تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العرب والآخرون والوثيقة

آراء
الأربعاء 21/2/2007
أمير سماوي

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945بدأت تظهر المنظمات الدولية والقارية والإقليمية والقومية والوطنية وكل منظمة تفرعت

عنها منظمات ومكاتب ومجالس متخصصة, كمنظمة الأمم المتحدة وكل مايتبعها, والاتحاد الأوروبي, ولكن, هل توصلت المنظمات الأهلية والوطنية والقومية العربية والتي تصدر سنويا عشرات القرارات والمواقف والتصريحات والتوصيات وحسب كل واقعة مأساوية تحدث كإضافات مؤلمة على واقع القضايا العربية إلى الشكل القانوني وحتى البروتوكولي لتوثيق ما يصدر عنها لدى تلك المنظمات التي تعتبر كل ما يجري من أحداث ووقائع وفي كل الدول العربية يعنيها وتتوجه لتقويمه وفق مشيئتها 0‏

إن الآخر لن يفهمك إلا بمقدار ماتكون مفهوما لديه وبمقدار مصلحته لفهمك, ولكن العلاقة معه فتحت لك الباب كي تطرح كل ما لديك, كما هو يطرح عليك فهمه لكل ما يعنيك, وبناء على فهمه تعامل هذا الآخر معك كعربي, إنه يفرض ويملي رأيه وكأنه هو مشروعيتك تجاهه, كل هذا لأنك لم تصل إليه, أو لأنك لم تعبر عن حيويتك العصرية, لذلك وبين الفينة والأخرى يعود إلى ملفاته وأرشيفه فلا يجد شيئا منك عنك, فيدينك بناء على ما يجده من وثائق لعدوك مكدسة لديه عنك ?‏

ولأكون صريحا وواضحا أذكّر أولا بامتلاء خزائن السفارات والقنصليات من وثائق العصابات الصهيونية وخلوها من أية وثيقة فلسطينية أو حتى عربية, وكذلك بقيت هذه البعثات الدبلوماسية وغير الدبلوماسية تكتب الواقع العربي وتحدده وفق معاييرها وتملأ خزائنها بما تكتبه ودون أن تأتي أية جهة عربية لتواجهها بالكتابة الحقيقية والصحيحة وعلى الأقل لتضيف ما تكتبه كوثيقة مضادة لأرشيف هذه البعثات, فضمير التاريخ لن يتجاهلها وربما يأتي اليوم الذي لن تُنكر فيه حقيقةُ الشعوب 0‏

وأذكر ثانيا بحاجتنا نحن للعودة إلى تلك الخزائن نفسها المعبّأة ضدنا لدى هذا الآخر لمعرفة شيءٍ ما عنا, وهنا ألفت النظر إلى افتقار العرب لتوثيق تاريخهم منذ سقوط بغداد بين يدي هولاكو عام 656هجرية 0‏

تعقد سنويا المؤتمرات العربية سواء لمنظمة الجامعة العربية وما يتفرع عنها أو للاتحادات العربية كاتحاد العمال العرب واتحاد المحامين العرب وهناك عشرات الاتحادت والجمعيات العربية وحتى أنه توجد هيئة هي في غاية الأهمية وتابعة للجامعة العربية اسمها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم! وتصدر عنها جميعها قرارات ومواقف وتصريحات رسمية ذات صبغة سياسية بحتة, وهي تعكس تلك الصورة الغضبية لانفعالها غير المؤسس على تلك المهنية والمهارة التخصصية, ومع كل هذا فإن جميع ما صدر عنها ليس إلا أصواتا تتلاشى في برية العرب, فعلى الرغم من قوة الصوت الصادر عنها واستناده إلى قيم الحق والعدالة ومصداقية المشاعر المعبّر عنها لم تعرف هذه الهيئات العربية كيف تودعه في خزائن المنظمات الدولية والسفارات والقنصليات الأجنبية وجعله صوتا عربيا مضافا إلى أرشيفها كوثيقة حتى ولو تراكمت والتحفت الغبار في تلك الخزائن ?!!‏

كنت منذ فترة أحضر جلسة نقاشية رسمية بين بعض الكتاب العرب وموضوعها عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم المسلوبة في فلسطين المحتلة وفهمت من تلك الجلسة أنه توجد هيئات وجمعيات حول هذا الموضوع ولكن ماالمانع من وصول كل ما تصدره تلك الهيئات والجمعيات وحتى تلك الجلسة حتى إلى تلك الصناديق المقفلة التي يتبجح الآخر بامتلائها بالكثير من الملفات والأوراق والمسائل التي طرحها عدونا وفرضها على تلك الصناديق لتكون الصورة السلبية والسيئة عن العرب ?‏

ولأن العرب يتعاملون معها جميعها سواء كأعضاء فاعلين, أو بوجود علاقات أواتصالات وفق القانون الدولي ووفق معايير المصلحة الوطنية أو وفق أبسط المبادئ الدولية, فلم يمدوها بكل ما يوضح مواقفهم وحقوقهم ولم لايوصونها باتخاذ مواقفها بناء على ما يتخذون من قرارات وتوصيات ويتعاملون معها بنفس المكيال الذي تفرضه عليهم 0‏

وهنا أورد وضعا لنُخب الاتحادات العربية المتخصصة والتي تجتمع سنويا لإعلان مناوشات سياسية بعيدة عن لغتها التي تختص بها والتي يعرّضها الآخر سواء من خلال مهنية قرارات اتحاداته وتذييلها بإشارات سياسية حرفية ضد قضايانا لتهمة القصور وعدم المهنية والضعف في التوصيل بسبب عدم وصولها وسماعه لصداها الخافت, أو بسبب احتقانها بذلك الحماس والغضب ضده‏

إن العرب ما يزالون يتحفظون وبانكفاء مخجل على الكيفية المطلوبة كمقابل منهم للتعامل مع الآخر, وهذا بالتأكيد قصور في تمييزهم, فإن من سبقهم إليه وأقنعه بصحة ما يقوله تاريخه المصطنع كان من الذكاء بحيث أنه فرض عليه قوله ودبر من أجل ذلك المؤامرات والمكائد كعادته التاريخية, ولا يهمه التعامل مع هذا الآخر إلا بناء على إيجابية موقفه من قضيته وسلبية موفقه من قضايا العرب, فمتى تستيقظ كل الجهات والهيئات والجمعيات والاتحادات والمنظمات العربية وتملأ خزائن وصناديق الآخر بكل ما يصدر عنها من وثائق وأوراق وحتى تصريحات شفوية فتفحمه بها ولتكون مضادة لذلك الافتراء الذي يكيله أعداء العرب وهنا يكفي مثلا أن أذكّر أن لجان جوائز نوبل في استوكهولم وأوسلو لم تمنح من منحتهم من العرب جوائزها إلا بناء على الرضا الذي فرضه الأعداء وهي لم تسمع بمن سمعت عنهم إلا من مؤسسات الأعداء والآخر ولم يصلها مباشرة من مؤسسات العرب أية معلومة أو أسماء مبدعة فتقوم هذه المؤسسات العربية بترشيحها والدفاع عن مكانتها وحقها في الفوز ?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية