|
تحقيقات
أما البعض فيراه دليل تناقض عالمنا، ففي الوقت الذي يهمل فيه طالبنا واهله ومدرسته مادة التربية الفنية ويعتبرونها مادة للتسلية والضحك وملء الفراغ، او حصة احتياط بامكان اي من مدرسي المواد الاساسية اخذها لتعويض نقص طال برنامجه،تحرص مديرية التربية ومن خلفها الوزارة على ايجاد مركز تخصصي للفنون حولته ايادي المعنيين عنه الى تحفة فنية متكاملة، اسمه المركز التربوي للفنون. فما حقيقة المركز؟ وما مكوناته وموجوداته ؟وما الجوانب التي يعنى بها ؟ وما علاقته بمادة التربية الفنية المدرسية ؟ وماهي شروط الدخول اليه والاشتراك بنشاطاته؟وماالغايات التي اقيم من اجلها؟ وهل حققها؟وهل ساعد وجوده على تغيير نظرة الطالب او مدرسته ومدرسه وذويه لمادة التربية الفنية؟وكيف تحول من مركز تدريبي الى صالة للمعارض؟ تقول المشرفة رجا وبّي: تختلف مادة الفنون عن اي مادة علمية اخرى من حيث المعاملة فجميع المواد العلمية تلقى اهتمام الطالب في بحثه عن السبل الكفيلة بفهمها وحفظها،يرافقه متابعة الاهل واستعدادهم لتقديم كل مايلزم لتحقيق ذلك، اضافة لوجود المناهج التي تساعد الطالب والمدرس على السواء لناحية الوصول الى الفكرة او المطلوب،اما مادة التربية الفنية المدرسية فتعتمد بشكل اساسي على الابداع والخيال،فسابقا ما من منهاج ثابت يتبعه الطالب الذي اهمل بدوره المادة كليا لعدم وجود العلامة المؤثرة لها فاعتبر حصتها للهو والمرح وهو نفس السبب الذي غالبا مايدفع بالاهل لعدم متابعة ابنهم لهذه المادة، ما يجعل العبء الاكبر بايصال الفكرة وترغيب الطالب بالفنون هو المدرس دون سواه من خلال استخدام اساليبه الشخصية وقدراته الفنية على جذب الطالب ومنهم من صبر وواظب على جهوده فنجح،ومنهم من ملّ وسار مع التيار فأصبح كما التلميذ وذوية غير مهتم. لكل مكانه حسب رغبته أما اليوم فقد تغير الوضع حيث اصبح للمادة منهاج على الطالب والاهل والمدرس الالتزام به كما لها امتحانها الخاص وعلاماتها المؤثرة واحدى مهام المركز الاساسية توجيه المدرسين وتأهيلهم للتعامل مع المناهج الجديدة بالشكل الذي يخدم الطالب اضافة لمهام عدة يتولاها المركز حسب تعبير وبّي حيث قالت: يضم المركز أقساما كثيرة من المراسم والنحت والمكتبة الألكترونية والخزف وباحة النوادي الصيفية ولكل من هذه الأقسام رواده ومحبيه وهم من جميع فئات المجتمع ولجميع الأعمار اذ يمكن لطفل في السادسة من عمره ان يرتاد المركز ان كان لديه الموهبة أو حب الفنون وله كما لأي دارس آخر حرية اختيار ما يحب من الاعمال الفنية ليصار الى تدريبه عليها وتنمية مواهبه فيها. وكل ما نقدمه بالمركز من خدمات وتجهيزات بالمجان دون مقابل، فلا رسوم اشتراك ولا رسوم مواد تدريبية وكل مايقدم على حساب مديرية تربية دمشق الداعمة بحق لهذا المشروع... وتضيف:في الوقت الحالي تقتصر الدورات على ايام السبت كونه يوم عطلة لمختلف الشرائح الامر الذي يسهل عليهم زيارته وتلقي تدريباتهم اما في العطل الانتصافية والصيفية فستكون الدورات يومية ولجميع مرتادي المركز ولكافة الاختصاصات. غيّر مصير حياته بدورها تقول السيدة نوال أم لتلميذة ترتاد المركز: بالحقيقة لم نعر مادة الفنون اي اهمية في السابق ولعدم تمكن احد ابنائي من دخول احدى فروع الهندسة لعدم تجاوز اختبار الرسم