|
لوموند وبالطبع، عدد كبير من هؤلاء من الثوار لم يتمكنوا الإفلات من قبضة الاعتقال التعسفي والزج بهم وراء قضبان السجون البدائية، ولم يكن أولهم، الناشط في حقوق الإنسان، عبد الهادي الخواجة وقد أُفرج عنه مؤخراً بعد الحكم عليه بالسجن المؤبد. ولن يكون آخرهم زينب عبد الهادي الخواجة، ثلاثون ربيعاً، إذ تم اعتقالها وقذفها في سجن بدائي قبل 21 نيسان الماضي وما انفكّت تشارك حتى هذه اللحظة رفاقها في الكفاح بصمت عبر رسائلها الورقية المتتابعة: «إن ما أنتظره ليس خروجي من السجن (..)، ما أصبو وأحلم به هي الحرية وليس تحريري.. أقضي نهاري وليلي في الإصغاء إلى جدران زنزانتي، تحكي لي أشعار سجين سياسي آخر (...) وتذكرني بأن النضال من أجل الحرية ينبغي أن يستمر (..) إني أُعجب بعزم وصبر إخوتي وأخواتي المعتقلات، ما يمنحني مزيداً من التفاؤل». المناضلة زينب الخواجة تعرضت للحبس مرات كثيرة ولاستجوابات متعددة منذ انطلاقة الثورة في شباط 2011، على خلفية اتهامها بالمشاركة في تظاهرات غير مشروعة، والتحريض على كره نظام آل خليفة والاعتداء على شرطية، وانخراطها في تجارة غير مشروعة.. أما هي نتؤكد براءتها على الدوام من هذه التهم. في رسالتها الأخيرة تقول محذرة: «لن أحضر أياً من جلسات محاكماتي» في 24 أيار الماضي، أقرت المحكمة بالتهمة الموجهة لها والمتمثلة في مشاركتها في تجمعات غير شرعية مع محاكمتها بالسجن لمدة شهر آخر ثم محاكمتها بعد شهور قليلة، بدفع غرامة مالية بقيمة 200 دينار بحريني بسبب مخاطبتها للشرطي بكلمات سبّ وشتم وقدح. ومع انطلاقة الثورة البحرينية تعمدت وسائل الإعلام الغربية والعربية التعتيم الكامل على مجرياتها. من المؤكد أن زينب الخواجة لن تفلت من العقوبة رغم ما تتمتع به عائلتها من تاريخ حافل في الدفاع عن حقوق الإنسان. أقرباؤها ومنهم زوجها مازال عدد كبير منهم، منذ انطلاقة الثورة، معتقلين في سجون بدائية. ماذا تقول زينب في إحدى رسائلها عن رفاق درب النضال جعفر علي، حسن؟ «جعفر، شاب بريء تهشّم وجهه الجميل بفعل طلقات رصاص غزيرة، وانفقأت عيناه، للتو وأصدر الحكم فيه خلال دقائق معدودة بدون حضور محامِ (..) حين صرخ القاضي بعد أن نظر إليه بعصبية قائلاً «إنك لمحكوم بالسجن لسنتين اثنتين» حَسَن هو الآخر «تم توقيفه لأكثر من خمس مرات، كما تعرض لسلسلة من أعمال التعذيب والتنكيل». وأما عليّ فقد استشهد على الفور وأقرباؤه شهود على ذلك وهم الآن يمكثون خلف قضبان السجن.. وتمضي زينب في الكتابة «لا أرى نفسي زينب فقط بل إنني جعفر وحسن وعليّ (..) قضيتي هي قضية سجناء سياسيين أبرياء في البحرين وما أكثرهم.. حريتي لامعنى ولاقيمة لها من دون حرياتهم (..) أجل، أحلم بطفلتي الصغيرة عندما أغفو وحين أستيقظ، ولكنني أعرف أن عودتي إليها، ستبقى روحي في عدم سلام وراحة». تُرى، مَن ينتظر ويترقب إطلاق سراح هذه المناضلة؟ المعارضون، رفاقها، دون شك.. منظمات حقوق الإنسان ومنها منظمة العفو الدولية التي سبق أن طالبت مراراً بالإفراج عنها ولكن وبالطبع لن يكون الدبلوماسيون الغربيون في طابور الانتظار، هؤلاء المصابون بحبسة اللسان والفزع جراء انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد (كالتعذيب والمحاكمات غير العادلة، والاعتقالات التعسفية» ولا كذلك أولئك البحرينيون الموالون للملك وعائلته، والذين يتهمون المعارضين بأنهم بيادق بيد إيران. الموالون والمقربون من آل خليفة أدانوا إيران بسبب تدخلها واحتجاجها على المشروع الحديث قيد الدراسة بين السعودية والبحرين، وهو خطوة باتجاه التقريب بين السلطات الملكية الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي- بينما المعارضون مصرون على رفضه بتشكل قاطع باسم القومية البحرينية. زينب الخواجه لم تتطرق إلى هذه المسألة في رسائلها، ولكن لابد، عندما يُطلق سراحها، وأن تلتحق بركب المتظاهرين المعارضين للمشروع ولتلك الشراكة مع بلد كان أرسل قواتٍ عسكرية لقمع الثورة في المنامة في آذار 2011. بقلم: لورستيفان |
|