه قرار بحرمانه من الترشح اساسا للرئاسة في الرابع عشر من هذا الشهر أي قبل يومين من موعد الجولة الثانية من الانتخابات . يأخذ المصريون على العسكر وعلى القضاء دفعة واحدة مع تأكيد رفضهم ان يخيروا بين ( حكم الاخوان وحكم ايتام نظام مبارك ) . ويقولون في ساحة التحرير إنهم يرفضون سرقة الثورة وانهم مستعدون لمواصلة مسار الثورة من جديد والى ان تتحقق الاهداف التي ثار من اجلها الشعب المصري . الحقيقة ان مصر الآن بين اربع فرق او اربعة اتجاهات : اولا : الثوار الذين نزلوا الى ميدان التحرير يوم 25 كانون الثاني 2011 ثانيا : التيار الديني السياسي : الاخوان والسلفيون ثالثا : المجلس العسكري رابعا : فلول نظام حسني مبارك . المشكلة كما نراها تتلخص في ان مجريات الاحداث في مصر لم تتحرك ايجابيا منذ تولي العسكريين هذه السلطة . المشكلة هي في اتخاذ قرارات وانجاز قوانين وتشريعات خاصة – بعيدا عن البحث في دستور جديد لمصر . فمن التعديلات القانونية التي اعلنها المجلس العسكري المادة 28 التي تولي الحكم في انتخابات الرئاسة للجنة قضائية احكامها ملزمة ولايجوز أي اعتراض عليها من أي جهة كانت .: فالمشكلة ، اذاً ان المسار بدأ بوضع العربة امام الحصان : أما كيف فعدم الشروع في كتابة دستور جديد لعرضه على الجماهير في استفتاء جعل التعديلات الملحقة هي الحكم . فحتى اليوم لا احد يعرف ماهي صلاحيات الرئيس الجديد ولا احد يعرف ان كانت السلطة التشريعية مالكة قرارها ام ان السلطة التنفيذية بيدها القرار .وعليه منذ البدء كان الخطأ الذي جر الى مزيد من الاخطاء . كان يجب ان يكون الدستور اولا ثم بعد اقراره تتم الدعوة لانتخابات تشريعية وبعد الانتخابات التشريعية يذهب المصريون الى انتخابات رئاسية ويكون القانون قد حكم على أهلية ام عدم أهلية المشاركين في الترشح لانتخابات الرئاسة. آنذاك كانت مصر ستستغني عن مشكلة من مثل مشكلة احمد شفيق. كما ان المنتخبين من ابناء مصر كانوا سيعرفون من ينتخبون . الآن هناك معضلة جديدة فعلى فرض ان المحكمة العليا حكمت بعزل شفيق . ماذا سيحدث ؟ انتخابات رئاسية جديدة ؟ ام عودة حكم العسكر ستة اشهر مثلا بعد الاتفاق على شروط اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور التي هي حتى اليوم معرض اخذ ورد . ان مصر في حال حيرة واضطراب والصراع بين الثورة والثورة المضادة ماضية الى مساحات جديدة الى جانب الخلافات بين الثوار الحقيقيين الذين لم يوحدوا موقفهم من مرشح بعينه للرئاسة وبينهم وبين من قفز على اكتافهم ليفوز في المجلس التشريعي . العربة امام الحصان مشكلة ولدت سواها وهناك من يتربص بالمشروع الثوري المصري لاختطافه او لحرفه عن مساره الطبيعي . والبداية الخاطئة تقود حتما الى سلسلة من الأخطاء التي قد تصيب الشعب بالإحباط واليأس ما يفسح المجال امام المتصيدين والانتهازيين للقفز الى السلطة عنوة او بالحيلة . اللهم انقذ مصر العرب من اجلها ومن اجل امتها ودورها ومستقبلها. |
|