بنجاح،تغيرت قناعاتي فأصبحت اهتم بالمادة واتابع ابنائي الباقين فأحضر لهم على الفور مايطلبوه من مستلزمات خاصة اضافة لالحاقهم بدورات من خلال المركز الذي يلبي جميع الاذواق لتعدد اقسامه ووجود فنانين مختصين يقدمون مجمل خدماتهم ومستلزمات التدريب دون اي مقابل، وما اتمناه فعلا ان تفعّل مادة الفنون لتصبح من المواد الاساسية علها تلقى اهتمام الاهل والطالب فقد اثبتت من خلال تجربتي الشخصية انها مادة مؤثرة حتى ولو لم يكن لعلاماتها المدرسية اهمية تذكر،فأثرها الحقيقي يكمن في فحوصاتها العملية التي تتطلبها العديد من فروع الجامعة. المركز رحلة ترفيهية وللمدرس غزوان حبيب رأيه بمادة الفنون والمركز التربوي اذ يقول:رغم ان مادة الفنون المدرسية قد تتسبب برسوب الطالب من ناحية «المجموع العام» لكن لايمكن اعتبارها مؤثرة او ذات قيمة بنظر الاهل او الطالب،لذلك فغالبا لا تلقى الاهتمام المناسب من الجميع ولكن كل هذا برأيي لايؤخر العمل ان وجد المدرس المتمكن من المادة والفنان بطبعه والقادر على اقناع تلامذته بأهمية المادة ان لم يكن من اجل مجموع العلامات فمن اجل الحياة العامة، لانه ما من انسان ينجح في عمله ان لم يتخيل ما يريد تنفيذه اولا «اي يرسمه بمخيلته،فكيف لنا ان نعيد بناء ان لم نرسمه اولا وكيف تصنع سيارة قبل ان يتم تصميمها على الورق.وهكذا،لذلك علينا كأساتذة مختصين ان ندخل في عقلية كل طالب ونشعره بأهمية الفنون ونبسطها له، وان كنا نعلم تماما انه ليس المطلوب من كل تلامذتنا ان يكونوا فنانين ولكن على الاقل التعامل مع اشياء وتقدير ابعادها واشكالها، وهذه كانت الغاية من افتتاح المركز الذي يعتبر انجازا حقيقيا لتربية دمشق، ففيه يتعلم محبو المادة وهواتها وفيه يتم تأهيل المدرسين وصقل خبراتهم لاسيما وان معظم مدرسينا وللاسف غير قادرين ان يكونوا مبدعين بجذب الطالب واقناع الاهل بضرورة متابعتهم للمادة وغير قادرين ايضا على تحقيق المعادلة ونظرية العكس ففي الفنون تنعكس المعادلة فيصبح الطالب هو الملقي والاستاذ هو المتلقي مهمته اعطاء الفكرة ثم البدء بتلقي اعمال الطلاب ونتائج ابداعاتهم والاشراف عليها وتقييمها، كذلك ومن خلال المركز يتم استقطاب المواهب من المدارس وصقلها، كما ان هناك المكتبة الالكترونية التي تمكن الطالب من الدخول في عالم النت للاطلاع على الكتب الفنية واعمال الفنانين الكبار واعمالهم،فيكون الطالب بزيارته للمركز قد قام برحلة مدرسية فنية ثقافية وترفيهية بذات الوقت ولكن بشكل موجه ومفيد وبمثل هذه الاعمال تتحقق الغاية من درس الفنون لاسيما مع المناهج الجديدة التي دخلت عالم الفن فجأة فكانت بالنسبة للطالب مجرد ملصقة لا روح فيها لغياب التدرج في المناهج بهذه المادة تحديدا. غياب التنفيذ الصحيح للمنهاج بدورهم عبر طلاب المركز عن اهميته واهمية مادة الفنون من خلال الطالب محمد فلاحة «بكالوريا علمي» ومحمد بيران «حادي عشر» بالقول: نرتاد المركز منذ بداية العام الدراسي بواقع كل يوم سبت، وبهذا لانعتبر قدومنا مضيعة للوقت كما يظن البعض لاننا نحقق بزيارته اكثر من غاية، الاولى اننا نروح عن انفسنا ضغط الدراسة ونتمتع بمشاهدة الاعمال الفنية والجلوس بالاستراحة الصيفية الخاصة بالمركز، والثانية اننا نتعلم الرسم على يد مدرسين مختصين ودون مقابل وما يدفعنا لذلك اننا اهملنا المادة سابقا لجهالة منا بقيمتها ولعدم اهتمام بعض المدرسين وادارات المدارس بها، لكننا نشعر الان بقيمتها كونها بوابة الدخول الى العديد من فروع الجامعة وعوضا عن دفع مبالغ لاتباع دورات قبل التسجيل الجامعي نتدرب منذ الان، ففي المركز كل مانحتاج اليه من مستلزمات واستشارات وتوجيهات ومتابعات لاعمالنا ومناهج تطال الرسومات العلمية «كالمنظور والتصاميم الهندسية وغيرها، ولقد حققنا الغاية واستطعنا فعلا تعويض النقص بالمادة خلال هذة الفترة لدرجة تمكننا من القول إننا قادرون منذ اللحظة على تجاوز اي امتحان بنجاح واضاف الفلاحة قائلا من خلال مقارنات اجريتها على مادة الفنون لجهة عدد الساعات المخصصة لهذه المادة في المدارس وجدت اننا من اكثر دول العالم كرما مع المادة ولكن ما ينقصنا التنفيذ الصحيح من خلال التعامل معها بشكل جدي واعتبارها مادة اساسية، فلا يتم الاعتداء على الحصة من قبل بعض مدرسي المواد الاخرى وكأنها احتياط نعوض من خلاله نقص الاخرين، وان تتناول في منهاجها واختباراتها المدرسية النواحي العلمية. تعميم ثقافة الحوار وعن حقيقة الاسباب والدوافع لافتتاح المركز واهدافه تحدث المشرف العام موفق مخول قائلا:هو المركز التخصصي الاول والاكبر على مستوى وزارة التربية، الا انه ورغم التخصص يستقبل جميع الناس ولكافة الاعمار، فالهدف من اقامته ليس تخريج الفنانين، ولو كان كذلك لحصرناه بالاختصاصيين واصحاب المواهب الفذة فقط، انما الغاية محاكاة الاحاسيس وتعميم ثقافة البصر والفن على الكم الاكثر من خلال ايجاد المكان والبيئة الملائمة التي تحببهم بالفن واللون والحياة والحوار والتلاقي مع الاخر، لذلك كانت باحة النوادي الصيفية المخصصة لاستراحة الزوار وتلاقيهم وتبادل النقاش وتقبل الرأي الاخر حتى لو كان بالاعمال الفنية، فذلك يعمم ثقافة الحوار التي ننشدها اليوم. دورات مستمرة ولان التربية تتحمل مهام تتخطى التعليم والتدريس بدوامه الروتيني ومواده التعليمية فقد اخذت على عاتقها مهمة رعاية الطالب خارج الدوام المدرسي وفي اوقات العطل فتوجه نشاط طلابها لما يعود عليهم بالفائدة جاءت فكرة اقامة مركز تربوي يعنى بتأهيل وصقل المدرسين وفق المناهج الجديدة ما من شأنه تطوير الفكر والحس والمهارات الفنية لاسيما وان المناهج الجديدة تحمل الكثير من التنوع بديناميكية عالية يتطلب التعامل معها الارتقاء بأداء المدرسين، وهذا ما نسعى اليه من خلال ورشات عمل مستمرة يستضيفها المركز لنوصل من خلالها هذه المعاني بعيدا عن حرفية المنهاج، ما يعني ان المركز بالنسبة للمدرس هو متحف حقيقي يرى ويجد فيه كل ما يحتاج من اللوحات والارشادات مع حرصنا الدائم على توجيه المدرس وعرض الافلام الوثائقية التي توضح الاساليب الافضل لكسب محبة واحترام الطالب للمادة التي يتوقف النجاح فيها على جهود المدرس وقدراته على اقناع تلامذته وذويهم بان يحضروا دفاتر الرسم وعلبة الالوان بالطريقة ذاتها التي يحضرون فيها عدة الهندسة، حينها فقط يمكن ان نقول ان المادة قد اخذت دورها وادت رسالتها. أهمية الفن بالمقابل للمركز دور هام بالنسبة للطالب المدرسي حسب تعبير الموجه الاختصاصي للمادة موفق مخول حيث قال: لابد من اتباع ثقافة الترغيب لان التخويف يبعد الطالب كليا عن المادة ومدرسها