|
نيويورك تايمز عن أحداث مؤسفة حصلت في الماضي القريب, ويستغرب حصول هذه الحوادث وكيف وصلنا إلى هذه اللحظات التي تمس جوهر القضايا العالمية الرئيسية, ولا سيما ما يجري منها في منطقة الشرق الأوسط وفيما يلي أهم ما جاء في المقال: ثمة أسئلة عديدة تطرح نفسها بقوة عليّ في الوقت الراهن, من هذه الأسئلة: كيف وصلنا إلى هذه اللحظات المباغتة من لحظات التفاؤل المشوب بالحذر في الشرق الأوسط? كيف وصلنا إلى هذه اللحظات التي تقوم فيها أكبر دولة عربية بالتوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة ويقوم هذا البلد بإرسال وفود إلى الدول العربية لتشجيعها على إقامة علاقات مع إسرائيل? كيف وصلنا إلى هذه اللحظات التي تلوح فيها فرص ديمقراطية فجأة في الأراضي الفلسطينية وتم فيها الإعداد لإجراء ثلاثة انتخابات رئيسية خلال فترة قصيرة, قال فيها المرشح الأول والفائز في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية محمود عباس: (إن أعمال العنف تأتي بنتائج عكس المأمول منها?). كيف وصلنا إلى هذه اللحظة من لحظات الوحدة الغريبة وغير المتوقعة وغير المقبولة عندما ينضم حزب العمل إلى حزب الليكود لتشجيع الانسحاب من قطاع غزة وبعض الأجزاء الشمالية? كيف وصلنا إلى هذه اللحظة التي نجد فيها أشخاصاً إسرائيليين يؤيدون شارون حالياً ويعتبرونه أداة للسلام? لقد كان هناك العديد من الأحداث المؤسفة لعل أولها هو انتخاب آرئيل شارون شخصياً والذي كان العالم بأجمعه ينظر إليه على أنه داعية حرب وليس داعية سلام, إن شارون يشن حرباً كما يصفها العضو بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية هنري سيكمان: (ليست موجهة لهزيمة (الإرهاب) وإنما لهزيمة الشعب الفلسطيني وطموحاته المشروعة). والحدث المؤسف أيضاً كان انتخاب جورج بوش الابن, وإعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية, هذا الرجل على أقل تقدير هو الذي زود إدارته بمجموعة من الأشخاص الذين وصفتهم -جوان كول- من جامعة متشيغان بأنهم: (المثقفون الموالون والمؤيدون لليكود) وهم أنفسهم شنوا حروباً انتقائية واستباقية بالنيابة عن إسرائيل ويغضبون سكان العالم العربي, ويزيدون من مقدار المشاعر المناوئة والكارهة لأميركا في ذلك العالم ويجعلونه ينظر إليها على أنها لم تعد وسيطاً نزيهاً في المفاوضات الرامية إلى إيجاد تسوية سلمية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما كان من المؤسف أيضاً أن يلقي جورج بوش خطاباً في الرابع والعشرين من حزيران لعام 2002 يقول فيه: إن عرفات لن يعمل على تحقيق السلام أبداً, فعرفات كما يقول الأوروبيون كان على الأقل يجسد القضية الفلسطينية. وكان من الخطأ الفادح أكثر أيضاً أن تقوم إسرائيل ببناء جدار الفصل الذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه يمثل انتهاكاً للقانون الدولي, ويجب أن ننتبه أيضاً إلى حقيقة أن ذلك الجدار يمثل معادلة موضوعية لسياسة الفصل العنصري كما يقول أحد الخطباء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان الخطأ الأكبر أيضاً اغتيال قادة فتح وحماس الذين تتهمهم إسرائيل بالتورط في قتل مئات الإسرائيليين, وأدانت فرنسا من بين عدة دول تلك الاغتيالات التي قامت وتقوم بها إسرائيل, وتنبأت مقدماً بالعواقب السيئة التي ستترتب عليها, وكان شيئاً مؤسفاً أيضاً أن يمتنع بوش عن إرسال مبعوث خاص لافتتاح المحادثات ومناقشة الجوانب الشكلية للمفاوضات ومناقشة خارطة الطريق مع الجانبين بشكل أكثر تحديداً و دقة, لأن ذلك لم يترك سوى احتمالات ضعيفة وواهية لتحقيق أي تقدم باتجاه السلام. لقد كان أيضاً حدثاً مؤسفاً أن يقف جورج بوش إلى جانب آرئيل شارون في زيارته الأخيرة إلى واشنطن في نيسان الماضي, هذا الموقف جعل الاتحاد الأوروبي يدين السياسة الأميركية, وقد كان حدثاً مؤسفاً أيضاً أن يعمل بوش على دفع برنامجه الخاص بتحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط لأن أقل ما يمكن أن توصف به مثل تلك السياسة على الأقل من وجهة نظر إسرائيلية, أنها سياسة تدل على سذاجة بالغة لأن من يتمتع بقدر محدود الذكاء والحصافة لا يقوم بمحاولة لتصدير الديمقراطية إلى البلدان العربية. هذه جميعها سلسلة من الأحداث المؤسفة, ولكن نمر الآن نحن بتلك اللحظة من لحظات الأمل, هذه اللحظة تجعلك تعتقد أن جميع هؤلاء النائحين والمنتقدين لا يعرفون شيئاً عما يتحدثون عنه, فلا شيء مما حصل خلال السنوات الثلاث الماضية يمكن أن يفسر ما يحصل أمامنا حالياً, إن ما يحصل أمامنا يجعلنا نعتقد أن بوش ربما كان على معرفة بحقائق الأمور تفوق أكثر بكثير معرفة منتقديه. تبدو جميع أحكام بوش غير صحيحة أمامنا الآن, فقد استنتج أن شارون قادر على استيعاب الحقائق الديمغرافية وقيادة إسرائيل إلى حل لدولتين, وإن عرفات رجل لن يعمل أبداً لتحقيق السلام, بل إنه كان يعمل لإعاقة السلام, وإن إسرائيل لها الحق في مقاومة -الإرهاب- وإن شارون لن يشعر إطلاقاً أنه في أمان بشكل يسمح له بتحمل المخاطر إلا إذا ما دعمته الولايات المتحدة ووقفت إلى جانبه عند مقاومته لذلك الإرهاب, لقد استنتج بوش أن السلام لن يتحقق إطلاقاً طالما بقيت الحكومة الفلسطينية مستبدة وغير ديمقراطية وطالما بقي الفلسطينيون يعتقدون أن انتفاضتهم ستحقق لهم النصر. وفي نهاية هذه المقال أستطيع القول: ندين بهذه اللحظة من لحظات التفاؤل المشوب بالتحفظ لسلسلة من الأحداث المؤسفة ولرئيس تجاهل ما كان يصل إلى أسماعه من النصائح. بقلم ديفيد بروكس |
|