|
منوعات كامل الحسن, شاف بمنامه أن كنزاً تحت هذه الصخرات حتى إذا نامت العين جاء بعلي الحمدان, وحفرا على الكنز! وما كان ذلك, أول ما سمعناه عن الكنوز في أرض الضيعة, فقد حكوا عن مريم المحمد, أنها كانت تقول (أستطيع أن أعمر صالة فوق صالة) وقالوا إنها كانت تقلع حطباً, في أرض الصيوان وإذ تجد دورة ذهب, عند عرق طيونة! ومحمود البوعيسي كان حكى بلسانه, أنه كان يقلب الأرض عند الشقلوف المرصود على حية, أم قرون! وإذا بتم جرة يظهر له في قبر فرد عليه التراب, وراح يخمن كيف سيتصرف بهذا الكنز. وإذ ضب الليل وانقطع الحس والحسيس. جلب عدولة, وجاء يحفر حول الجرة على مهل حتى إذا ما بدت الجرة كلها, قرب العدولة, ورفع الجرة من أذنيها فعملت بوب, وراح التراب يهرهر منها فقال لاعناً (روحي الله لا يرحمك, ولا يرحم الذي كنت موضوعة عند رأسه! وصار في الضيعة مثل جرة محمود البوعيسي)! وإذ اشترى أبي, برجوعه من الأرخنتين شقفة أرض في الجوانة كنت أحضر الشغيلة ينقضون الرجم فيما يسمى الخرب تقول بيوت ضيعة طبق بعضها فوق بعض. وفيما بعد صار الفلاحون المبكرون يرون ناساً من الجرد, ينصرفون عن قبور منكوشة على دوارة فوق الخرب بقليل. وفي كل ذلك كان يتردد القول في مركز الضيعة الأصلي حيث كان بيت الجد الأول بين سور بيت نعمان, وبيت مسرور فنرى قطع جرار, والزجاج الرقيق, ويوجد خبث الحديد, وغليونات فخار مكسرة بل إن أحدهم وجد غليوناً وضع له قصبة وصار يشرب فيه التتن! والكلمة التي كانت مسموعة من نسوان الضيعة جعل العزا والشحار يطليهن كانوا مثلنا فلاحين ! صنعتهم الحدادة والجرار, وحفر المعاصر في الصخور. ومن منتصف ثلاثينيات القرن الماضي طلعت سيرة الأنتيكات أفراد يدورون في القرى ينادون» يللي عندو أنتيكا يللي عندو ألقية«! وكانت السنة الثانية, الحرب الثانية أنا صرت قاعداً للقراءة, قرأت خبر تاريخ الرسل والملوك للطبري ب¯40 ليرة سورية, أخذت نق على أبي وهو يقول : »اسكت عنا, الناس بهم شيء يؤكل لا بكتاب يقرأ«. وعصر يوم كنت أمشي, وابن جيران في حار الكشو, مكان بيت الجد, في الضيعة القديمة, واذ بي أصيح » هذه لي ! هذه لي! « ورفعت هذه اللي ذهبية بقدر رأس السبابة, عليها صورة العذراء تحمل ابنها! بيعت بأربعين ورقة دبرت ورقة أجرة البوسطة وحوالة بريدية إلى »مكتبة صادر بيروت« لاستلم برجوع البريد تاريخ »الرسل والملوك « من مكتبة صادر في بيروت, وبرجع البريد, رجعت أحمل من شعبة البوسطة, في الدريكيش, تاريخ الطبري: أربعة مجلدات على هذا الكتف, وأربعة على الكتف الثاني. لا أقف إلا لألهث, في طلعة العقبة! الدوارة على الانتيكات زادت أيام الحرب وكذلك طبع الكتب, وإصدار الجرائد, والمجلات الأسبوعية والشهرية, من القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد, حتى صاحب البوسطة, صار يقول لأبي:» اليوم مجلبنا, إلا بريد المحروس«! وفي السبعينيات والثمانينات, إذ صرنا نأتي لنبر زيتونات الخرب, فنجد أرضهار منكوشة وحارتها مقلوبة ونسأل فيقال:»والله ناس غرب معهم« أجهزة حديثة, يستدلون بها على الألقيات, طيب ! وشو عرفهم بالخرب! » البلاد من جنوبها إلى شمالها ما عاد للناس شغلة إلا الدوارة ع الآثار«! ونرجع إلى الضيعة التي كانت تمره العبدو تقول فيها » ويلي عليكم يا ابتاعين كفر شاغر لو دورت الفارة في بيت أحدكم كل الليل لم تجد حبة طحين تلحسها, هذه الضيعة في موقعها الحالي القديم لا أقول إنها كانت من عهد آخر آدم ولكن بآثار تل الكزل وعمريت وبيت عليان قرب طرطوس ورأس شمرة جارة اللاذقية وبيت البعل على الجبل الأقرع هي فينيقيا الشمالية, امتداد فينيقيا الوسط في لبنان أمتداد فينيقيا الجنوبية في فلسطين والفينيقيون الذين سموا بصبغهم الأحمر لم يوجد مناص من نسبتهم إلى الجزيرة العربية! واللاعجب أن اسم بدرية, تمرة, وكوثر, وطرية أسماء نساء فينيقيا الشمالية لا تزال تسمعها وترى شخوصها في الضيعة وربما بمثل هيئة تلك النسوة! الصليبيون لا إشكال بحلولهم في الضيعة فحتى اليوم اسم حاكورة الكنيسة موجودة وسنديانتنا سنديانة الكنيسة كنا نتدرى في جوفها من الشتاء لم تقلع إلا عندما مدوا خطوط الكهرباء! ولكن الإشكال في الغليون فحسب ما قرأت أن التبغ أول ما عرف في القرن السادس عشر في أميركا الشمالية وإذ كان لهم أن يصدقوا فإني لا أكذب عيني برؤية الغليون الفخار في آثار ضيعتنا |
|