خاصة وان الطلاب غالبا مايهملون المادة في المراحل الدراسية الاولى لعدم ادراكهم اهميتها، وما ان يصلوا مرحلة تتطلب معرفة المادة واتقان بعض جوانبها كالتسجيل الجامعي»حتى يهرعون لتعلمها من الصفر من خلال اتباع دورات مكلفة وغالبا ما تكون على عجل اذ لايسعفهم الوقت المتاح للتعلم فلا يستطيعون اليها سبيلا، حينها يضطرون لتغيير مصير حياتهم فقط لانهم اهملوا مادة ظنوا انها ليست مهمة وهنا تأتي مهمتنا بايجاد المركز الذي يعتبر نقطة الارتكاز ما بين الاهل وعدم متابعتهم والطالب اللامبالي والمدرس من خلال تقديم اشياء فنية ملموسة ولوحات وهياكل جميلة مصنوعة من اشياء متوفرة حول الطالب كالمقاعد والقطع المعدنية ومجمل بقايا البيئة؛ فيشعر الطالب او زائر المركز بجمالية ما حوله وامكانية الاستفادة منه وتحويله الى مادة جمالية ان احسن الالمام بالفنون فيقدم ما هو مفيد له ولغيره. للفنون مكانتها وخصوصيتها وأضاف الموجه الاختصاصي:وفي هذا تحديدا لابد من التركيز على ان المادة تأخذ حقها كاملا والتعامل معها جديا من قبل المعنيين،فهنالك قرار يقضي بتقسيم طلاب الصف ان تجاوز عددهم (40)طالبا الى زمرتين اثناء درس الفنون مع وعود بتفعيل المادة اضافة الى عدم السماح بأخذ الحصة او التعدي عليها لأي مادة اخرى ما يعني ان التعامل رسمي معها وان المدرس وأسلوبه وطريقة تعامله مع طلابه من جهة وادارة المدرسة من جهة اخرى هو المسؤول عن انجاح الدرس والدارس ويضيف الموجه ولولا ان المادة تلقى الدعم من المديرية والوزارة لما كان هذا المركزالذي يقدم كل ما من شأنه تحرير الفكر وتشجيع الابداع لأي انسان والاعمار تبدأ من 6 سنوات سواء طلبة كانوا ام هواة وفنانين او زوارا فلكل مكانه المخصص حسب هوايته وتطلعاته فهنالك الرسم والتصوير وهناك قسم للنحت واخر للخزف ومثله للخط العربي اضافة للمكتبة الالكترونية الخاصة بأهم المواقع العالمية للكتب الفنية واعمال الفنانين وقريبا جدا دورات برامج الرسم والفوتوشوب على الكمبيوتر كما تم توسيع المركز من خلال اشادة صالة معارض خاصة مصممة لاضافة معارض مختلفة ومتنوعة للعديد من الجهات والوزارات وكل ذلك بإشراف فنانين مختصين وهم اما من خارج الملاك يتقاضون كل مستحقاتهم واما من داخل الملاك واصلاء مفرغين لأعمال المركز ما يعني ان المديرية ومن خلفها الوزارة تقدم كل ما يلزم لانجاح العمل ومرونته لتصل خدماته الى جميع الناس مجانا دون مقابل. 100 ألف كتاب بالانتظار ويضيف المشرف قائلا:بأشياء بسيطة ومكان صغير انطلقنا بالمركز التربوي وحققنا الحلم الغني الذي راح يتسع مساحة ويتطور بتجهيزاته وموجوداته لمرحلة تكاد لا تصدق، فالمركز الذي بدأناه منذ سنوات اصبح متحفا فنيا ومرجعا علميا، وما نطمح اليه تنفيذ العديد من المشاريع التي نخطط لها وسترى النور طالما اننا نلقى الدعم من المعنيبن. ففي جعبتنا الكثير كاطلاق مكتبة خاصة بالتربية التي تضم الكتب القديمة والمتنوعة التي يتجاوز اعمار بعضها (90) عاما،وقد تم احضارها من المدارس ويقارب عددها (100الف كتاب) بانتظار المكان المخصص لعرضها وتبويبها وفق نظام مكتبي من شأنه اغناء انجازات التربية على الصعيد الفني والعلمي والثقافي،الامر الذي يساعد في بناء الانسان وتأهيله ليكون فاعلا في وطنه مشاركا في بنائه وتقدمه.. |
|