|
الافتتاحيــة وفيما يبدو الخط الفاصل بين العامين واهياً، وافتراضياً في جردة الحساب التي اعتادت الروزنامة العالمية على إجرائها، فإن رتم الأحداث لايكاد يلحظ انقضاء العام ولا حلول الآخر، ومسار التطورات لا تعنيه الكثير من تلك الفواصل القائمة بين الخطين الزمنيين، ولا الفوراق بين التاريخين، لكنها في نهاية المطاف تجد نفسها مرغمة للأخذ بها، ولو من زاوية الفصل الافتراضي، خصوصاً حين تكون محكومة باعتبارات ناتجة عن محاولة محمومة لتوظيف عامل الوقت من قبل بعض الأطراف الدولية والإقليمية، التي لا تخفي رغبتها في اللعب عليه كحامل احتياطي، وأحياناً أساسي في لعبة التسويف والمراوغة والتضليل. وإذا كان من المحسوم سلفاً أن التواريخ والمواعيد لدى تلك الأطراف لا تشكل في جوهرها أكثر من إسناد إضافي تتخذه للخروج من حالة حرج، أو تستخدمه عكازاً للنزول عن شجرة اعتلتها، وبالغت في استعجال الصعود إليها، فإنها في الجانب الآخر تأخذ مساراً مختلفاً يضع في حساباته تلك الحدود الفاصلة، ويعدّها مؤشراً يمكن الاستدلال من خلاله على المسار الذي تعتمده الكثير من السياسات والدول، بل في بعض الأحيان قرينة دامغة على التهرب من استحقاقات حتمية تمليها الوقائع والضرورات وتتأكد حين تتعلق بمكافحة الإرهاب. والأمثلة هنا لا تعد ولاتحصى.. وقد حفل العام الماضي بالعشرات منها، وكانت عملية التملص قائمة على قدم وساق، بما فيها القرصنة على تلك المواعيد.. بترحيلها أو عبر تفخيخ الجهود المبذولة، أو من خلال المماحكة في المفردات والعبث بالتواريخ، وهذا يدفع إلى الجزم بأن الملفات المحمّلة أو التي تم ترحيلها عنوة وقسراً بحكم الأمر الواقع، أو طواعية وبالاتفاق المسبق على قاعدة الحلول الوسط، لا تمتلك عوامل الضمان الكافية كي لا تُرحّل مرة أخرى، وكي لا تسوّف من جديد، وهي حالة قائمة ومستمرة، وليس آخرها التحجج الأميركي مرة جديدة بأن الجهود لم تنجح في تشكيل وفد المعارضة الذي تصنعه على مقاس السياسة الأميركية, ووفق اشتراطات بعض أدواتها، ولا معاجزتها في رفض حضور إيران أو الاقتباس في حججها من بنك مفردات أدواتها في المنطقة. في المعادلة المقابلة لها، لو أن هذه العملية تمت من جانب الدولة السورية أو أي طرف آخر غير الطرف الأميركي وتابعيه، سواء في عدم تحديد أسماء وفدها أم التردد في إعلان جاهزيتها أو الطلب داخل الجلسات التشاورية بـتأجيل هذا الموعد أو ذلك الاستحقاق، فما العنوان العريض الذي كان سيفتتح أيام العام الجديد، وما العنوان الذي يليه؟!! سنترك أي إجابة جانباً، ونتحدث في العناوين التي تصلح لتكون بداية تعبّر عن دخول عام جديد، وهي تتزاحم جميعها على موقع الصدارة، وفي الملف الذي يجب أن يكون إطاراً عالمياً جامعاً.. قولاً وفعلاً، وبعيداً عن أي افتراض أو حلول وسط أو مجاملة في ظروف مناخ دولي لا يزال هناك من يتوهّم أنه يتمسّك بخطوط تماسه السابقة ويحتفظ بجبهاته الساخنة والباردة، ولا يتردد في تسخين ما يبرد، وإشعال ما قد يخمد، وفي ظل تفشي الإرهاب العابر للحدود والقارات والمناطق والدول، نستطيع أن نجزم بأنه عام مكافحة الإرهاب. لن نطلق العنان لأمنيات العام الجديد من دون أن ندرك مسبقاً أن مكافحة الإرهاب كعنوان تحتاج إلى إرادات دولية ونيات جادة، وهي حاجة لا تزال خارج الحسابات الأميركية وأدواتها ومرتزقتها، ولم ترد في أي بند من أجندات أميركا المفروشة على اتساع العالم، حتى لو تسيّدت شعاراتها، أو جاءت على أغلفة بياناتها الصحفية وتقارير استخباراتها العلنية، لأنها في نهاية المطاف لم تتخلَّ حتى اللحظة عن ورقة الإرهاب، ولم تستبعدها من عوامل سياستها ولا من حسابات معادلاتها، وليس لديها النية في ذلك على المدى المنظور، والشاهد والقرينة حاضران، ونتائج الاختبارات فيها يمكن تلمّسها فيما يقوله الأميركيون بأغلبيتهم - وما يراه العالم أيضاً - عن دور ساستهم في تغذية الإرهاب، وما يفصحون عنه في خططهم المشتركة مع ممولي الإرهاب وصانعيه ومنتجيه، لتبقى اللائحة الأميركية مغلقة إلى إشعار آخر. |
|