تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الصورة.. لغتنا البصرية الأقرب في حوار البشرية.... التصوير الرقمي.. دور بالغ يواكب حال العصر المتسارع

ثقافة
الأثنين 5-3-2012
قصي بدر

إن الصورة بوصفها لغة عالمية فرضت نفسها كحامل معرفي منذ بدايات النشاط الانساني، فمن خلال الرؤية البصرية الحسية بداية تعّرف الانسان على محيطه وبدأ يتفاعل معه كاشفا عن انتباهه وملاحظته البالغة

عبرمحاكاة افترشت جدران الكهوف من (تميرا) ومشاهد الثيران في مغارة (لاسكو) في أوروبا إلى كهوف افريقيا وأميركا اللاتينية مرورا بالصور المرسومة في حيران وتل أحمر ودورا أوروبوس في سورية الطبيعية التي أنتجتها الحضارات العربية القديمة اضافة لحضارات العصور الهيلينية والرومانية. وقد خضعت هذه المحاكاة من خلال تنامي الادراك والخيال متظللة بالتطور الحضاري بالعموم إلى تحولات هائلة تطورت معها الصورة منذ الايقونات الأولى والفريسك والمرقنات واللوحات الزيتية الشخصية لنراها بحلتها المعاصرة عبرالفوتوغراف والتصوير الرقمي.‏‏

‏‏

منذ اختراع التصوير الفوتوغرافي عام 1839 الى اليوم تطرأ تطورات متلاحقة ومتسارعة على الصورة بحثا عن سرعة في الاداء ونوعية في الناتج الابداعي هذا، تلبية للادوار المتوالدة للصورة بدءاً من التوثيق والتسجيل ونقل الحدث وانتهاء بالجماليات والتعبيرية وحفظ الذاكرة التي تحققت بامتياز مع تطور هذا الفن. لقد جرى على مدى حقبات عديدة تطورات بالغة على العدسات الخاصة بآلات التسجيل سعيا للوصول الى أدق النتائج عبر توسيع زاوية الرؤية والتسجيل الآمن على الشرائح الفلمية والتحكم عبر التقنيات المتنوعة بالمرور المضبوط للضوء والاتاحة للمصور الدور في التعامل مع الاوامر والاعدادات كي يستطيع تحقيق خياراته عبر التحكم بآلة التصوير التي تمثل أداته في التسجيل والتعبير وانجاز منتجه الفني الابداعي.‏‏

مع نهاية القرن العشرين وتطور وسائل الاتصال بشكل مذهل وظهور وسائط جديدة وبخاصة التقدم الهائل في الحواسب ظهرت تقنيات التصوير الرقمي والتي تعتمد تسجيل المعلومة على الشريحة المدمجة الحساسة من الاوكسيد المعدني والموضوعة داخل الآلة للحفظ عبر رموز واشارات من خلال مجموعة تراكيب رقمية بحيث تكون تراكيب الشيفرة الرقمية هي الشكل النهائي للصورة الرقمية بخلاف الشريحة الفلمية التي تسجل المشهد بصورة حقيقة تماثلية، اذا فالصورة الرقمية تسجل المشهد وفق عمليات تتعلق بالحاسب بواسطة الآلة التي تطورت حتى بالشكل الخارجي. وبالطبع فقد حققت الآلة الرقمية هذه سرعة في الحصول على المنتج الا أن طريقة تسجيلها وشكل تعامل الفنان معها يثير العديد من الاشكاليات يراها الفنان الفوتوغرافي قبل غيره.‏‏

وفي هذا المعرض يقول فنان الفوتوغراف أنطون مزاوي: (التصوير الرقمي اختراع هام جدا وله العديد من المجالات التي استطاع الدخول اليها بقوة وحل بقدر كبير محل التصوير الفوتوغرافي. الا انه لم يستطع الحلول مكانه في كل الوظائف و المهام ولن يستطيع الغاؤه. بل سيعمل على حصول تكامل بين هذين النوعين من التصوير وستبقى الصورة الفوتوغرافية تحمل على كاهلها العديد من المهام الفنية والتعبيرية الراقية التي لن يستطيع التصوير الرقمي اختراقها سواء على الصعيد البصري الفني او على الصعيد التقني ومن النواحي التعبيرية والتفسيرية لاسباب فنية وجمالية).‏‏

ويضيف الفنان مزاوي فيقول: (ان كان المصور يشعر بأهمية عمله ولديه الرغبة في الحفاظ على هذا الارشيف من الضياع فان عليه العمل على تقنية الفوتوغراف ليكون ذاكرة بصرية، لان تقنيات التصوير الرقمي تتبدل وتتطور بسرعة هائلة فما هو آني ومتطور اليوم هو قديم ومهمل بعد سنة..).‏‏

الا أن التصوير الرقمي يلعب دورا بالغا يواكب حال العصر المتسارع وخاصة في مجال الاعلام فالحصول على الصورة الرقمية يتم بسرعة وكذلك يتم نشرها بسرعة كبيرة وذلك من خلال دينامية الوسائل الحديثة فلحظة التقاط الصورة يمكن أن تنقل الى الحاسب ومن ثم عبر الانترنت يمكن ان تكون في أي مكان من العالم، من هنا جاءت هذه التقنية تلبية لطبيعة العمل الصحفي عبر نقل الحدث في الوقت المناسب بسرعة بالغة لتكون الصورة الرقمية صورة الحدث.‏‏

بالرغم من الاشكاليات التي طرحتها الفروق بين الصورة الرقمية والفوتوغرافية الا أن الاعتراف بدور كل منها مطلوب حتى لو اعتقدنا بأن الصورة الفوتوغرافية أعمق جماليا وتعبيريا وبالتالي فنيا، فالصورة الرقمية كذلك تواكب حاجات العصر وتسهم في تحقيق المهنية الاعلامية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية