|
معاً على الطريق قبل ان تصل الى قورش لابد من عبور جسرين رومانيين نعم جسرين احدهما يتسلل من تحته نهر عفرين الذي كان اسمه في تلك الايام البعيدة نهر الذهب وعندما تنظر الى الجسر الذي بني في الحقبة الرومانية وضحك من الزلازل والقلاقل وما زالت الشاحنات تعبر فوقه بدل المركبات على ذلك الطريق الذي كان يربط قورش بحلب والفراتية وصولا الى نصيبين تقول رحم الله هندستهم.. بعد عبور الجسرين تصعد باتجاه الغيم والسماء والضباب والحجارة لقد كانت قورش ثكنة ومسرحا وقديسين وميتروبوليس اي من أمات المدن لاتنظر الى القبر الفخم المسدس الشكل الاتي من القرن الثاني الميلادي وهو الان على اسم النبي هوري المحرّف من خورس بل تابع سيرك نحو المسرح الروماني وانظر حولك تجد انك في عالم لاتستطيع الحكايات والقصص وخيالات الجدّات ان تنسج بعض أعمدته. قادني الفضول وفيروس التاريخ الى (نكش )الأماكن في هذا الشمال لكن ما جذبني الى قورش, التي كانت موئل علم ومعرفة هو اسقفها الشهير توادوريطس صاحب كتاب تاريخ أصفياء الله , الذي كان صديقاً لسمعان العمودي وكتب عن نُسّاك الشمال السوري ومن بينهم مار مارون. بلغت مساحة القورشية 400 كم2 وكان توادوريطس عاملا في ازدهارها خلال النصف الاول من القرن الخامس الميلادي لقد أرسل رسالة الى بابا روما لاون عام 449 م يخبره فيها ان رعاياه يتوزعون على ثمانمئة قرية. لقد وصل الحزن والكآبة الى هذا الشمال .. الحزين ألم يقل عاصي الرحباني ان ليالي الشمال حزينة ? حيث باتت العمارة على الارض وحكايات التاريخ في كهفها المسحور. ترك توادوريطس , صديقي , مجمع خلقيدونية عام 451 , ولم يرد العودة الى أسقفيته في قورش , وتنسك قرب أفاميا وأعتقد ان المكان هو قرية صغيرة تعج بالفسيفساء تدعى (الحوَّرتي) , فيما ذهبت قورش الى حتفها بعد ان باتت فريسة الاحتلال الصليبي ثم جيش نور الدين زنكي. هكذا تموت المدن عندما يذهب كبارها , وهذا خبر حزين من هذا الشمال الجميل. |
|