تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عن الجوائـــــــز..نـوبــل وعنصــريـة الغـرب.. كواليـس الإقصــاء والتسيـيس

دائرة الثقافة
ثقافة
الاثنين14-10-2019
لا يختلف اثنان على أن نوبل للآداب هي أكثر جوائز العالم شهرة وقدرة على شغل الأوساط الثقافية والفكرية بها ترقبا وترصد ا وبعد ذلك رضى أو غضبا بعد منحها..

هذا كله صحيح مع انها ليست الجائزة الاكثر نقاءوصفاء بل تحمل في طيات تاريخها الكثير من الالغاز والأسرار والتحيز.. هذا العام كان الترقب سيد الموقف وذهب البعض إلى أنها اقتربت جدا من أن تمنح لكاتب آسيوي بل كتب مبدع سوري انها تقترب من سورية منوها بذلك إلى أن شاعرا سوريا قد تمنح له...وهو بشكل دائم يوضع ضمن قائمة المرشحين الدائمين.. مع انه الاكثر شهرة وتأثيرا في المشهد الإبداعي عربيا على الأقل وقامته اكبر من نوبل ومعظم من نالها.. كما أن العشرات من المبدعين العرب هم أكثر رسوخا وقدرة على الابداع والإنجاز ممن نالوها.. هل نعدد بعضا منهم مثل: حنا مينه وبدوي الجبل ونزار قباني ويوسف إدريس وحليم بركات والطيب الصالح ومحمود درويش والسياب والجواهري ونازك الملائكة وفدوى طوقان.. وآخرون كثيرون لا مجال الاستطراد بذكرهم..‏

وعلى كل حال يذكرنا هذا الترقب الذي كان بما حدث يوم نالها نجيب محفوظ إذ ثار يوسف إدريس غاضبا ورأى انه هو الأولى بها ولكنه بارك لمحفوظ بها... ومحفوظ نفسه رشح مينه لها وقال انه يستحقها..وهنا لسنا بصدد طرح سؤال مهم:لماذا لم تمنح بعد محفوظ لأحد من العرب..؟ ربما يبدو السؤال ملغوما بسؤال آخر: هل كان منحها لمحفوظ سياسيا..لن ندخل بهذا السجال الطويل.. ولكن أسبابا أخرى من داخل الفكر الغربي تقف وراء هذا التحيز ضد الآخر ومنه العربي.. المركزية الغربية تصر على انها الأساس بكل شيء ولا شيء الا منها وحولها وبتوجيهها.‏

مال وشهرة وتلاعب‏

كما أن الماركات العالمية تجر الشهرة وتجني المال كذلك هي نوبل للآداب لمن ينالها فهي ترسخه من خلال الضخ الإعلامي الذي يرافق صدورها لشهور، ويجر هذا العمل على مستويات مختلفة من لقاءات وحوارات واضاءات ناهيك بترجمة أعماله الأدبية إلى لغات شتى وهذا بدوره يضع اللغة التي يكتب بها موضع الاهتمام كذلك فنونها وآدابها...وكل هذا لا يعني انها صك براءة لإبداع لاقبله ولا بعده وكما أسلفنا ليس سجلها بريئا ولا نظيفا فهل يعقل مثلا أن تمنح لتشرشل عن مذكراته...ولا تمنح لكاتب روسي عظيم‏

مثل دوستويفسكي الذي ترك اعمالا خالدة ستبقى ابدا الدهر..وقد رفضها الكاتب الفرنسي المعروف سارتر..وفتح لرفضه هذا الكثير من النقاشات التي ترسخت اليوم وغدت نوبل موضع شك وصل إلى الحقيقة العام الماضي إذ تم حجبها لأسباب لها علاقة بطريقة الاختيار.. وبكل الاحوال لا تخرج نوبل كما غيرها من الجوائز من إطار التحيز الفعلي ولا يمكن القول أن منح اي جائزة لأي كان يعني أنه الاكثر إبداعا والافضل بين أقرانه لكنها الجوائز هكذا بكل زمان ومكان..‏

وهنا يمكن أن نطرح اكثر من سؤال حول الابداع العربي..ماذا فعلت المؤسسات الثقافية لنقله إلى اللغات الأخرى وهل كان المسؤولون عنها على المستوى المأمول منهم...بل لماذا لم يتم إحداث جائزة عربية مهمة تحمل شيئا من النظافة والقدرة على ترويج الأدب والثقافة.‏

ما حملته نوبل هذا العام كان غير متوقع لأسباب كثيرة لعل في مقدمتها توقفها العام الماضي والعمل على تصحيح المسار...لكن المركزية الغربية كما أشار الدكتور محمد عضيمة طغت على المصداقية وهذا لن يتغير أبدا فالغرب لم ولن يتغير وسيبقى يرى العالم تابعا له,ومجرد امتداد لما يريده وثمة استعمار فعلي رسخه الا وهو الاستعمار الثقافي والإبداعي ولن يتغير المدار في فلكه قبل غسل أدران استعماره,وهذا أمر يحتاج استراتيجيات كبرى وإرادة سياسية تضع الشان الثقافي في مقدمة الأولويات والى أن يتحقق ذلك سنبقى ندور في فراغ التبعية وانتظار نوبل بكل ما فيها ولها وعليها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية