تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إطلالات فنية تكشف المستور

ثقافة
الثلاثاء 8-10-2019
فؤاد مسعد

بدت أغلب إطلالات الفنانين على الشاشات احتفائية تلقي الضوء على مسيرتهم بشجن وحنين، ورغم أنها لقاءات مطلوبة وتحتاج لعناية كي تخرج بكامل ألقها وخصوصيتها ،

إلا أنه في المقابل غاب اللقاء المشاكس الذي يحرّض الضيف ويدفعه لإعلان موقف صريح من هذا الشأن أو ذاك، أو تناقشه بموضوعية وحنكة بمفردات عمله، كما غاب السؤال الذي يخفي بين أحرفه نقداً يحشر الضيف في الزاوية من خلال أسئلة محكمة نابعة من صميم وعمق ما يُقدم فيجد نفسه أمام لقاء من (العيار الثقيل) يحرك الراكد.‏

وكما أن لهذه الإطلالات محاسن فإن لها مثالب لابد من التنبه إليها، وكأنها في مجملها تحمل وجهين متناقضين لعملة واحدة. فإطلالة الفنان تكشف حقيقته أمام الجمهور، لذلك عليه أن يُقدم نفسه بالشكل الأفضل والأقرب للجمهور لئلا يأتي تأثيرها عكسياً ، فعبر اللقاءات المتلفزة إما أن يبدو الضيف ضحلاً فارغاً ليس لديه رؤى ، أو يبدو حقيقياً ومتحدثاً يعي أبعاد ما يقول وله مواقفه من الحياة ومن شؤون مختلفة في المجتمع، وعندها يدخل دون استئذان إلى وجدان الجمهور ويزداد رصيده في قلوبهم، ومن شأن هذا أو ذاك أن يحدد نوع العلاقة المستقبلية بين الفنان وجمهوره، ومن هذه الزاوية بالذات من حق الفنان أن ينتقي إطلالاته ، خاصة على الشاشة الصغيرة ، شرط أن يكون هذا الانتقاء مبعثه والقصد منه البحث عن الحضور الأهم والأفضل.‏

فالعديد من الفنانين سقطوا بعد إطلالات أطلقوا خلالها تصريحات هوائية بعيدة عن المنطق، وربما أكثر ما يقع الفنان في هذا الفخ عبر البرامج التي تعتمد التسلية والترفيه و(الفرقعات) فقط، فعندها يبدو سطحياً لا أرضية ثقافية أو معرفية تحمله أو يستند إليها، في حين أن العديد منهم أيضاً خطوا خطوة أخرى باتجاه الجمهور في تثبيت ثقته بهم ، لأنهم لم يستخفوا باللقاء وإنما تعاطوا معه بكامل الجدية والالتزام، والمفارقة أن مبدعين نحبهم نراهم على شاشات عربية وهم على استعداد للمضي قدماً بشروط البرنامج وفقراته كلها كما هو محدد لهم وإن لم يكن ذلك (من قيمتهم)، ربما لأنهم حسبوا أن ذلك يقربهم من الناس أو لأن المكافأة (حرزانة) واسم المحطة مغرٍ، وهو أمر لم يخفه البعض وتحدث به جهاراً في جلساته مع الأصدقاء والمقربين.‏

لا بد أن يدرك الفنان أن أي اطلالة لها حساباتها، وأي كلمة قد تحفر في نفس المتلقي، وأي موقف يدلي به يؤثر من خلاله على الآخر سلباً أو إيجاباً ، لأنه في النهاية شخصية عامة، ولابد أن يدرك أيضاً أن عملية اختيار الدور وسعيه لتجسيده بالشكل اللائق لا تقل أهمية عن إطلالاته الإعلامية، ففي كلتا الحالتين سيكون تحت الضوء وسيتابعه الجمهور ، فإما يخطون خطوة للاقتراب منه أو الابتعاد عنه ، والقرار يبقى في يده.‏

fouaadd@gmail.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية