تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مراياللكسر

معاً على الطريق
الإثنين 5-3-2012
أنيسة عبود

لنعترف، اعتدنا العتمة مساء. إذ نجتمع حول الشموع ونبدأ بحديث الذكريات.

نستحضر الطفولة وليالي البرد التي تشبه هذه الليالي نفتت الوقت بالبحث عن الأمهات الغائبات وعن أناملهن المصبوغة بالشقاء. تلوح لنا مناديلهن البيضاء التي حطت على الجبال فهطل الثلج والأمل لكن البرد قارس وحطب الصبر تبلل بالدمع الظروف غير مناسبة للبكاء الظروف ملائمة للصمود وتذكر الذين غابوا، ولكن قبل أن يغيبوا زرعوا الغار ولوّحوا للبلاد بقمصانهم الحمراء ومضوا‏

لنعترف اعتدنا البرد وغياب المازوت من بيوتنالم تعد المدفأة تقرقرولم يعد الأطفال يتراكضون إلى النار قبلوا أن يغمروا أنفسهم بالأغطية ليحفظوا جدول الضرب ويتدفؤوا بنشيد (حماة الديار عليكم سلام) من برد الأعراب الذي هطل عليهم فجأة‏

.‏

واعتدنا أن نسمع الأعراب يبكون على الشعب السوري وأن يبيع شيخ نفسه للصهاينة ويفتي بقتل السوريين‏

واعتدنا أن نرى العملاء يتحدثون باسم الشعب السوري العظيم الذي يعاني الحصار والتخريب والقتل والعتمة والنهب بينما هم (الخونة) يرتعون في العواصم العالمية ويقبضون ثمن دمنا وحصارنا وتخريب مؤسساتناثم ّ يبيعوننا النظريات والشعارات الكاذبة‏

اعتدنا ألا نصدقهمواعتدنا أن ندوس نظرياتهم الصهيونية اللعينة فهم يقبلون التعاون مع الشيطان من أجل الكرسي ولا يقبلون التعاون مع الوطنلذلكغداً سيلعنهم الوطن.‏

.‏

وبما أننا اعتدنا الصبر والصمود. اعتدنا أن نزغرد لقوافل الشهداء التي تعبر البلاد من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه صار دم الشباب السوري تاجاً على رأس التاريخ وصارت الأمهات يرتدين كنزات أولادهن الشهداء لتصير كل واحدة منهن جبلا» أخضر.‏

لكن ومع كل هذا الاعتياد على شظف العيشوشظف الطبيعة التي خرّبت محاصيل الحمضيات وهدرت موسماً بكاملهلم يقدم المسؤولون أي بادرة حلّ لآلاف الأطنان التي تساقطت فتساقط عمر المزارعين وشقاؤهم وقوت أطفالهموعلى الرغم من ازدياد أسعار كل السلع على يدي بعض التجار الفاسدين الذين لا دين لهم إلا دين المال فإن الحمضيات وحدها تراجعت أسعارها وتراجع مردودها لدرجة أن المزارع كان يبيع محصوله منذ عشر سنوات بأكثر من هذه الأسعار مع ملاحظة تدني قيمة الليرة السوريةفلماذا؟‏

ولماذا لم تخطط الدولة لمحصول الحمضيات كما تخطط لباقي المحاصيل فتمنع إشغال المساحات الزراعية الساحلية بشجرة الحمضيات طالما هي عاجزة عن تسويق محصولها؟؟ لنوقف زراعة هذه الشجرة الهامة طالما لايوجد تسويق ولا يوجد تصنيعوالمواطن يحب الكولا التي يروج لها التلفزيون ولا يحب شرب العصير الطازج من خيرات البلادإنها فوضى الزراعة وفوضى التخطيط في الساحل السوري الذي يعاني كل سنة إما من الطبيعة وإما من.؟‏

نعم اعتدنا الصبر والصمود واعتدنا أن نرى دم أبنائنا يسيل مع المطر ويلون الثلج، ومع ذلك نطبق على صراخنا وقهرنا، ونقول هذا لأجل الوطن ومن أجل بقاء الوطن حراً أبياً ممانعاً.‏

ولكن الذي لا نريد الاعتياد عليه، هذه الفوضى وهذا الفساد المستشري الآن على الرغم من الظروف القاهرة للبلد.فمن الذي يحتكر لقمة العيش ؟ ومن الذي وراء هذه الأسعار الجنونية وإلى متى يبيع كل تاجر على هواه ولا أحد يجرؤ على محاسبته؟ ولماذا بقي الفاسدون في مناصبهم؟ إلى متى يتربص بعض المديرين بمؤسسات الشعب وينهبونها عبر طرق قانونية.؟ لماذا لا يتغير المديرين والوزراء كل خمس سنوات قبل أن يشكلوا حاشية و شلة للسرقة ويعتادوا على الفساد؟‏

أجل اعتدنا وتحملنا ضيق العيش في سبيل الوطن ومن أجل هذا الوطن يجب ألا نعتاد على الفاسدين والمفسدين آن لنا أن نكسر المرايا لتظهر الصورة الحقيقيةلقد أرهقنا رياءهم كما أرهقنا العملاء والخونة وأعتقد أن الجهتين متشابهتان في تخريب الوطن وفي قتل المواطن الشريف الذي يقدّم روحه من أجل‏

الجمهورية العربية السورية الأبية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية