|
إضاءات إعلان المسابقة حدد شروطاً تضمن - إلى حد كبير - نزاهة التحكيم، وتقدم بديلاً أفضل - بكل المعايير- لقيام المؤسسة بتكليف فنان بتقديم التصميم، بناء على معايير يجهلها الجمهور. ولكن الإعلان في الوقت ذاته تضمن كلمة واحدة إذا تم التقيد بها، فإن ذلك سيؤسس لنهج خاطئ في التعامل مع مفهوم البوستر، وخروجاً غير مبرَر - فنياً وإعلامياً- عن تقاليد المعرض، وإرثه الإبداعي على امتداد عمره. وحتى عن تقاليد المهرجانات الدورية في سورية، وهو أحد أهم هذه المهرجانات. أما الكلمة الوحيدة المقصودة فهي كلمة (دائم) التي وُصف بها التصميم. قد يكون وراء التفكير ببوستر دائم لمعرض دمشق الدولي، دافع مالي أو معنوي، يهدف لتخفيف النفقة، أو لتخفيف الانتقادات، لكن الأمر هنا يتعلق بـ (بوستر) لا بـ (لوغو) وكل المشتغلين في العمل الفني، وكثيرٌ غيرهم، يعرف الفرق بين اللوغو (الرمز البصري)، والبوستر، الذي يُتّرجم أحياناً إلى كلمة ملصق. فالأول ثابت، والثاني متبدل، واللوغو يجب أن يكون موجوداً دائماً في بوستر أي نشاط للمؤسسة، على سبيل المثال بوستر معرض الكتاب السنوي في مكتبة الأسد لا يغيب عنه لوغو المكتبة أبداً، وبوستر مهرجان دمشق السينمائي يتضمن على الدوام لوغو مؤسسة السينما، وقد يكون هناك لوغو للمهرجان ذاته، وهو أيضاً يجب أن يكون دائماً. أما البوستر فيجب أن يتبدل مع كل نسخة جديدة من النشاط الذي يمثله، والتسمية الرائجة الأكثر تداولاً للبوستر هي (الإعلان) وهي تترجم فهماً شعبياً عميقاً لوظيفته. من بين التقاليد التي حافظ عليها معرض دمشق الدولي منذ تأسيسه عام 1954 اعتماد هوية بصرية خاصة لكل دورة، تنطلق من تصميم البوستر الخاص بهذه الدورة، ويتم تعميم هذه الهوية على الملصقات والإعلانات الطرقية، وعلى الطوابع التذكارية وعلى غلاف الدليل السنوي، إضافة إلى بطاقات الدخول، ومجمل مطبوعات المعرض على اختلاف أنواعها. وقد تضمن تصميم البوستر على الدوام الشكل الجديد الذي يحتل معظم مساحة الملصق، يرافقه الرمز البصري الدائم للمعرض (اللوغو) وله شكل مثلث تتقاطع مع ضلعه الأيمن دائرة على شكل ترس آلة ترمز للصناعة، وتشغل ضلعه الأيسر سنبلة قمح رُسمت بشكل مبسط ترمز للزراعة، فيما يحتل أعلى المثلث جناح يرمز للتجارة. ويضم الملصق أيضاً لوغو هيئة المعارض الدولية يرمز له رأس رجل يرتدي قبعة لها جناحان. كما يضم بشكل دائم عبارة معرض دمشق الدولي مرفقة برقم الدورة باللغة العربية ثم باللغة الفرنسية (وفي السنوات الأخيرة بالانكليزية بدلاً عنها) وتاريخي بدء واختتام كل دورة باللغتين المستخدمتين (العربية والفرنسية، أو العربية والإنكليزية). ورغم تلك الثوابت التي لم يخل منها أي بوستر سنوي، ولا حتى بطاقات الدخول وسواها، فإن المصممين (وبينهم مبدعون كبار مثل عبد القادر أرناؤوط وإحسان عنتابي) وجدوا أنفسهم دوماً قادرين على ابتكار تصاميم جديدة كل عام. وفي بعض الأعوام كانت تلك التصاميم تشير إلى جديد ما في المعرض، أو إلى رقم الدورة بشكل ما ضمن صيغة فنية خاصة. وعلى هذا فإن تاريخ البوستر في المعرض يقدم توثيقاً إبداعياً لتطور مفهوم البوستر، أيضاً لتطور تقنيات إنجازه من التقنيات اليدوية وحتى أحدث وسائط الكمبيوتر. الخطوة الجديدة - الجيدة لمؤسسة المعارض تستحضر من الذاكرة حالة سابقة تتعلق بالمؤسسة ذاتها، فقد كانت إدارتها تختار فنانين، وفق اعتباراتها، وتكلفهم بتصميم بطاقات يانصيب المعرض، حتى عام 2000 حين اختارت الفنان التشكيلي أحمد معلا لتصميم بطاقات العام التالي. ولكن أحمد معلا، بروح الفنان المخلص لدوره في الحياة، اقترح أن يكون تصميم البطاقات مسابقة مفتوحة أمام جميع الفنانين، وأن تقوم لجنة اختصاصية باختيار التصاميم الأكثر تميزاً لكامل البطاقات التي ستطبع خلال العام، وهذا ما حصل فعلاً، فتكّرس تقليدٌ يمنح فرصاً للفنانين من جهة، ويخلق من جهة ثانية حالة تنافسية تؤدي إلى الارتقاء المستمر بالتصاميم. وعسى أن تستفيد إدارة المؤسسة من تجربتها السابقة، وتُخلّص خطوتها الجديدة - الجيدة من شائبة التصميم الدائم. www.facebook.com/saad.alkassem |
|