|
دمشق عاصمة الثقافة العربية شيده الوالي أسعد باشا العظم سنة 1163ه/1750م ويقع في قلب المدينة القديمة إلى الجنوب من الجامع الأموي, بينه وبين سوق البزورية. يروي المؤرخون المعاصرون أن أسعد باشا أنفق على بناء القصر الأموال الطائلة, وحشد له الصناع وأرباب الحرف. ويمثل هذا القصر المسكن العربي الدمشقي المتميز بالبساطة في المظهر الخارجي مع البذخ في الزخرفة والتجميل في الداخل. يتألف القصر من عدة أجنحة, الجناح الرئيسي هو جناح الأسرة, أو (الحرملك) بالعرف التركي, ثم الجناح الخاص بالضيوف ( السلملك) وفي ركن من أركان القصر جناح ثالث صغير مخصص للخدم والمطبخ وهناك حمام في الحرملك يعتبر صورة مصغرة عن الحمامات العامة, بهندسته وتنظيمه. وتأتي شهرة هذا البناء السياحية من غناه بأنواع الزخرفة العربية,والجو الشرقي الأصيل الشائع في البيوت الدمشقية القديمة, يحس زائره بالراحة والهدوء والجاذبية, فقد تمازجت فيه العناصر المعمارية والفنون الزخرفية تمازجاً منسجماً, وتمثلت فيه حصيلة ما أبدعته الحضارات المحلية, زد على ذلك امتزاج هذه العناصر بالخضرة والمياه التي تضفيها على القصر البحرات والفساقي العديدة, وأشجار السرو الباسقة, وشجيرات الليمون والنارنج والكباد, وعرائش الورد والياسمين. إذا وقف الزائر في باحة القصر, وجد الواجهات والجدران المزخرفة من أعلاها إلى أسفلها بالمداميك الملونة بالتناوب وبأشرطة منقوشة وأحجار مرصعة بالفسيفساء, ونوافذ مختلفة الأشكال, متعددة الزخرفة. وحول الباحة وحدات معمارية متنوعة, فهناك الإيوان المنفتح على الباحة بقوس بالغ الارتفاع, وهناك رواق من خمسة أقواس تحملها الأعمدة الرشيقة يتكون جناح السلملك من قاعات أرضية للضيوف, وغرف لحاجات البيت, إضافة للحمام الذي تقدم ذكره. وفي الطابق العلوي للحرملك غرف للنوم, تطل نوافذها على باحات القصر وحدائقه. وتزخر سقوف القاعات وجدرانها بالأخشاب المزخرفة بالرسوم والدهانات الملونة والمقرنصات والدلايات, وتكاد لا تخلو عتبات قاعاته من فسقية جميلة فوق حصيرة من الرخام الملون, وفي الجدار سلسبيل تسيل عليه مياه رقراقة, ما يجعله عنصراً فنياً في صنعته وتأليف رخامه. لهذا كله لا نبالغ إذا قلنا إن من يدخل هذا القصر لا يمل المقام فيه والاستمتاع بتأمل محاسنه. |
|