تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


معرضا الخط العربي و التصوير الضوئي في خان أسعد باشا ... جماليات تنثر عطر المكان..!

ثقافة
الأثنين 5-3-2012
لميس علي

يداهمك.. فيض ثلاثي الأبعاد جمالاً..

ربما تساءلت: وهل يُحد الجمال بأبعاد.. ؟‏

الجمال.. لا يُحدّ ولا يؤطّر.. لكن الكلام الاستهلالي ينسحب إلى جعله بمستويات.. أومتمظهراً بكذا هيئة.. وكان أن تواجدت كل تلك الهيئات بلحظة واحدة ومكان واحد.‏

يعني.. الحالة حالة ظرفية زمكانية.. كان لها الدور المؤثر في تفعيل وتصعيد دفق جمالي.. لا شك، هوصائدك، لدى ولوجك أول عتبة من عتبات ذاك الدفق بعبورك بوابة خان أسعد باشا حيث يُقام حالياً معرضا الخط العربي والتصوير الضوئي السنويان – مديرية الفنون الجميلة.‏

التوظيف المكاني (الذكي) يثير السؤال: ألم يحوّل الفعل الثقافي الإبداعي البحت، إلى فعل يسعى إلى مضاعفة الحس الجمالي..‏

إلى فعل يزيل حالة التجهّم والعبوس من نشاطاتنا الثقافية.. ناقلاً إياها إلى نوع من النشاطات الحميمة المرغوبة.‏

وأنت في الخان.. وبينما تركّز إحدى عينيك وتتم استطلاعها اللوحات المشاركة.. ستنخطف الأخرى إلى أركان الخان.. زواياه.. جدرانه.. وقببه..‏

هل هي غاية مقصودة، كانت من القائمين على المعرض عن سابق الإصرار والوعي.. ؟‏

إن كان الرد بالإيجاب.. فلعلّها إيماءة إلى وجود فكر يسعى إلى تكريس الفعل الثقافي.. نشره.. بسبل جذّابة.. تهدف استقطاب عموم شرائح المتلقين.‏

فما المانع من توظيف كافة الأماكن الأثرية والسياحية.. ثقافياً.. ؟‏

والعكس صحيح.. أي دمج الفعل الثقافي.. تسريبه.. جعله يتخلل أي نشاط آخر يمكن للمرء أن يقوم به.. ليغدواعتيادياً.‏

لاحظوا.. أنها (حركة) تخبّئ فعلاً مركّباً.‏

أي أن زيارة المعرض تضمر أفعالاً عدّة.. فعلاً ثقافياً.. ومعرفياً أثرياً.. والأخير الملاحظ هوالسياحي المفعّل من خلال استثمار المعلم التاريخي.. حيث أضيفت حول (بحرة الخان) بضع طاولات وكراسٍ.. ولا بأس لوجُعلت مأجورة – إن لم تكن – ولوبشكل رمزي حفاظاً على ريعية الفعل الثقافي.‏

في المعرض.. جُعل الجانب الأيمن من اللوحات للخط، وتوزّعت لوحات التصوير الضوئي الجانب الأيسر.‏

خطيّاً..‏

تنوعّت اللوحات من حيث اعتمادها للخط الذي شكّلت اللوحة به فكانت ما بين (ديواني، ثلث، ثلث جلي، ثلث متناظر، فارسي، ديواني جلي).. وتمايزت أحياناً لونياً.. لتختلف عن سواها وفق تشكيلات ودرجات لونية فاقعة ملحوظة يغدوالحرف فيها موظّفاً إلى أبعد من كونه مجرد حرف.. ولتصبح الخلاصة تكوينات حروفية.. كما في لوحات (لطفي جعفر، محمد قره دامور).‏

ضوئياً..‏

تضاعف الإحساس بجمالية المواقع الأثرية التاريخية. فالتاريخ (المتسرّب من تواجدك في الخان) غلّفه تاريخ تسرّب بدوره من لوحات صوّرت (قلعة سمعان، قلعة الحصن، سوق مدحت باشا، مكتب عنبر، أوغاريت، تدمر) وغيرها..‏

لتتساءل: من احتوى الآخر واشتمل عليه.. من قاد إلى الآخر.. الخان أم اللوحة..؟‏

تفرّدت بعض اللوحات بتقديمها لحالة تختلف عن سواها.‏

هنا تبدولوحة علاء شنانة الأكثر قرباً من الواقع المعاش بتصويرها لعامل يجلس ما بين (أسطوانات الغاز) وهي مصفوفة فوق بعضها.. وكأنما نشأت بينه وبينها حالة تآلف صوّرتها عين (شنانة) عندما ضبط يدي العامل بأكثر من وضعية معينة على الأسطوانة.‏

ثم يحضر سؤال تدفع إليه لوحة (غاندي أحمد سعود) المعنونة (جلسة في الانتظار) فمن تراه ذاك القادم الذي سيملأ فراغ كراسي القش.. ؟‏

بعض اللوحات التقط (تضاداً) ما بين متجاورين.. هل كان في لوحة (فراس ناجي) التي تصوّر تجاور النبات والمعدن، ولوحة زياد فلاح التي تجمع ما بين آلة كهربائية تتشابه وجمجمة كائن حيواني طولياً.. هل كان في هاتين اللوحتين تلميح إلى أن الحياة تكمن بالجمع ما بين متناقضاتها ؟‏

كما انحازت عين البعض لترصد حالة آدمية صرفة، كما في لوحة (الترقب) لمازن قره بلا، ولوحة (طفولة) لهلا سميري، ولوحة (صرخة) لغياث حبوب.‏

لفتة ظريفة كانت بوجود لوحة صوّرت إحدى قبب الخان التقطتها عين أنس شحادة.. ستدفعك حتماً للنظر إلى الأعلى بحثاً عن أي قبة تلك التي ترى في الصورة.‏

العين هي نافذة.. وكانت نافذتنا إلى كل تلك المشاهدات الضوئية التي ثبّتتها عين المصوّر. بمعناها المتعارف عليه (نافذة البيت) تبدّت بأكثر من لوحة راصدةً كذا حالة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية