تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


روسيا وإيران.. تقارب تاريخي واندماج بمحاربة الإرهاب في سورية... ضربة عسكرية من العيار الثقيل لواشنطن .. قاذفات موسكو بين حميميم وهمدان

الثورة - رصد وتحليل
أخبار
الأربعاء 17-8-2016
مفاجأة من العيار العسكري الثقيل لواشنطن مطارات وقواعد ايران العسكرية تحت تصرف القاذفات الروسية لمحاربة الارهاب في سورية فما الذي تفعله واشنطن التي باتت تهدد وتتوعد وهي ترى بأم عينها ان الحلف الروسي السوري الايراني يتبلور

وان كانت قاعدة انجرليك والقواعد الأميركية في الخليج تحت تصرف واشنطن ومخططاتها فايران وسورية وروسيا باتوا حلفا عسكريا وسياسيا قادرا على دحر كل هذه المخططات في الشرق الأوسط ولعل التواجد الروسي في قاعدة حميميم السورية وتوسعه الى مطار همدان الإيراني شكل ضربة قاسية لتحالف واشنطن الذي يراهن على كثرته دون مفعوله على الارض في محاربة الارهاب، كما وجه للارهابيين في سورية ضربة قاضية ، وقد قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني تعليقا على فتح مطار همدان امام روسيا بأنها ستساهم في «محو الإرهابيين من سطح الأرض»، مشددا على أن محاولات الإرهابيين استخدام المدنيين كدروع بشرية، وتغيير أسماء تنظيماتهم، لن تساعدهم في إنقاذ أرواحهم.‏

التعاون العسكري بين موسكو وطهران‏

تخطت العلاقات الروسية الايرانية جميع العقبات المرسومة لها من قبل الغرب، وتبلور جل ذلك التعاون في تطوير العلاقات وتثبيتها بعد التوصل إلى الإتفاق النووي الإيراني، إضافة إلى تقاطع رؤى البلدين في ضرورة محاربة الإرهاب وداعميه ولا سيما في سورية والعراق.و تضاعف الحوار والتواصل السياسي بين موسكو وطهران في السنوات الأخيرة. ويعود ذلك على الأرجح إلى إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين الذي كان لديه دائمًا رؤية أكثر تشجيعًا إلى حدٍ ما تجاه إيران، فضلًا عن تسارع تدهور العلاقات الأميركية الروسية.، وتميز العامان 2012و2013 بزيارات متبادلة عديدة لمسؤولين روس وايرانيين.‏

وبدأت العلاقات الروسية الإيرانية تتخذ شكلًا جديدا مع انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013، وبدأ الطرفان يعملان على تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات العسكرية والتجارية الإقتصادية والسياسية.‏

وبدأ التعاون العسكري بين موسكو وطهران عام1989،حيث تؤكد روسيا حق إيران في تعزيز قدراتها الدفاعية، وفي كانون الأول عام 2000،قام وزير الدفاع الروسي، إيجور سيرجييف،بزيارة إلي إيران،هي الأولي من نوعها منذ قيام الثورة الإسلامية.ورغم الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة،والانتقادات الحادة التي وجهتها لموسكو، فإن هذا لم يثن روسيا عن عزمها المضي قدما في التعاون العسكري مع إيران، وتزويدها بمنظومات دفاعية متقدمة.‏

ويتضمن التعاون توريد أنواع حديثة من الدبابات،والغواصات،والمقاتلات،ومنظومات الدفاعات المضادة للأهداف الجوية بعيدة المدي إلي إيران، إضافة إلي تحديث ما بحوزتها من أسلحة سوفيتية الصنع، وتدريب العسكريين الإيرانيين في الأكاديميات الروسية.‏

ولم يؤثر تجميد روسيا صفقة بيع صورايخ «إس300»أرض جو لإيران، بضغوط غربية، عام2010، في التعاون بين البلدين، وإتمام غيرها من الصفقات. فقد أبدت طهران تفهما لحجم الضغوط التي تعرضت لها روسيا آنذاك لتجميد الصفقة.‏

وتؤكد روسيا دوما أن تعاونها العسكري مع إيران ليس موجها ضد أي طرف ثالث، وأنه لتعزيز القدرات الدفاعية لإيران، وأن روسيا تساعد إيران في تحديث آليتها العسكرية لمواجهة التهديدات المختلفة التي تتعرض لها،هذا فضلا عن أن إيران لا تتصدر قائمة الدول الأكثر إنفاقا على مشتريات الأسلحة في المنطقة. إذ إنه وفقا للتقارير الأمريكية ذاتها، فإن حجم مشتريات إيران من الأسلحة أقل من مشتريات (إسرائيل)، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية.‏

يضاف إلي ما سبق التعاون الاستخباراتي والأمني بين موسكو وطهران. فروسيا، خلافا للولايات المتحدة وأوروبا، لا تري في إيران نظرة المتخوف من تعاظم الدور الاقليمي وقد استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بذكاء أن يربط ما يجري في الشيشان بظاهرة الإرهاب،ويحظي بتفهم الدول الاقليمية ،ومنها إيران،للموقف الروسي من القضية الشيشانية،والذي يرفض تماما إجراء أي مباحثات مع القادة الشيشانيين المنشقين الذين يعدهم الكرملين «إرهابيين» يتعين القضاء عليهم.‏

على صعيد آخر، أكدت روسيا أنه منغير المتصور أن يؤدي التعاون العسكري الروسي- الإيراني إلي تغير جذري في التوازن الاستراتيجي في منطقة الخليج العربي، لعدة أمور،من أهمها أن روسيا لا تزود إيران بأي أسلحة هجومية، وإنما بأسلحة دفاعية لا تؤثر في ميزان القوي الإقليمي، وأن التوازن الاستراتيجي في المنطقة يجب أن يأخذ في الحسبان الترسانة العسكرية الأمريكية الضخمة في منطقة الخليج، والتي لا قبل لإيران بها، ولا يمكن لهذه الأخيرة التوازن معها،مهما عززت من قدراتها العسكرية.كما أن تعزيز القدرات الدفاعية الإيرانية قد يبدو أمرا مبررا،خاصة بعد التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بتوجيه ضربات إلي إيران.‏

سياسة موحدة تجاه سورية‏

عكست مواقف البلدين من الأزمة في سورية مدي تقارب الرؤي والسياسات بينهما حول قضايا المنطقة، إذ ترى كل من موسكو وطهران أن واشنطن تسعي إلي إحكام قبضتها على المنطقة، ووضع حد للشراكة المتنامية بين دول المنطقة والقوي الدولية،وفي مقدمتها روسيا والصين، وذلك من خلال إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط جغرافيا وسياسيا، وإضعاف القوي الإقليمية المهمة العربية وغير العربية وخلق كيانات ضعيفة يسهل توجيهها،ولا تمثل خطرا على مصالحها.‏

كما تريان أن تدخلا أمريكيا في سورية قد يكون مقدمة «لتفتيتها واخراجها من المعادلة الإقليمية، التي تشكل حجر الاساس فيها كما ان تدخل اميركا في سورية يفتح الباب أمام تصفية الحسابات القديمة بين الولايات المتحدة وإيران،وكسر شوكة طهران.‏

انطلاقا مما سبق، رفضت الدولتان بشكل قاطع أي تدخل خارجي مباشر أوغير مباشر في الأزمة السورية، واستخدمت موسكو الفيتو داخل مجلس الأمن عدة مرات للحيلولة دون ذلك، وأكدت حتمية الحل السلمي،وجلوس كل الأطراف المعنية على طاولة المفاوضات، وأن هناك ما يسمي بـ «القوة الارهابية»، وهي تنظيم «القاعدة» وتنظيمات إرهابية مقربة مثله مثل «جبهة النصرة» ،وتنظيم «داعش» التي تنامي نشاطها على نحو ملحوظ،وأصبح يهدد ليس فقط سورية، وإنما الأمن الإقليمي بصفة عامة.‏

فضلا عن أن استخدام القوة بشكل واسع ضد الآلاف من المقاتلين المدربين والمسلحين، بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرهما من الدول الغربية، بالإضافة الي السعودية، وقطر،وتركيا، وهي التي تحاول «إسقاط الدولة السورية» بسبب مواقفها المبدئية ودورها المقاوم والممانع للمشاريع الصهيو أميركية في المنطقة.‏

وقد أكدت روسيا أهمية مشاركة إيران، إلي جانب السعودية، في مؤتمر «جنيف-2»الدولي حول سوريا، وضرورة أن يكون هناك تمثيل لكافة الدول التي تؤثر في مختلف أطراف الأزمة في سورية،ومنها إيران.ورحبت موسكو بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون توجيه دعوة رسمية إلي إيران لحضور المؤتمر، ورأت أن رفض الولايات المتحدة والسعودية مشاركة إيران وغيابها عن المؤتمر يعيق التوصل إلي تسوية عادلة ونهائية للأزمة.‏

اجتماع وزراء دفاع روسيا وسورية وإيران مهد الطريق‏

في التاسع من حزيران الماضي جرى لقاء ثلاثي عقد بمبادرة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران بين وزراء دفاع سورية وروسيا وطهران لبحث المسائل المتعلقة بمكافحة الإرهاب في سورية والمنطقة.‏

وقال حينها العماد فهد الفريج وزير الدفاع : إننا مستمرون في مواجهة الإرهاب والتصدى له في كل مكان في سورية بكل إرادة وشجاعة وذلك بدعم أصدقائنا وأشقائنا السياسي والاقتصادي والعسكري مؤكداً أن هزيمة الإرهاب في سورية تعنى هزيمة الإرهاب في المنطقة.وقال نظيره الروسي حينها سيرغي شويغو إن «الإرهاب مشكلة على مستوى العالم ونحن مقتنعون بأن التنسيق على المستوى العالى مهم بهذا الشأن» مضيفا «كان لدينا لقاءات مكثفة مع الجانب السوري وحددنا الأهداف والخطط المستقبلية وأنا على ثقة بتكرار هذه اللقاءات».واعتبر شويغو أن تشكيل لجنة دائمة لتحقيق المهام العادية والاستراتيجية لمحاربة الإرهاب مهم على الصعيد العالمي وفي سورية وهذا الأمر يتطلب التنسيق مع العراق والدول الأخرى ونحن ندعم العراق في محاربة الإرهاب، مايشير الى تمهيد في توسيع التعاون مع طهران لدرجة فتح قاعداتها امام القاذفات الجوية لروسيا.‏

العلاقات التاريخية بين موسكو وطهران‏

بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تعمّقت العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران، وبدا أنّ بناء علاقاتٍ جيدة أمر يفيد البلدين، وعليه كان لابد من صقلها، وازدادت وتيرة اللقاءات بين المسؤولين الحكوميين لكلا البلدين. وأصبح لكلّ بلدٍ وجود اقتصادي قويّ في أسواق الآخر وتواصل التعاون الأمني والقضايا الجيوسياسية والقيام بدورٍ مهمّ في العلاقات الرسمية، ضمن مسارٍ تعاوني أكبر.‏

وأدّى دور إيران بوصفها وسيطا في الحرب الأهلية الطاجيكية في التسعينيات، إلى ترسيخ إعادة تجديد العلاقات.‏

الزيارة التاريخية‏

وكانت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الإيراني محمد خاتمي إلى موسكو في آذار 2001،العلامة الفارقة التالية في العلاقات الروسية الإيرانية حيث أسفرت عن توقيع اتفاقية حددت بالتفصيل أسس التعاون والعلاقات المتبادلة بين البلدين، وعُدّت تلك الاتفاقية التي حملت عنوان «اتفاقية أسس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون»، ودخلت حيز التنفيذ في 5 نيسان 2002 ، وتعد واحدة من عدة وثائق مهمة عمدت إلى توسيع الروابط بين البلدين بدءًا بالاقتصاد ومروراً بالتدريب وانتهاءً بالرياضة. وجرت قبل التوقيع سلسلة لقاءاتٍ ثنائية بين الرئيسين بوتين وخاتمي، كان أولها في «القمة الألفية» في نيويورك.‏

العلاقات الروسية الإيرانية واتفاق فيينا النووي‏

حاول الغرب الإستعماري وضع العصي في عجلة ازدهار العلاقات الروسية الإيرانية وذلك في الفترة الواقعة بين 2002 و 2005 ووضع العراقيل في مشهد العلاقات الروسية الإيرانية، نتيجة لقلق الغربيين من البرنامج النووي الإيراني، فقد واجه التعاون الروسي مع إيران مزيدً ا من موجات الانتقاد. وعلى الرغم من الضغوط، أحبطت روسيا محاولاتٍ أميركية لفرض عقوباتٍ قاسية على إيران لبعض الوقت.‏

وعملت روسيا على اتخاذ خطواتٍ مهمة تُظهر استعداد إيران مواصلة الحوار مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها لنووي، كما عملت روسيا على طمئنة الغربيين بخصوص الجوانب غير المعلنة لبرنامج إيران النووي.‏

اعتمدت موسكو وطهران مواقف مشتركة في عددٍ من القضايا الإقليمية في عام 2012، كان أهمّها على الإطلاق سعي كليهما للحفاظ على السلام والاستقرار في جمهوريات آسيا الوسطى السوفييتية السابقة والقوقاز وأفغانستان.‏

الاتفاق النووي‏

كان لاتفاق 14 تموز 2015 المو قّع في فيينا، تداعيات مهمة على صعيد العلاقات الروسية الإيرانية، بحيث تبشّر بنقلةٍ نوعية في تلك العلاقات.‏

فعقب عشر سنواتٍ من المفاوضات الرسمية وغير الرسمية، وقعت إيران ومجموعة 5 + 1اتفاقًا بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتفاصيل «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وقد كان لروسيا جهدا كبيرا في إطار ذلك حيث عملت بفاعلية على تسهيل الوصول إلى الاتفاق.‏

وقد أسهمت الاقتراحات الروسية إسهامًا كبيراً في تحديد الشكل النهائي للاتفاق الموقع، وأصابت المفاوضات نجاحًا عبر «مفهوم التدرج والمعاملة بالمثل» الذي طرحه دبلوماسيون روس، بحيث كانت كلّ خطوة تخطوها إيران باتجاه الامتثال ترافقها خطو ة مقابلة من مجموعة 5 + 1 والأمم المتحدة في تخفيف العقوبات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية