تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل الوشم دليل الرجولة والتحدي?

آدم
الأربعاء 21/2/2007
محمد أبوشريفة

لكل الشعوب عاداتها وادواتها في صناعة فن الوشم كأنه رمز إجماع عالمي في التجربة الإنساني أصبح الوشم تعبير عن هوية

بعض الطبقات الاجتماعية وبعض الأفراد المهمشين أو الرافضين لقيم الحياة السائدة .في الجيل الذي سبقنا كانت علامات الوشم تدل على وفرة في الرجولة والتحدي والفتونة كما أظهرها الفنان القدير( أبوعنتر) في أعماله التلفزيونية .‏

والشرط الضروري للوشم هو إظهار منطقة في الجسد على الأغلب الزي التقليدي لا يظهرها أما اليوم فإن الوشم قد أخذ مسارا مختلف عن الماضي لجهة من يقوم بالوشم ومن يضع الوشم على جسده والأدوات التقنية التي تستخدم في عملية الوشم ففي السابق كان الكحل أو الدم وعبر الكي تتم عملية الوشم والتي تلازم الشخص حتى الممات فلا مجال لإزالته وكيف يزال إذا كان الرجل يريد تخليد ذكرى حبيبته أو صديق أو عزيز لا يريد نسيانه . إنه أي الوشم علامة فارقة تعطى للشخص فتميزه عن الآخرين وتمنحه بطريقة ما هوية خاصة تجعله ينفرد بها عمن حوله وللغوص في تفاصيل التجارب الفردية لأشخاص وشموا أنفسهم كانت لنا مقابلة مع أبو مصطفى البالغ من العمر سبعين عاما حيث تظهر على ساعده الأيسر نقشة سنبلة من القمح وحرفين يقول أبو مصطفى: إن هذا الوشم يعود إلى سن السابعة عشرة من عمره حيث كانت ظروفه المعيشية صعبة بل تكاد تكون مستعصية فنصحه أحد الأصدقاء في ذلك الوقت بنقش وشم السنبلة كتعبير على أن الخير قادم وسيعم بعد أن سبقه هذا الصديق بنقش تلك السنبلة على ساعده حيث تشجع بالإقدام على تنفيذ نصيحة الصديق في حين رفض أبو مصطفى رفضا قاطعا أجابتنا حول ما هية الحرفين اللذين نقشا على جانبي السنبلة مكتفيا بالقول إنه عهد مع الله ألا يفشي هذا السر بالرغم أن أولاده وأحفاده سألوه عن حقيقة تلك الحروف ومع هذا فإن جوابه بقي طي الكتمان. صالح السيد بالخمسينات من عمره ويضع نقشا يطوق ساعده الأيمن على شكل سلك شائك سألناه عن حقيقة هذا الوشم فأجاب : إنه طيش شباب ولم أفكر بالأمر ووقتها لم يكن حسا نقديا يمنعني من هذا الفعل إلا أن ظروفي الاجتماعية في ذلك الوقت فأنا أكبر الأولاد في العائلة ومطالب دوما بمساعدة الوالد على توفير المستلزمات المادية للعائلة وفي نفس الوقت كنت في سن المراهقة وكانت مشاعري تميل نحو ابنة الجيران وكنت ادرك أنني لن أتمكن من الحصول عليها فلجأت إلى هذا النوع من الوشم كتعبير عن لحظة الأسر الاجتماعي والنفسي التي كنت أعيشها في ذلك الوقت ويستدرك السيد صالح بالقول :إنها مرحلة أتمنى أن تزول من ذاكرتي فهي من أصعب لحظات حياتي التي لا أتمناها لاحد.‏

تزول الظروف ويبقى الوشم ثابتا كتعبير على قدرة الزمن ومشيئة الحيلة بالتقدم والنمو وبرغم شيخوخة الجسد إلا أن الوشم يبقى رمزا لسن الشباب ولكل وشم حكايته وظروفه فهل يمكن للوشم أن يكون فنا يمتاز بقدرته على محاكاة الذاكرة الجمعية والفردية واخذ العبر منها ?‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية