تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في عرض (كشف)..هوس راقص بلا حدود!!

شؤون ثقا فية
الأثنين 21/4/2008
لميس علي

رقصنا مع لاوند.. رقصنا روحا وإحساسا, جنونا وعقلا..

فهل تحققت مراقصة العقل تلك المبتغاة?..‏

وهل تشابكت مفردات وأفكار راقصة سعيا لمشاكسة عقولنا.. لبعث نار في (رماد) تلك العقول, علّها توقظ شيئا من حرية عقل متبقية, بل حرية عقل ضائعة ومفقودة!! أجساد تنبض رقصا, تتمرد فتتحرر, تنعتق من عفونة أحمال تنوء تحت وطأة ثقلها, إنقاذا لبعض من نقاوة الفكر.. وصولا لصوغ فكر العقل كله صياغة توءمة مع الجسد المتمرد ذاك..‏

فهل كان على حق من قال: لا عقل حرا دون جسد حر..‏

نعم هي حرية الاثنين معا.. حرية الحامل والمحمول, المدفوعة بقوة تمرد لا حدّ له.‏

- تلك بعض من الثيمات التي تتشبع بها عروض خرقة (رماد) للمسرح الراقص, وآخرها عرض (كشف) الذي قدّم بمناسبة الاحتفال بيوم الرقص العالمي على مسرح القباني..‏

في (كشف) هناك نوع من بوح المكاشفة بين الرجل والمرأة, بين ثنائي الذكر والأنثى. علاقة تتبدل ما بين صدّ ورد, مدّ وجذر.. وفي كلا الحالين هناك حلاوة ومرارة كشف التمرد, أو تمرد الكشف.‏

وعلى هذا لن نفاجأ بمشهد البداية, الذي يظهر فيه الراقصان (لاوند هاجو, راما الأحمر) وقد تبادلا الأدوار, كل منهما وقد ارتدى زي الآخر.. ولكن سرعان ما سوف يعودان الى حقيقة الوضع..‏

هو الرجل.. وهي المرأة ولتبدأ إذاً الحكاية..‏

حكاية كما كل الحكايات, تدوي علاقة زوجين تبدأ بطريقة مشرقة وردية, ثم لا تلبث أن تتغير الأمور الى نوع من المواجهة الحادة.‏

ما ميّز عرض هذه السنة, هو المزج ما بين الرقص والتمثيل. فنرى مشاهد تؤدّى تمثيلا لارقصا من قبل الاثنين, وكما لو أنها تأتي لغة منطوقة على سبيل تحقيق نوع من التكامل مع لغة الرقص, لاسيما أن المسرح الراقص يحتمل هذاالنوع من المزاوجة.. المزاوجة ما بين لغتين, ما بين حواريتين..‏

حوارية راقصة بين الزوجين, وأخرى تمثيلية محكية. وكل حوارية يمكن أن تشي لوحدها بمضمون القصة. ومع هذا تنسجان معا إغناء لطاقات ذاك الجسد.. الجسد الأداة الأساس في مسرح الرقص.‏

في مشاهد الرقص, سنشهد (لاوند) يبدأ راقصا, في لوحة, تعبر عما يحمله من عقلية ذكورية, فيها من القسوة الشيء الكثير, قسوة تنمُّ عن عالم الذكورة القادم منه. وستردّ عليه (راما) رقصا, هي الأخرى, معبرة بدورها عن موقف مواجه يتمرد على عقلية التسلط تلك.‏

ولكن في الرقصة الأخيرة نلحظ الاثنين معا, كما هو الحال في المشهد التمثيلي النهائي, الذي ينتهي بدوره بوجودهما مجتمعين مع بعضهما, على الرغم من كل الاختلافات. ربما في الأمر إلماحة الى أن هذه هي الحياة, تحتمل الكثير من المشاجرات والخلافات, لكنها لا تكتمل إلا بوجود الاثنين (الرجل والمرأة) معا..‏

الى جانب هذه الإيماءة, اشتمل العرض على أسلوبية رمزية.. كما في قصة »راما) التي تؤديها مرتدية رداء أسود.. حيث تقوم بتغطية وجهها أو رأسها, وتمزقه أجزاء تغطي منطقة الصدر.. وكأن في الأمر تعبيرا عن تعطيل عقل المرأة والاكتفاء أو التركيز على الجانب الأنثوي فيها فقط..‏

دائما في عروض »رماد) هناك نوع من هذا النبش فيما وراء هذا الجسد.. ودائما هناك قدرة هائلة على تحريك الساكن في دواخلنا وعقولنا.. قدرة على تحويل ذرات الرماد الكائنة في أرواحنا الى شهب من نار التمرد.. وكل ذلك يتسلل إلينا عبر انتفاضات.. نبضات.. تمردات ذاك الجسد الراقص.. الحر أبداً..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية