|
آدم يبالغون في الحب والتدليل وقد تصل مشاعرهم في بعض الحالات إلى شكل مرضي من الشغف والحب.. ويظهر هذا الأمر بشكل أوضح لدى الآباء الذين تأخروا في الإنجاب بسبب زواجهم المتأخر, أولأسباب أخرى فهؤلاء عادة مايكونون متعطشين لكلمة بابا.
حبهم الجارف ظاهرة وقلقهم قد يتحول أحياناً إلى مرض.. وفارق السن بينهم وبين أبنائهم يشكل هوة, ويولد صراعاً في الأفكار والتوجهات. يقول تمام دياب مهندس : أحمد الله أن الفارق العمري بيني وبين أبنائي ليس كبيراً, وهذا يجعل العلاقة بيني وبينهم أشبه بالصداقة القائمة على الاحترام المتبادل.. لقد عانيت من الفارق الكبير بالسن بيني وبين والدي, فقد خلق في مرحلة المراهقة مساحة شاسعة من الاختلاف, ولم يكن بوسعي في هذا السن تفهم آرائه وتوجهاته وتقبلها . ولم يكن بدوره يتفهم أفكاري غير الناضجة, لقد كنت طفله الأول وهو على أبواب الخمسين. أما عيسى حمادي موظف فيقول: كان أبي - رحمه الله- يكبرني بحوالي ثلاث وخمسين سنة, كان أباً مثالياً لكنه قيّد حريتنا أنا واخواتي بحبه المفرط لنا, وخوفه اللا منطقي علينا فبينما كان رفاقنا يخرجون للعب الكرة أثناء الإجازة الصيفية, أويرتادون الحدائق, كان والدي يحرمنا من التحرك لوحدنا, حتى الذهاب إلى المدرسة كان يحرص على مرافقتنا ذهاباً وإياباً, وعلى الرغم من معرفتنا أن هذا الاهتمام المبالغ فيه قد كان ينبع من الحب والحرص علينا, إلا أننا كنا نشعربأن حبه يشكل قيداً ثقيلاً نتمنى التحرر منه لنمارس حياتنا بشكل طبيعي. ويتحدث ابراهيم حسين متقاعد عن تجربته الشخصية فيقول: لقد عشت مايسمونه جحيم الحب المفرط للأبناء.. فقد رزقت بولداي وأنا في الخمسين من العمر.. كان يصيبني الهلع والخوف لو تأخر أحدهما خمس دقائق عن موعد المدرسة وتنهار قواي إذا أصيب أحدهما بمرض ولو كان زكاماً بسيطاً كنت أحس أن تدليلي المبالغ فيه يمنعني من القيام بوظيفة الردع الواجب على كل أب أن يستخدمها لتجنب فساد الأبناء وانحرافهم.. كانت قوتي وحزمي يضعفان أمام ابتسامة منهما. أو كلمة( بابا) بدلع وغنج لقد عانيت حتى كبرا واشتد عودهما.. ولكني وبصراحة حتى الآن أخاف من نسمة الهواء إذا اقتربت منهما. وتحكي ازدهار هنيدي عن تجربتها مع طليقها فتقول: لقد تزوجته وهو في الخمسين بعد أن اعتبروني عانساً لأنني تجاوزت الثلاثين بقليل.. وحين أنجبت طفلتنا ميس لم تسعه الأرض من الفرح, كان يبالغ بخوفه عليها ويتهمني بأنني لا أؤدي دوري بشكل كامل لرعايتها.. وحين جرحت إصبعها وهي تلعب في الحديقة.. اصطحبها إلى المشفى وأجرى لها فحوصات لاداعي لها.. وحين اطمأن أنه لايوجد مايدعو للقلق.. تفرغ لي وانفجر غاضباًوكال لي الاتهامات والشتائم حتى انتهى بنا الأمر إلى الطلاق. وبقيت ابنتنا معي لأنها بسن الثالثة فقط.. وقد حاول جاهداً أن يعيدني إليه من أجلها فقط.. لكنني خشيت عليها من وسواسه وأحسست أنها بعيداً عنه ستعيش حياة طبيعية. ولكن ما رأي الطب النفسي في هذا الحالات?! يقول الدكتور مدحت مسلم :إن أسباب الخوف المبالغ فيه على الأبناء, عندما يكون الأب طاعناً في السن, ويشعر أنه لن يعمر طويلاً, ومن ثم لن يتمكن من تلبية مطالب أبنائه, فيلجأ إلى التدليل المفرط ليعوضهم عن سنوات قادمة قد لايكون معهم. وفي حالات أخرى ونظراً للشعور ذاته يعتقد الأب أن اقتراب ساعته, بينما طفله مازال صغيراً, وسيؤدي إلى عدم وجود من يربي الابن بالشكل الذي يرتضيه فيفرط بالشدة والحزم. ويشير الدكتور مسلم إلى أن ظاهرة الحب المفرط والتوحد بين الأب وأبنائه تزداد في المجتمعات الشرقية نظراً لأنها مازالت أكثر ترابطاً. ويرى أن من مشكلات الانجاب المتأخر للرجل وجود فجوة ثقافية حضارية بين الأب وأبنائه, بحيث لايستطيعون الالتقاء والاتفاق خاصة في سن المراهقة. فلا تتأخروا بالإنجاب.. حتى لاتحلموا بكلمة( بابا). |
|