تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى شابات القرن الحادي والعشرين..هل تبادرنَ إلى البوح بمشاعركنَ؟

شباب
2012/3/5
غانم محمد

بعد ثورات متتالية على التقاليد الاجتماعية وتغيير الكثير من هذه التقاليد قولاً وفعلاً تصرّ المرأة على الوقوف بظلّ الرجل مفتخرةً بـ (دفشتها) لهذا الرجل وبما تؤمنه له من حب وحنان..

هذه المرأة حققت الكثير من المكاسب الاجتماعية والقانونية والوظيفية لكنها قد تنتظر نصف عمرها ليأتي من يقول لها إني أحبّكِ، فهذه الكلمة عند الكثير من النساء أهمّ من كلّ ما حققنه من نجاح، فهل تنجح بامتلاك هذه الكلمة وتستطيع أن تقولها لرجل قبل أن يقولها هذا الرجل؟‏‏

يُحكى أنّه عندما قرر الله سبحانه وتعالى أن يعاقب سيّدنا آدم وأمّنا حواء عليهما السلام على مخالفتهما لأوامره بعدم الاقتراب والأكل من شجرة تفاح في الجنة بإنزالهما من الجنة إلى الأرض أنزل جلّت قدرته سيدنا آدم في أقصى الغرب وسيدتنا حواء في أقصى الشرق وبدأ كلّ منهما رحلة البحث عن الآخر، وعندما التقيا في منتصف المسافة بينهما قال آدم عليه السلام: لقد قطعت مسافة طويلة بحثاً عنكِ فردّت عليه حواء بالقول: أنا لم أتحرّك من المكان الذي نزلتُ فيه، لتكون وتتكوّن أقدم العادات في تاريخ البشرية والتي ما زالت جارية حتى الآن وهي أن الرجل هو مَن يبحث عن المرأة، وهو المطالب باجتياز المسافات نحوها والتقرّب إليها والمبادرة بالتعبير عن مشاعره وإن كانت ثمة خروقات لهذه العادة فهي قليلة جداً ولم تمتلك حتى الآن مقومات الظاهرة على الرغم من الانقلابات الكبيرة التي حدثت في حياة البشر والتي وضعت المرأة إلى جانب الرجل في كلّ شيء تقريباً، بل وتقدمت عليه في مواضع كثيرة، لكنها وفي أدقّ تفاصيل حياتها بقيت معظم الأحيان (ردّة فعل) لقرار الرجل أو سلوكه أو قناعاته، وخاصة في هذا المجال الذي سنتناوله في هذا المقال.‏‏

خجل!‏‏

«... أبقى العمر كلّه بلا أي علاقة عاطفية وبلا زواج ولا أستبق التعبير عن ذلك لشاب أحبّه ويعجبني.. قد أحبّه بصمت وأحترق من أجله لكن لا أفصح له عن ذلك ما لم يبادر هو في البداية..»‏‏

أروى التي قالت ما تقدّم احمّر وجهها خجلاً وهي تتلقى سؤالنا وأضافت: « لم نصل في قناعاتنا إلى هذه المرحلة بعد، وقد يعتبر الشاب مثل هذا التصرّف نقطة ضعف في الفتاة، وعند كل صغيرة أو كبيرة يقول لها أنتِ ركضتِ إليَّ» ولم تنفِ هذه الفتاة الجامعية أنّ مثل هذا التعبير عن المشاعر والمبادرة بذلك من قبل الفتاة أمرٌ عادي طالما نتحدث عن مساواة بين الرجل والمرأة في كلّ شيء وطالما أن الوعي يغمر الطرفين ولكن الخوف من وجهة نظرها من عدم وجود الوعي لدى الطرف الآخر واستغلال ذلك في إذلال الفتاة.‏‏

شروط‏‏

الناس ليسوا متشابهين، والقناعة بمثل هذه الأمور تتدرج من شخص لآخر وقد تتناقض، فـ ( سمر – موظفة) بدت أكثر واقعية في هذه الجدلية وقالت: « لماذا لا أبادر إلى البوح بمشاعري والتعبير عن حبي للآخر إذا كنتُ واثقة أنه يبادلني ذات المشاعر؟».‏‏

وأضافت: هذه المسألة غير منتشرة كثيراً ولكن قد يكون الشاب خجولاً فما المانع أن أعبّر له عن مشاعري نحوه ودون التفكير بالعواقب لأن الحبّ في النهاية إحساس يضيق به الصدر.‏‏

أما ( غصون – موظفة) فربطت هذا السلوك بصفات الشاب وقالت: قد تبادر الفتاة إلى البوح بمشاعرها للشاب الذي يعجبها في حال رأت في ذلك الشاب شخصاً متفهّماً وواعياً ومنفتحاً ذهنياً لتقبّل مثل هذه المبادرة.‏‏

في هاتين الإجابتين رُبطت مبادرة الفتاة نحو الشاب بوعي الأخير وتفهّمه لهذه المبادرة وحملتا ضمنياً الخوف من مثل هذه المبادرة وهذا حق مشروع لأي فتاة في مجتمع لم يصل بعد إلى كامل وعيه كمجتمعنا..‏‏

ربط هذه المسألة بوعي الشاب يقلل من احتمال حدوث هذه الخطوة لأن الشاب في أماكن العمل والتواصل مع الجنس الآخر يقدّم نفسه بالصورة الأجمل ( وهذه حقيقة تدركها الفتيات والشابات جيداً) وبالتالي فإنه من الصعب وضع معايير واضحة لديهن تمكّنهن من إعطاء الثقة لأنفسهن بالتعبير عن مشاعرهن.‏‏

الرأي الآخر‏‏

كيف يتلقى الشباب الذكور مثل هذه المبادرات من الشابات وكيف ينظر أحدهم إلى فتاة جاءته معبّرةً عن مشاعرها نحوه؟‏‏

« .. إن كنت طرفاً في مثل هذه المعادلة فيجب عليَّ أن أحترم ثقة الفتاة بنفسها قبل كل شيء، وإن كنت أبادلها نفس الشعور فقد أشعر بالضعف أمامها لأنها سبقتني إلى التعبير عن هذه الأحاسيس، وإن لم أكن أفكّر بها فقد تجبرني على التفكير بها، وأي علاقة ارتباط بحاجة لمبادرة من أحد طرفيها وما المانع أن تكون الفتاة هي المبادرة؟».‏‏

وأضاف الشاب (خضر – موظف): اعتدنا أن يبادر الشاب في مثل هذه الأمور ولم يسبق أن حدث معي العكس.‏‏

الشاب ( يوسف – طالب جامعي) قال: المسألة ليست صعبة كما يتخيلها البعض، وخوف الفتاة من ردّ الشاب أو موقفه من مشاعرها يكون موجوداً عند الشاب حين يبادر في التعبير عن مشاعره..‏‏

وأضاف: لا أجد أي غرابة في أن تعبّر الفتاة عن مشاعرها لشاب يعجبها وتحبه فهذا دليل على تخلصها من عقدة الضعف فيها.‏‏

قد يكون!‏‏

بعيداً عن الشباب والشابات الذين أشرنا إلى آرائهم فيما تقدّم من سطور فإن آراء أخرى لم ننشرها لعدم موافقة أصحابها وهي آراء ناعمة وقد أجمعت على أن كلمة (أحبك) تبحر أكثر في الزمن إذا ما بادر الرجل إلى قولها، ويعتقدن أن مبادرة الفتيات في هذا الخصوص تدفع الرجل إلى التغطرس وتُفقد المرأة بعض حيائها لذلك فإنهن مع بقاء هذه المبادرة حكراً على الرجال.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية