تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قطر والسعودية والتدخل بالانتخابات الرئاسية المصرية

شؤون سياسية
الأثنين 4-6-2012
عبد الحليم سعود

ربطا بالنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية المصرية التي ستجري جولة إعادتها في 16 و17 حزيران الجاري والتي يتعين عليها تحديد هوية الرئيس القادم من بين مرشحين اثنين

هما محمد مرسي مرشح الأخوان المسلمين وأحد رموز النظام السابق ونعني به رئيس آخر حكومة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الفريق أحمد شفيق.. يبقى السؤال الأهم الذي يحير الناخب المصري ويقض مضجعه وينغص عليه فرحته هو من الذي سيختار الرئيس المصري القادم ..الشعب الذي ثار ضد النظام أم الخارج الذي تواطأ ضد الشعب وضد ثورته السلمية..؟‏

فوسط حالة الغضب التي تعم الشارع المصري وعودة الحياة للميادين التي أخرجت مبارك من الحكم وأدخلت مصر في دوامة من الصراعات المتعددة الأوجه يخشى بعض المصريين على ثورتهم من أن تسرق أمام أعينهم دون أن يستطيعوا فعل شيء سوى العودة مجددا إلى ميدان التحرير وبقية الميادين الأخرى لتسجيل اعتراضاتهم التي لن تغير شيئا في الواقع الجديد.. فالأخوان المسلمون الذين ترددوا في الالتحاق بالثورة سيطروا على مجلس الشعب بعد أن حصدوا أغلبية مقاعده، والمرشحون المحسوبون على ميدان التحرير والذين كانوا جزءا من حراك سياسي وشعبي طويل أوصل مصر إلى هذه المرحلة صاروا خارج السباق بطريقة غامضة، بحيث أصبح أبناء الثورة المصرية مجبرين على خيارين أحلاهما مر أي إما التصويت لمرشح الأخوان الذي تدعمه بعض أنظمة الرجعية العربية المتطرفة محمد مرسي وإما التصويت لأحمد شفيق الذي تدعمه دول غربية نافذة في محاولة لإعادة إنتاج نظام جديد يحافظ على كامب ديفيد ويحمي المصالح الأميركية والصهيونية.‏

فالتدخل في الشؤون المصرية بدأ منذ اندلاع الثورة عندما بدأت قوى خارجية معروفة بالتأثير على مجرى الأحداث من خلال دعم أطراف داخلية على حساب أطراف أخرى تحت عناوين مختلفة منها الجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان والناشطين الحقوقيين ومراقبة الانتخابات وغيرها، وغير بعيد عن تلك الضجة الكبيرة التي أثيرت العام الماضي حول التمويل الأميركي والأوروبي لبعض الأحزاب والجهات للتأثير على المزاج الشعبي وهو التمويل الذي أشعل أزمة بين القاهرة وواشنطن، وغير بعيد عن ذلك أيضا التدخل القطري والسعودي في الشؤون المصرية ودعم اتجاه ضد آخر ومن ذلك ما كشفه النائب في البرلمان المصري مصطفى بكري عن زيارة قام بها مدير المخابرات القطرية أحمد بن جاسم آل ثاني للقاهرة أثناء الجولة الأولى من الانتخابات المصرية ولقائه عدداً من مرشحي الرئاسة، وبحسب المعلومات التي وصلت للنائب بكري فإن مدير المخابرات القطرية دعا المرشح حمدين صباحي لاجتماع ضم مرشد جماعة الاخوان محمد بديع وعددا من المعارضين السابقين للعقيد الليبي معمر القذافي المنتمين لتيارات دينية متشددة ثم اتسع الاجتماع ليشمل قيادات في حزب «الحرية والعدالة» بمن فيهم المرشح محمد مرسي.‏

وبحسب المعلومات المسربة فإن المسؤول القطري عقد اجتماعا آخر مع مرشح الرئاسة الخاسر خالد علي وشخص آخر يدعى أسامة ياسين من أجل التحضير للهجوم على المرشح أحمد شفيق وعلى مقرات حملته الانتخابية، بحيث يتولى خالد الجانب السياسي فيقود مظاهرات ميدان التحرير ويتولى الحشد في ميادين المحافظات الأخرى، في المقابل يتولى أسامة ياسين توفير كوادر من التنظيم الخاص للإخوان إلى جانب فرق أخرى من «الثوريين» الموالين لخالد علي تتولى عملية الهجوم على مقار حملة شفيق وحرقها في توقيت واحد بهدف تدمير إمكانات حملته وإرهاب مؤيديه وجرهم إلى مواجهات دموية وهذا ما جرى فعليا في العديد من المدن في الأيام الأخيرة.‏

وتقول المصادر بأن الاجتماع أسفر عن توفير كل الموارد المالية لخالد علي وأنصاره وضمان استمرار التمويل والتنسيق المباشر بين المخابرات القطرية والمذكورين، في غضون ذلك ترجمت السعودية تدخلها «الثقيل» في الشأن المصري من خلال فتوى أقدم عليها أحد شيوخها المتطرفين تقضي بتحريم التصويت لشفيق، وخاطب الشيخ السعودي عبد الرحمن البراك المعروف بفتاواه الغريبة المصريين بالقول: «اقطعوا الطريق على أحمد شفيق ومن وراءه فإن انتخابه حرام».‏

هذه التطورات ترافقت مع إحباط الجيش المصري محاولة لتهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى داخل البلاد عبر الحدود مع ليبيا، ومعروف أن قطر هي من تشرف اليوم على توريد السلاح إلى ليبيا وبالتالي لا يمكن تبرئتها إزاء عمليات تهريبه إلى مصر كما هو حالها مع تهريبه إلى سورية عبر تركيا وشمال لبنان.‏

في كل الأحوال التدخل الأجنبي والعربي «القطري والسعودي» واضح جدا في الحالة المصرية، ولعل أبرز محفزات هذا التدخل هو تردي الأوضاع الأمنية وحالة الغضب العارم التي يمر بها الشارع المصري، فنتائج الانتخابات الأخيرة فاجأت المصريين ووضعتهم في وضع لا يحسدون عليه بعد خروج المرشحين القريبين من المزاج الجماهيري الذي وفره ميدان التحرير كحمدين صباحي ومحمد سالم العوا وعبد الله الأشعل..إلخ، وتأهل المرشحون البعيدون عن مزاج الثوار وتطلعاتهم، لذلك يجد أغلب المصريين أنفسهم مجبرين على خيار «أحلاهما مر» وبعبارة شعبية «مخيرون بين الطاعون والحمى» وقد لاتؤول جولة الإعادة إلى نهاية سعيدة بالنسبة للمصريين الذين قد لا يتأخرون كثيرا عن ميدان التحرير لإعادة إحياء الثورة التي سرقت بفعل فاعلين عرب وأجانب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية