تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ستيفان هيسيل الراحل.. وقصة نجاح كتاب

عن مجلة اكسبريس
فضاءات ثقافية
الثلاثاء 5-3-2013
ترجمة: دلال ابراهيم

مساء السادس والعشرين من الشهر المنصرم غيّب الموت الكاتب الفرنسي ستيفان هيسيل صاحب كتاب (اغضبوا!) الذي حقق نسبة مبيعات خلال فترة قياسية وصلت إلى أربعة ملايين نسخة في كافة أرجاء العالم. ولكن ماهي قصة هذا النجاح الكوني لهذا الكتاب؟

صدر الكتيب الصغير للكاتب هيسيل في فرنسا في شهر تشرين الأول 2010 عن دار Indigènes في مدينة مونبلييه, ضمن مجموعة كتب تحريضية تدعى (أولئك الذين يسيرون عكس اتجاه الرياح)- وقد حققت نجاحاً عظيماً لغاية الآن– ولكن الرياح تحولت ونفحت في ظهر الدبلوماسي السابق هيسيل, حيث حقق كتابه (اغضبوا!) نسبة مبيعات وصلت إلى أربع ملايين نسخة في العالم أجمع.‏

بالطبع حقق الكتاب النجاح على نطاق واسع في فرنسا حيث صدر, وبلغ عدد النسخ المباعة هناك 2,2 مليون نسخة. ومنذ ذلك الحين هب إعصار صحفي, أدلى فيه الجميع بدلوهم في هذا العنوان وفي مضمونه. وطرح المفكرون أسئلة عديدة حوله إذ كان موضع نقاشات حادة, ومنها: هل يقود الغضب إلى انتهاج سياسة الشفقة؟ وهل هذا هو الاستياء؟ وهل نغضب دوماً من الآخر ولا نغضب البتة من أنفسنا؟ حتى إن العنوان أصبح رمزاً, فمن جانبه صنع طوني غالتيف فيلماً وثائقياً بعنوان اغضبوا!. والأهم أنه في تشرين الثاني من عام 2011 عبرت فرقة Poppys عن فحوى اغضبوا في أغنياتها, إلا أن اسبانيا هي التي وضعت الكتاب في مداره العالمي. ففي 15 تشرين الأول عام 2011 بدلت حركة (15 أيار) اسمها, وأطلقت على نفسها اسم (الغاضبون!) وجرى تدوير المصطلح من قبل المتمردين في المكسيك وتشيلي وبوليفيا والأرجنتين.‏

وانطلقت رحلة الكتاب إلى اليابان وكوريا وكرواتيا ورومانيا والبرازيل, وحتى في ألمانيا, حيث لم يسجل أي تمرد, فرغت مخازن الكتب من كتيب (اغضبوا!) خلال بضعة أيام قليلة. وفي سلوفينيا, احتل الكتيب قائمة أفضل خمسة كتب مباعة لهذا العام. ويؤكد ارابيلا كروز, الوكيل الذي قام ببيع الكتاب في العديد من الدول الأوروبية: «ليس هناك دولة لم يحرز فيها الكتاب نجاحاً, ولكن أسباب النجاح تختلف من دولة إلى أخرى».‏

وخلقت أعمال التمرد في بعض الدول بيئة ترويجية مؤاتية للكتاب, ففي تشيلي تقدمت مبيعات (اغضبوا!) عندما نزل الطلاب إلى الشارع من أجل الاحتجاج ضد ارتفاع تكاليف التعليم. وفي الولايات المتحدة  تزامن صدور كتيب (حان الوقت للغضب) مع ظهور حركة (احتلوا وول ستريت) وتشابك مع الدورة 66 للأمم المتحدة, حيث كان من المفترض أن تناقش الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ترشيح فلسطين للعضوية.‏

ومن أجل إصدار الكتاب باللغة الصينية, جرى تنقيح للنص, وصدر ملحق يمجد اللاعنف, حيث يغضب الصينيون ثم يذهبون إلى العمل.‏

وفي كل الأحوال, بيعت حوالي 4,5 ملايين نسخة من الكتيب في 35 دولة. وهذا لا يعني ترجمته إلى 35 لغة. وتفيد التقارير إلى أنه جرى ترجمته لأول مرة إلى لغة الاسبرانتو «Indignu !» حتى إن بعض الدول ترجمته عدة مرات. ويوجد خمس ترجمات بلغات إقليمية في اسبانية: البرشلونية والقشتالية, والباسكية, والجاليكية, والبلنسية. وفي فرنسا ترجم هناك هيسيل باللغة الكورسيكية «Indigneti Vi !»‏

ولم تستسلم بعض البلدان إلى هوس هيسيل, على غرار روسيا والهند ومعظم الدول العربية. وفي دمشق اقترح أحد الناشرين ترجمة ونشر الكتاب.‏

ولا شك أن هذا النجاح قلب حياة هيسيل, الذي أصبح يستقبل استقبال الأبطال في كل مكان, ولا سيما من قبل المحرومين. سافر إلى اليابان والسويد وتونس. وفي نيويورك حييته جماهير (احتلوا وول ستريت) في حديقة زوكوتي, التي حولوها إلى مخيم للغاضبين الثائرين. كما وألقى محاضرات في العديد من الجامعات في العالم, وتجمع الآلاف من الطلاب, في اسبانيا, في قاعة المحاضرات للاستماع إليه.‏

ولخصت ناشرة الكتيب سيلفي كروسمان ظاهرة هيسيل بالقول: «احتل ستيفان هيسيل مكان العظماء القدماء في المجتمعات البدائية». وفي عام 2012 حصلت عبارته الشهيرة (بسرعة إلى الأمام) على 12% من الأصوات في مؤتمر الحزب الاشتراكي. وخاطبته العضو في الحزب الاشتراكي مارتن اوبري: (ستيفان العزيز, لقد هديتنا إلى الطريق) أما فرانسوا هولاند فخاطبه: (في كل وقت ينبغي أن نستمع إلى الغاضبين, أليس كذلك يا عزيزي هيسيل؟).‏

هذا وقد أصدر الكاتب خلال الفترة الممتدة من عام 2010 إلى 2013 أحد عشر كتاباً, وجميعها تنتهي بعلامة التعجب أو الاستفهام. وأصبح رائداً في إصدار الكتيبات التي تباع بأسعار زهيدة. وعلى إثره ازدهرت علامات التعجب على أغلفة كتب جاك أتالي, وفيليب بوتو وكوهن بنديت. كتب رخيصة وقصيرة, يمكن قراءتها في ربع ساعة. والقدماء قالوا: «الغضب هو فترة جنون قصيرة.»‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية