|
فلك بعد مرور خمسين عاماً على انطلاق أول إنسان لسبر أغوار الفضاء، دخلت القوى الفضائية الثلاث الكبرى الولايات المتحدة وروسيا والصين عصرا بات التعاون فيه أكثر أهمية من أي وقت مضى.
فقد جرت في عام 2011 في موسكو احتفالات اليوبيل الذهبي ذكرى مرور خمسين عاما على أول رحلة للفضاء بقيادة يوري غاغارين عام 1961. وشهد عام 2011 إحالة أسطول المركبات المكوكية الأميركي إلى التقاعد بعد ثلاثة عقود، كما شهد نجاحات حققتها روسيا، وأخيرا بزوغ نجم الصين في مجال ارتياد الفضاء، كما شارك الأوروبيون أيضا في عملية محاكاة رحلة إلى المريخ مدينة فضائية قرب موسكو. وبعد مرور 42 عاما من أول هبوط على سطح القمر أصبح المريخ هو الهدف التالي لانطلاق الإنسان الى الفضاء. وتشمل الطفرات المرتقب تحقيقها خلال 2012 هبوطاً مقرراً للجيل التالي من مركبات الفضاء الأميركية على المريخ في شهر آب، وشروع الصين في بناء محطة فضائية خاصة بها. ولا تزال المركبات الروسية من طراز «سويوز» هي الوسيلة الوحيدة لنقل رواد الفضاء إلى المحطة الفضائية الدولية، فيما تتجه الولايات المتحدة نحو مشروع الرحلات الفضائية التجارية، وتستعد شركة «سبيس إكس» لإطلاق أولى رحلاتها غير المأهولة للمحطة الفضائية الدولية. وتستطيع وكالة الفضاء الروسية (روس كوسموس) أن تنتشي في دورها الجديد، باعتبارها الوحيدة التي توفر وسيلة نقل رواد الفضاء الى المحطة الفضائية الدولية على متن كبسولات الفضاء سويوز. ومنذ أن أتمت مركبة الفضاء الأميركية «أتلانتيس» رحلتها المكوكية الأخيرة في تموز الماضي لم يعد لدى الولايات المتحدة وسيلة نقل خاصة بها لنقل الرواد. وحاول رئيس وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) تشارلز بولدن، جاهدا أن يقلل من شأن ذلك الموقف، قائلا: «إن مستقبلا مبهرا ينتظرنا». وبالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء المحطة الفضائية الدولية، تم الانتهاء من وضع خطط لمهام من شأنها تغيير شكل العالم، إذ تم التخطيط لإطلاق مهمة فضائية مأهولة لكويكب عام 2025 ثم رحلة أخرى إلى المريخ بعدها بـعشر سنوات. وبدأت معالم أضخم صاروخ في تاريخ «ناسا» تتبلور، وكذلك كبسولة فضاء جديدة تستطيع حمل ستة رواد، ومن المقرر بدء رحلات تجريبية غير مأهولة في2014 لكن الأمر غير المؤكد هو ما إذا كانت «ناسا» ستحصل على تمويلها السنوي المعتاد بقيمة ثلاثة مليارات دولار واللازمة لتغطية نفقات التطوير أم لا. وخطت الصين خطوات قوية في 2011 نحو بناء محطتها الفضائية الدولية، بإجرائها أولى تجارب الهبوط، عندما التحمت المركبة الفضائية الصينية غير المأهولة «شنتشو- 8» مجددا بكبسولة المختبر الفضائي الخاصة بها «تيانجونج -1»، ومن المقرر الانتهاء من المحطة عام 2020. والتحمت «شنتشو 8» (السفينة السحرية) مرتين بـ «تيانجونج-1» في تشرين الثاني الماضي، وتعاونت الصين مع ألمانيا في الفضاء، إذ استخدمت المعمل الألماني «سيمبوكس» على متن «شنتشو8»، حيث من المقرر دراسة الآثار الجانبية لانعدام الوزن على الكائنات الحية. ومع نجاح تجربة الالتحام، انضمت الصين لنادي الدول الكبرى في مجال السفر للفضاء، وهي الولايات المتحدة وروسيا التي سيطرت على تكنولوجيا الفضاء طيلة أربعة عقود. ولدى الصين خطط طموحة في هذا الصدد، إذ إنه إذا اكتمل بناء المحطة الفضائية حسب ما هو مقرر، فإن الصين ستصبح الدولة الوحيدة التي تمتلك موقعاً مأهولاً بشكل ثابت في الفضاء بحلول 2020. وتعكف الصين على بناء نظام ملاحة عالمي، وتخطط لإرسال سفن فضاء للقمر والفضاء السحيق، وتطور لهذا الغرض صواريخ دفع قوية. ويقول الخبراء: إن الصين يمكنها أن تجني عوائد سياسية كبيرة من خلال برنامجها الفضائي، فعلى الصعيد الداخلي تستطيع القيادة الصينية أن تنعم بنجاح برنامجها الفضائي، وتنال في الوقت نفسه العديد من المزايا الاستراتيجية على صعيد السياسة الخارجية. |
|