تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على مشارف الذكرى 45 لنكسة حزيران

شؤون سياسية
الأثنين 4-6-2012
بقلم: نواف أبو الهيجاء

نستذكر بألم تلك الايام من حزيران من عام 1967 حين شرع العدو الصهيوني بحربه العدوانية على الجبهات العربية الثلاث ( المصرية والسورية والاردنية ).

وفي خلال ايام لا تتجاوز الخمسة كان الاحتلال الصهيوني قد اتسع ليصل الى احتلال كامل فلسطين وسيناء وصولا الى الضفة الشرقية للسويس وهضبة الجولان .‏

كانت الجماهير العربية تظن قبل الحرب انها اصبحت قاب قوسين او ادنى من تحرير الجزء المحتل من فلسطين عام 1948. لذلك كانت النكسة اكثر مما تحتمل النفس العربية من احباط . الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أعلن مساء التاسع من حزيران ذاك استقالته التي سميت الاستقالة المستحيلة .. لأن الشعب العربي خرج هادرا الى الشوارع يهتف برفض الاستقالة وبرفض الهزيمة وليعلن استعداده للقتال .‏

القيادات العربية استجابت حينذاك للجماهير فكانت لاءات قمة الخرطوم لا صلح ولا تفاوضاً ولا استسلاماً تعبيرا عن تلك الاستجابة .‏

لماذا كان عدوان حزيران ؟ قبل حزيران ذاك كانت الثورة الفلسطينية قد انطلقت برصاصتها الاولى من أرض سورية العربية في الاول من كانون الثاني من عام 1965. وخلال عامين ونيف اثرت الثورة التي كبرت واستقطبت الجماهير الفلسطينية في عدد كبير من التنظيمات والحركات اثرت على الكيان الصهيوني مما جعل الهجرة المعاكسة ظاهرة تقلق العدو . كما ان العدو اراد ان يكون مدافعا عن (حدوده ) خارج ارض فلسطين .الى ذلك كانت الحركة القومية العربية قد وصلت الى ذروة ارعبت العدو الاستعماري والصهيوني .لذلك اراد الكيان الصهيوني ومن يسنده ان يضرب عدة عصافير بحجر واحد . ان يضرب المقاومة . ان يقضي على الجيوش العربية التي تشكل خطرا على وجوده وان تتوسع رقعة الاحتلال لكي ينفذ شعاره المعروف ( دولة اسرائيل من الفرات الى النيل ).‏

لقد صعقت الجماهير العربية وصدمت . ولكن ارادة الصمود والمقاومة انطلقت من جديد فكانت معركة الكرامة في اذار 1978 انذارا للاحتلال ورافعة للمعنويات العربية وتوكيداً على ان المقاومة لايمكن ان تهزم في أمة حية كأمة العرب .‏

وما بقي بعد ذلك من محطات بات معروفا : فثمة محطة ايلول 1970 التي ادت الى اخراج المقاومة من الاردن – ومن ثم العدوان على المقاومة في لبنان واخرجها منه وثمة محطة أهم واكثر ايجابية هي حرب اكتوبر عام 1973التي اثبتت قدرة الجنود العرب على القتال وتحقيق الانتصار لولا ان السادات هو الذي اوقف القتال ووافق على القرار 338 المتضمن انقاذاً للقرار 242 الصادر عام 1976 إثر حزيران .‏

كانت اللعبة الصهيو - امريكية الخيانية تتجلى في استغلال حرب اكتوبر للبدء بعملية التطبيع مع الكيان الصهيوني فكانت مفاوضات الكيلو 101 على الجبهة المصرية انسجاماً مع خطة هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية والصهيوني العريق المتمثلة بسياسة الخطوة خطوة . حقا فما لبث العرب ان جردوا القضية من عمقها وجذورها القومية في قرارات قمة المغرب عام 1974 حين قالوا انهم يقبلون بما يقبل به الفلسطينيون وكأن القضية القومية المركزية للامة العربية ليست الا نزاعاً بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني .وبهذا وعليه تم التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بين السادات والعدو الصهيوني وتم بعد ذلك ابرام اتفاقية وادي عربة بين المحتلين والاردن.وبالتأكيد فان اتفاقية اوسلو ليست الا النتيجة الحتمية للتنازلات العربية المتتالية .‏

سورية وحدها بقيت ترفض إبرام أي اتفاق مع الاحتلال الا بالانسحاب التام من الاراضي العربية المحتلة واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني وبقيت حاضنة المقاومة الوطنية الفلسطينية – مؤكدة عروبة القضية ومركزيتها .وفي المحصلة ذاتها جاء الانقسام الفلسطيني بين قطاع غزة ورام الله ( أي بين المقاومة المسلحة والمفاوضات وليس غير المفاوضات ).‏

ان الواقع اليوم لابد ان يعيدنا الى استذكار أسباب حرب حزيران 67 وفي مقدمها الكفاح الفلسطيني المسلح – المقاومة الفلسطينية والعربية التي وحدها حققت انتصارات وانهت اسطورة الجيش الذي لايقهر في جنوب لبنان عامي 2000 و 2006 وفي قطاع غزة عامي 2005 و2008- 2009 .‏

وما تشهده الارض العربية اليوم لايخرج عن اهداف المحتلين واستراتيجيتهم التي ترمي الى اخراج الجيوش العربية المؤثرة من ساحة الصراع مع العدو وانهاء المقاومة العربية وحاضنتها القومية .‏

لقد أخرجت كامب ديفيد جيش مصر من ساحة الصراع وأخرج الاحتلال الامريكي العراق والجيش العراقي من المعركة ولم يتبق الا الجيش العربي السوري والمقاومة العربية في فلسطين ولبنان . لنتأمل الصورة ملياً ونقرأ الحدث في ليبيا واليمن ومصروتونس بعد العراق – لنرى الهدف الحقيقي جراء ما يجري ويعد في سورية ولها .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية