|
آراء هو الغزو الثقافي و الإعلامي,تحديدا البرامج والمسلسلات الأميركية والتي هيمنت على معظم الفضائيات العربية..
لا أنكر أني أتابع احيانا المسلسلات الأميركية لغاية وحيدة هي تقوية لغتي الانكليزية,لكني أراقب أيضا كيف يبهرني جمال الأمكنة والممثلين,وذلك الترف المخملي الذي يغلف العمل كله,لكن جانبا آخر من عقلي يدرك كمية السموم التي تبث بشكل خفي في هذه المسلسلات. تشترك هذه المسلسلات كلها بقواسم مشتركة واحدة.. 1- تشجيع ومباركة العلاقات الجنسية مهما كان نوعها,فإحدى البطلات مثلا تزوجت الأب أولا و أنجبت منه,ثم أحبت الابن الأكبر لزوجها الذي لديه ثلاثة شبان من زواج سابق,وأقامت علاقة جنسية مع الابن,ثم وبعد انتهاء تلك العلاقة أحبت الأخ الثاني وأقامت علاقة جنسية معه,وبعد تعثر علاقاتها,تقيم علاقة جنسية مع زوج ابنتها وتنجب منه..وطوال آلاف الحلقات(وهي آلاف دون مبالغة) تظل تلك البطلة (العاهرة) موضع إعجاب وتقدير وتهافت من قبل كل شخصيات المسلسل.. 2- التعاطف مع الشذوذ الجنسي,والتسامح الأقرب للإعجاب,واذكر هنا المسلسل الشهير فرندز,فإحدى بطلاته كانت متزوجة,ثم اكتشفت أن لها ميولا مثلية فتركت زوجها وعاشت مع صاحبتها..لكن ظلت علاقتها بزوجها ودودة..وكل لقطات المسلسل متعاطفة مع تلك المرأة (السحاقية),ولا توجد أية إشارة لإدانتها.. المحرك الرئيسي للعلاقات بين الأشخاص هو الدافع الجنسي..من يشتهي من وليس من يحب من.. تبدو المشاعر والأفكار مثل التعاطف,التفهم,الرقة,العفة,الخجل,كل هذه مفاهيم مغيبة ولا دلالة لها..فصوت الغريزة مدو على طول هذه المسلسلات.. للأسف لا يدرك الناس الخطورة الكامنة في هذه المسلسلات,و السموم التي تبث من خلالها انها أشبه بالسم لذيذ الطعم,يعمل ببطء,وبالتدريج على نخر قيمنا الأخلاقية الأصيلة,والتي تعتمد على الشرف,و الصدق,والنزاهة واحترام الجسد..نادرا ما ينتبه المشاهد الذي يجلس باسترخاء أمام الشاشة للغايات الخفية لما يشاهده,ربما لا يخطر بباله أن هذه المسلسلات تكاد تشجع وتحث على سفاح القربى,المرأة التي تحب الأب و الأولاد..المرأة التي تنجب بعد علاقة جنسية مع زوج ابنتها. تمر تلك الأفكار المدمرة مرورا شديد الجاذبية إلى المشاهد,فالأبطال نماذج بديعة من الجمال والأناقة والإغراء,وشبه العري التام..والأمنكة تلهب الخيال بترفها وسحرها..وكلنا نعرف أن بعض هذه المسلسلات جعلت الناس متكهربة على نحو عجيب بالشاشة,أذكر منها مسلسل أنت أو لا أحد,وفي وقت عرضه تصبح الشوارع شبه خالية..حتى أن أحد التجار غير اسم دكانه واستبدله بأنت أو لا أحد.. حتى برنامج اوبرا الشهير جدا,والمهم جدا في الواقع لأنه قادر على تناول أدق المواضيع وأكثرها حساسية,بجرأة وتحليل علمي ونفسي عظيمين,لكن شعرت بالألم والقهر الشديدين حين استضافت كونداليزا رايس,وحاورتها وهي مفتتنة بها وقدمتها كنموذج رائع لنساء متميزات ومبدعات,وسلطت الأضواء على الجوانب الإنسانية فيها... لست هنا بصدد محاكمة اوبرا,فهي حرة في قناعاتها..لكن أتساءل أي عقل قاصر وغارق في غيبوبة اللامبالاة,وذلك الذي أمر بترجمة هذه الحلقة وبثها في بيوت المشاهدين العرب الذين أنهكتهم صور المجازر المريعة في فلسطين والعراق ولبنان,وكلها بمباركة وتشجيع ودعم من كونداليزا رايس والحكومة الأميركية.. أي جريمة غير مقنعة اصلا,ان تعرض حوارا طويلا مترجما للعربية مع كونداليزا رايس,وتقدم فيه كانسانة استثنائية وعظيمة?! في أميركا ورغم التطور العلمي الأعظمي فيها,لا يمكن ابدا أن يعرضوا مشاهد الحرب في العراق,و المجازر في فلسطين..لأنهم يعرفون خطورة الإعلام المرئي ويكونون حذرين جدا من ان يظهروا وجههم الآخر الحقيقي والإجرامي للناس..أما نحن ففضائياتنا مشرعة شمالا وجنوبا,شرقا وغربا لكل أشكال الغزو الثقافي,التي تهدد شبابنا,وتسمم عقولهم خاصة أنها تحاصرهم في بيوتهم وتبث سمومها يوميا وعلى المدى البعيد... |
|