|
إضاءات وفي ذات الوقت إقناع الرأي العام الأمريكي والغربي عموماً بأن هذه المجموعة المفترضة ترغب في الإصلاح في سورية. الكاتب الأمريكي سيمور هيرش رأى أن ما يسميها الغرب معارضة «معتدلة» في سورية غير موجودة، بمعنى أن هناك في الولايات المتحدة من يرى ويعرف أيضاً أن الإدارة الأمريكية تكذب في بدعتها تلك. وهو رأي سبق له أن عبّر عنه غير مرة، ويشاطره فيه كثيرون بما فيهم الرئيس أوباما حين شبهها بالفانتازيا... وبعد أكثر من خمس سنوات من الحرب التي فُرضت على سورية لم تستطع واشنطن صاحبة براءة الاختراع في هذا المصطلح أن تضع إصبعها على مكان تلك «المعتدلة»، فتارة تكون جهة ما بالنسبة لها كذلك، ويتضح أنها أكثر إرهاباً وتطرُّفاً ممن تسمهم بالإرهاب علناً، وتارة أخرى تكتشف أن كثيراً ممن تصفهم بالاعتدال ليسوا سوريين، ولم تستطع أن تفسّر واشنطن ما هي مشكلتهم مع الحكومة السورية؟ وحتى الآن ورغم الجهود التي تبذلها موسكو في إقناع واشنطن بإعلامها أين هي تلك المعارضة «المعتدلة» لم تجد موسكو للسؤال إجابة... لقد حاولت موسكو مراراً التفاهم مع واشنطن في تحديد مناطق توجيه الضربات إلى الإرهابيين ومع ذلك لم تتعاون معها الإدارة الأمريكية، وقدمت من خلال وزير خارجيتها كيري مبادرات كثيرة للتعاون «الافتراضي» كانت تتسارع كلما اشتدت الحرب على المجموعات الإرهابية، القصد منها احتواء خسائر الإرهابيين والتقليل منها وعرقلة جهود روسيا وسورية في ضرب المجموعات الإرهابية وحمايتهم لضمان استمرار الاقتتال والحرب في سورية أطول فترة ممكنة خدمة لمشروعها في الفوضى الهدّامة. حتى فكرة التعاون في تحديد مواقع إرهابيي داعش والنصرة كانت «اللا إجابة» هي نفسها بالنسبة لموسكو، حيث لا مجال لدى واشنطن ولا رغبة لديها في التعاون، لأنها بوضوح لا ترغب في أن تشهد هزيمة الإرهابيين في سورية، فالاستثمار في الإرهاب مشروعها، وإطالة أمد الحرب غايتها، ودعم الدول الإقليمية التي تموّل الإرهاب وتغطيتها سياسياً وعسكرياً برنامج عملها، والمعتدلة تشبه رحلة البحث عن فرد أعزل في مجموعة إرهابية قاتلة. فالاعتدال لا يتسق وحمل السلاح وقتل المدنيين ونهب ممتلكاتهم وذبح أطفالهم، فالاعتدال يكون سلمياً ومدنياً وعبر الأحزاب السياسية وطاولة الحوار التي لا ترغب واشنطن في إعادة إحيائها لأنها تخشى أن تنكشف أكثر فأكثر مرتزقة سياسية ترعاها هي الوجه الآخر للإرهاب في سورية. وقد اتضح هذا الموقف أكثر فأكثر في معركة حلب حيث انضمت «معتدلة» واشنطن إلى «جبهة النصرة» التي غيّرت جلدها وأبقت على برنامجها وعقيدتها في القتل والإرهاب ولم يعد هناك معتدلة لواشنطن ورغم ذلك فإن البحث الأمريكي لا يزال جارٍ... |
|