تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«وحدانيــة مـع كــلّ مافي الحيـــاة» قــــــوة اللحظـــــــة.. بالأنـــــــا اليَقظـــــة

ثقافة
الجمعة 30-8-2019
هفاف ميهوب

كلماتكَ تدلُّ على حقيقتك، والبعد الكامن وراء هذه الكلمات يكمن في عمق ذاتك.. حقيقتك في معناك، وكلّما جهلتَ المعنى،

افتقدتَ وعيكَ بأناك.. يقظتك في تفكيرك بعوالمك الداخلية، ومعرفتك بها وبأسرارها، هما سبيلك للارتقاء عبر قواك وطاقاتك الروحية.‏

أفكارٌ، لابد أن يتبناها كل من يقرأ لحكماء ومعلمين روحانيين، كرَّسوا حياتهم لدراسة النفس البشرية وتحولاتها، ومكمن ضعفها أو قوتها.. حكماء، أمثال «ايكهارت تول» المعلم الروحاني الألماني الذي ساعدت كتبه وتعاليمه، عدداً لا يحصى من الناس عبر العالم، في إيجاد فضائهم الداخلي، وتحقيق إنجازات عظيمة الوعي.. ساعدتهم ودعتهم للتفكير بـ»وحدانية مع كلِّ ما في الحياة»، وبعد تحررهم من تدفق ما يجري في وعيهم القديم، و»الذهاب إلى ما وراء الفكرة» حيث الصوت الذي يدل على أن «الوعي بالذات»:‏

«في الواقع أنت الوعي المُدرِك، لذلك الصوت النابع من داخلك، والذي ربما يشتكي من شيءٍ ما.. حاول أن تدركه وتدرك السبب وراءه.. صوت الأنا، ليس أكثر من نموذج للفعل المشروط. أي هو فكرة. عندما تلاحظ ذلك الصوت، فإنك سوف تدرك بأنك لست هو، لكنك الإنسان المُدرك له..».‏

حتماً، هي دعوة للتوحد مع الذات، وصولاً إلى تحررها ويقظتها, تحررها «من الكينونة، ومن كلِّ الأشياء التي تُصبح ممتزجة معها، أو معرّفة بها»، ويقظتها الروحية، كخطوة متقدمة لتعلُّم الإنسانية.‏

نعم هي دعوة للتوحد مع الذات، ومن خلال «أرض جديدة» الكتاب الذي اختار مؤلفه «تول» أكثر فقراته إلهاماً لقارئٍ، أراد أن تمر كلماته إلى داخله بسلاسة، وأن تدلّه على الطَّريق إلى البُعد العميق الكامن وراءها، وعبر تأمله بـ»وحدانية مع كلّ مافي الحياة»، وقدرته على تعريف نفسه بأنها:‏

«تعريف نفسك من خلال الفكرة تقييد لك، وعندما تتقبل كلياً بأنك لا تعرف من أنت، فأنت فعلاً تدخل حالة من السلام والوضوح، تكون فيها أقرب إلى ذاتك منها، إلى أيّ فكرة يمكن أن تكون».‏

لاشك أنها صلة الإنسان بـ»قوة اللحظة الحالية». اللحظة التي يرى «كول» بأنها «العدو الأخطر للأنا، أو يمكن القول بأنها الحياة نفسها».‏

أيضاً، هو تساؤله، وقبل تخطي هذه اللحظة: «من أنا»؟... تساؤله وجوابه: «أنت إنسان، تستطيع من خلال «اليقظة» أن تعرف المعنى الحقيقي لهذه الكلمة، وعبر تجوالك في «الفضاء الداخلي» وخطابك لنفسكَ بوعيٍّ كلي:‏

«كُن مدركاً لمدى وعيك. قل أو اعتقد بقولك: «أنا أكون»، ومن ثمَّ كن مدركاً للسكون.. اشعر بحضورك وبكينونتك المجرَّدة والمكشوفة والعارية..».‏

هذا ماعليك أيها الإنسان أن تفعله، من أجل الوصول إلى هدف حياتك.. «الهدف الداخلي» الذي يخص الوجود، و»الخارجي» الذي يخصّ الفعل في وجود أنت فيه:‏

«الفعل اليقظ، وبانسجام هدفك الداخلي، مع هدفك الخارجي، من خلال أفعالك الواعية واليقظة.. هنا، يتدفق الوعي من خلالك إلى هذا العالم. يتدفق إلى أفكارك ويُلهمها. يتدفق إلى ماتفعل.. ويوجِّهك ويمنحك القوة».‏

كل هذا، «يصبح حاضراً» بك، وبحيزك الداخلي.. بوعيك ويقظتك.. بأنت وماضيك الذي تتخطاه إلى لحظتك، و»عندما تكون حاضراً، ويكون كلّ انتباهك منصبّاً على اللحظة الحالية، فإن هذا الحضور سوف يتدفق ويتحوّل إلى ما تفعله. سيكون هناك جودةٌ وطاقةٌ فيما تفعل.. سيكون هناك متعة وحيوية»..‏

إذاً، الدعوة لأن تعيش «وحدانية مع كل مافي الحياة»، معناها أن ترتقي بـ»الوعي» حيث «متعة الوجود».. أيضاً، أن تدخل إلى «الجسد الداخلي» فيك، وأن تكتشف:‏

«أن ما ندعوه بالجسد الداخلي» لا يعني الجسد بشكلٍ فعلي، فهو طاقة الحياة والجسر بين الشكل واللاشكلية.. هذا معناه، بأنك لم تعد معرَّفاً بالشكل، ولكنك تبتعد من تعريف الشكل باللاشكلية، التي يمكن أن نسميها أيضاً «الوجود».. إنها هويتك الجوهرية».‏

باختصار.. في هذا الكتاب دعوة لامتلاك الحكمة من أجل أن نكون، وكما أرادنا «ايكهارت تول»:‏

«نكون في سلام، من خلال المصالحة مع اللحظة الحالية. إنها الميدان الذي تحدث فيه لعبة الحياة.. لا يمكن أن تحدث في مكان آخر.‏

هناك ثلاث كلمات للتعبير عن سرِّ فن الحياة. السر الذي يكمن وراء كل النجاح والسعادة. هذه الكلمات هي الاتحاد مع الحياة، وأن تكون متَّحداً مع الحياة، يعني أن تكون متحداً مع الآن، وبالتالي تدرك أنك لا تعيش حياتك، ولكن الحياة تعيشك. إن الحياة هي الراقص وأنت هو الرقصة».‏

عن المؤلف:‏

«ايكهارت تول» معلم روحاني ومؤلف ألماني، من أقوى المؤثرين في عالم قدّم له: «قوة الآن» و»حديث السكينة» و»أرض جديدة» وغيرهم من الكتب التي دعا فيها، إلى الوعي واليقظة الروحية، وصولاً إلى الارتقاء بالذات الإنسانية..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية