تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سلام على الشرفاء في وطني

معاً على الطريق
الأثنين 4-6-2012
أنيسة عبود

لم أستطع تناول قهوتي هذا الصباح.. لقد انتهى الغاز من بيتي ولم أشتر من السوق السوداء.

فقد صدقت كلام وزير النفط الذي خرج علينا بحوار تلفزيوني مفاده أن أزمة الغاز ستنتهي خلال أسبوع..‏

وأن جرار الغاز تسير وحدها في الطريق ولا يحتاج الأمر إلى أكثر من أسبوع فقط.. لكن الأسبوع مرّ وجاء بعده أسابيع وجرارنا تخور من الانتظار..فلماذا يزرع المسؤولون الوهم في حقولنا؟ ويدعون واقعاً غير واقعي؟‏

ليتهم قالوا لنا الحقيقة..وليتهم ينتهون من سراب الوعود، كنا على الأقل نحاول ابتكار الحلول، أو ابتكار الصبر. والله نفد صبرنا.‏

................................................‏

تدهشنا أحيانا تصريحات بعض المسؤولين حول القضايا المعيشية للمواطن وحول متطلبات الحياة اليومية.. فمن يسمع تصريحاتهم يعتقد أن البلاد لا تعاني أزمة غاز ولا أزمة مازوت ولا غلاء في أسعار المواد الغذائية الذي خلق طبقة من العمال والموظفين والفلاحين على شفا الفقر, بل تكاد تصل حدّ الجوع..فلماذا لا تكون الأمور واضحة وشفافة؟‏

ولماذا يقذفوننا بوابل من التصريحات المطمئنة بينما الواقع المعيشي والخدمي يقول العكس؟‏

...................................................‏

وعلى ذكر وابل الآمال التي نقرؤها على الشريط الإخباري الأزرق المضيء أسفل شاشة التلفزيون..تأملنا أن تصل الأسمدة القادمة إلينا عبر البحر-كما ذكر الشريط الأزرق المضيء.. لكن هذه الأسمدة لم تصل إلى الفلاحين إلا (من الجمل أذنه) وخاصة فلاحي الساحل السوري الذين لم يسمدوا كروم البرتقال حتى الآن..‏

الأسمدة قادمة في البحر؟ والبحر قريب علينا وقريب منا.. لكن الأسمدة لم تصل فوصلت أسمدة السوق السوداء..كيف تصل هذه ولا تصل تلك؟‏

..............................................‏

السوريون يعرفون أن البلاد لا تمر في أزمة فقط.. بل هي تمر في حرب شعواء أشدّ من حرب داحس والغبراء.‏

لقد نبحت علينا الكلاب، وتكاثرت حولنا الضباع من كل حدب وصوب كأنها تكاثر (الظباء على خراش.. فما يدري خراش ما يصيد.)‏

والسوريون الصامدون يعرفون أن السوق السوداء مزدهرة وأن كل القيم التي درسناها وحفظناها ذهبت أدراج الاحتكار والربح السريع.. إذ تبين أن المال يهزّ العروش والنفوس والعمائم والطرابيش معاً..فإذا كان جدنا القرضاوي يرقص للمال.. وعلى قدر رزمة المال تكون رزمة الفتاوى القرضاوية القارضة لكل القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية، أفلا يرقص لهذا المال تجار الحروب و الأزمات؟‏

..............................‏

نعم.. السوق السوداء مزدهرة.. والغش مزدهر..والأسعار على هوى التاجر.. (وإذا ما عجبك قحّطّ) ولكن المواطن (المعتر) الذي لم يعد أمامه من وسيلة إلا الإعجاب ليطعم الأفواه الجائعة يدفع كما يشتهي التاجر وروحه تغص وقلبه في يده وهو يمضي إلى منزله خائفاً من لحظة الغفلة.. وهي اللحظة التي يدفع ثمن حدوثها إخوتنا السعوديون وإخوتنا في الإمبراطورية‏

القطرية المترامية الأطراف من حرّ مالهم حتى لا يصل المواطن السوري مع طعامه إلى بيته وأولاده إلا أشلاء.‏

ولأن العربان و الأعراب (أشدّ كفراً ونفاقاً) إخوتنا وأحبتنا..فقد دفعوا ثمن رأس السوري ألفي ليرة بعد أن يرموه في نهر العاصي بينما لم يدفعوا شيئاً لإخوتهم في ليبيا الجريحة.‏

مع ذلك.. السوريون يتحملون الجوع ولا المذلة.. والسوريون يعرفون أن العالم المتوحش يلعب بدمهم وبقوتهم.. ويعرفون أن الغرب يتاجر برؤوسهم المقطوعة، وبأجسادهم الممزقة (فالاستعمار هو الاستعمار كما قال السيد الرئيس في خطابه الأخير), ولكن الذي لا يعرفونه هو متاجرة المسؤولين بهم وبأحلامهم. فهل عليهم أن يصدقوا أن إناء الماء والحصى للأم التي مرّ بها الخليفة العادل عمر بن الخطاب هو إناء طعام حقاً؟‏

شبعنا من الأحلام والخيالات.. وتعبنا من الغموض والانتظار..صارحونا.. قولوا لنا الحقيقة كما هي (وكما بينها لنا السيد الرئيس) كي نتهيأ للأيام القادمة..ارحمونا من السراب. لقد مللنا من الانتظار لكن لم نمل من التضحية.فسلام على الشرفاء وعلى المضحين وسلام على الشهداء والصابرين....سلام على سورية وجيشها العظيم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية