تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الشاعر صقر عليشي: الحداثة لا يمكن أن تكون إلا روحا وجسداً

ثقافة
الأحد 26-1-2014
صقر عليشي شاعر حداثوي يمتلك موهبة تكونت من ثقافات متعددة لذلك تمكن من الجمع بين الأصالة والمعاصرة فالتزم بالقضايا الإنسانية في أسلوب سهل ممتنع يتكون من مقومات الشعر وأسسه تتوافر فيه الصورة والدلالة والموسيقى.

ويعتبر الشاعر صقر عليشي حسب تقرير اعدته سانا: أن أفضل تعريف للحداثة هو كونها الأسلوب المبتكر الذي يعلن عن وجود جديد وإضافة واضحة ويرى أن كل شاعر حقيقي هو حديث بالقوة فالأصالة أي الشخصية المتفردة القائمة بذاتها وفق رأيه هي أن يكون لك كشاعر نكهتك طراوتك لمعتك بحيث تميز عن غيرك من الطعم و الرائحة.‏

ويضيف لا يمكنك أن تكون حديثاً أيضاً دون تمثل التجارب الحديثة الكبيرة محلياً وعالمياً وهذا ما يعطي العفوية والسلاسة مشيرا إلى أن الثقافة وحدها لا تعطي الشعر وحين تكون الموهبة لا تجاري الثقافة مرتبة تبدأ الصنعة ويبدأ تعكير الماء للإيحاء بالعمق فالحداثة هي قطع واتصال مع الماضي في الوقت نفسه.‏

ويشير إلى أن الحداثة لا يمكن أن تكون إلا روحا وجسدا فهي كائن كامل ولايمكن تناوله بشكل مبتسر كما يحدث أحياناً فبعضهم ربط الحداثة بقصيدة النثر وهذا قصر نظر وقصر شعر واضح فكل حديث عن ربط الحداثة بقصيدة النثر هو نفخ في قربة فارغة.‏

ويؤكد صاحب ديوان قصائد مشرفة على السهل إنه لا صحة للرأي القائل إن شعراء النثر لجؤوا إليه بسبب عجزهم عن الموزون فإذا كان الماغوط لا يعرف الوزن فإنه لا يمكننا قول هذا الكلام عن أدونيس أو سليم بركات أو نزيه أبو عفش وغيرهم الكثير ممن كتبوا قصيدة النثر والقصيدة الموزونة.‏

ويتابع.. كتبت شخصياً قصيدة النثر وما زلت أكتبها ولا أحد يستطيع أن يقول عني أني غير عليم بخفايا الأوزان فالمسألة ليست في هذا التبسيط على الإطلاق فهذا جهل بالعملية الشعرية ذاتها لأن لكل شاعر إمكانيات وتوجهات ولحظة شعرية تملي عليه الشكل المناسب الذي يرضيه وبالنهاية هو مطلوب منه أن يكتب الشعر كيفما جاء هذا الشعر.‏

ويعتبر صاحب ديوان الأسرار أن النوع الأدبي الأقرب للمتلقي محكوم بذوقه ونوعية ثقافته فهو لا يعود إلى جنس القصيدة وهذا يفسر صعوبة انتشار التجارب الجديدة التي لم يعتد عليها القارئ.‏

فما زلنا نرى من تقتصر قراءته على القصيدة الخليلية ممن كانت جل قراءاتهم تراثية وتربوا عليها وما زالت المناهج الدراسية تعطي هذا اللون المساحة الأكبر من الاهتمام والدراسة حتى أن طلاب الأدب العربي يتخرجون من الجامعة دون أي مرور جدي بالتجارب الحديثة وآداب العصر ناهيك عن الآداب العالمية ومناهجنا مخطئة ومقصرة ويسيطر عليها عقل متحفظ وهذا ما يضعف الحيوية ويضيق منافذ التغيير ويعطي ركوداً طويلاً لمياه الشعر... مياه الحياة.‏

ويشير إلى أن الذين لا يتحسسون الوزن «وهم موجودون شئنا ذلك أم أبينا» فهم يميلون إلى قصيدة النثر وعلى العموم ومع الزمن يذهب المتلقي إلى الجيد أينما كان فلم تكن جماهير الوزن قليلة عند درويش ولم تكن جماهير قصيدة النثر قليلة عند الماغوط مؤكدا على أن الجماهيرية ليست المقياس أو المعيار الصحيح للجودة.‏

وعن سبب الانتشار الواسع لقصائده يعتبر أن المتابعين والمحبين هم ثروة وعون على الاستمرار في الكتابة فالشاعر عليشي يرى أن تجربته لم تلاقِ ما تستحق من الانتشار والحضور ويتابع إذا كنت قد حققت حضوراً ما أو كنت سأحققه في القادم من الأيام فهو ليس سوى محصلة لجهود مضنية ورحلة شاقة وطويلة كنت فيها صفي الشعر وعتال الأناقة كما قلت في إحدى قصائدي ولم يهن خيالي ولم يفتر حبي لهذا الجمال الآسر الذي يسكن وجه القصيدة ولا يستحق الشعر أقل من ذلك.‏

ويشير إلى أن أهم ما في تجربته الشعرية هو الاتصال بخيط مخفي بحبل سري بين القديم والجديد أي انقطاع واتصال بآن واحد ما ييسر ويسهل تقبل قصائده وتذوقها عند التقليديين والحداثيين.. وهو ما لمسه مراراً وهي ميزة ليست بالسهلة ولا بالأمر العادي ولا نجدها في كل مكان وهي أيضاً لم تأت عفوَ الخاطر وإنما أتت ضمن سياق فهمي للحداثة ومقدار قطعها مع الماضي ومقدار ارتباطها به.‏

يذكر أن الشاعر صقر عليشي شاعر سوري له عدة دواوين من أبرزها قصائد: مشرفة على السهل، الأسرار، قليل من الوجد، أعالي الحنين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية