تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عندما لا نقرن القول بالفعل ونرى عيوبنا..

مجتمع
الاثنين 4-3-2013
نيفين عيسى

كلام الليل يمحوه النهار.. والناس اعتادوا أن يروا القشّة في عيون الآخرين ولا يرون جسور الحور والصفصاف في عيونهم.. إذ إن عيوب هؤلاء واضحة لهم وضوح الشمس،

وعيوبهم غامضة، ولا يعلمون أنهم لا يمكنهم الاختباء خلف أصابع يدهم، هكذا اعتدنا نحن البشر أن نظلم أبناء جلدتنا.. فما يصح لنا، خطأ عليهم ولا يجب أن يمارسوه.. ونحن متاح لنا كل شيء، فيما هم يجب أن يحرموا، لماذا؟ الجواب بسيط ولا يحتاج للكثير من التفكير.. هي الأنانية المغروسة في داخلنا والتي تمتد جذورها إلى ما لا نهاية.‏

فمعظم البشر إذا لم نقل السواد الأعظم منهم، فلا تجد أحداً يسبقهم في الكلام أو الثرثرة كما يُقال، و يستخدمون أسلوب التنظير في كلامهم فقط دون أن يُطبقّوا شيئاً من هذا العبارات التي يطلقونها، يغرقون في النصائح.. وتراهم دائماً يقولون اعمل يا فلان كذا، ولا تفعل كذا، فهذا عيب وهذا حرام، وهذا يثير مجلبة لكلام الناس، في الوقت الذي تراهم فيه غارقون في الأخطاء حتى أذنيهم، ففي أماكن المسؤولية يتحدثون عن القوانين وضرورة تطبيقها، ويقفزون فوقها عندما يمسهم الأمر أو يخدم مصلحتهم، وذلك بيسر وسهولة، يشبعوننا حديثاً عن المبادئ والقيم، وما يجب فعله، وما يجب الابتعاد عنه، وتراهم في لحظة ما يعرفون مما قالوه شيئاً، يغرقون في الحديث عن الحقوق والواجبات، فلا الحقوق يعطونها لأصحابها، ولا الواجبات يؤدونها.‏

باختصار الواقع والتطبيق لدى هؤلاء شيء، والحديث عنه شيء آخر فما بين حقيقة قناعتهم بما يقولون، وبين عدمه سفر سنوات وعقود، حتى ترانا نتمنى أن يكون الشخص الذي يملك نفس التنظير قادراً على القيام بما يوكل إليه من عمل أو يؤدي أموراً بعينها، فربما الوالد في أغلب الأحيان ينظر على ابنه بألا تتعدد علاقاته مع الفتيات، بالمقابل هذا الأب يكون له علاقاته المتعددة والعميقة مع العديد من النساء، التي ربما يبلغ عددهن شعر الرأس وربما في زيادة، ويوجد أيضاً فتيات ينظرن إلى بعضهن بقولهن : إن إحداهن طويلة أو قصيرة سمينة أو نحيفة لا يليق بها هذا الثوب أو ذاك، لكن وللعلم لو نظرن إلى أنفسهن لوجدن عيوب الدنيا فيهن، لكن للأسف معظمنا يرى كيف هو الآخر ولا ينظر لنفسه أو لعيوبه فلا يمر يومٌ علينا إلا والكثير من حولنا ينظّرون ويُسهبون بذلك، وأحد الأصدقاء يقول لصديقه لماذا تفعل هذا الأمر على سبيل المثال وهذا الشخص نفسه لا يملك سوى الكلام الفارغ.‏

بالنتيجة لو كل شخص عرف ما له وما عليه، وقلّل من الكلام وأكثر من الأفعال، لحرقنا مراحل كثيرة من أجل الوصول إلى علاقات اجتماعية وعملية سليمة، وعرف كل شخص إمكاناته، ويفكر ساعات ويعد للألف قبل أن ينتقد الآخرين أو يتعدى على حقوقهم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية