تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


برزة .. رسالة إلى جنيف!!

الافتتــاحية
الأحد 26-1-2014
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

خطّت برزة بالأمس رسالتها بوضوح، وطيّرتها إلى جنيف لتضعها برسم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، أنّ السوريين يعرفون طريقهم بوضوح إلى المصالحة، ولديهم ما يكفي من بدائل لإنجازها، حين يخرج الآخرون ويسحبون أيديهم..

وأدوارهم القذرة التي ما فتئت تمارس الإرهاب وتؤجج النفخ في الرماد.‏

ما جرى بالأمس ليس نهاية القصة ولا هو بدايتها، كان مجرد عينة من وقائع على الأرض تشير بوضوح إلى أن سورية لم تكن تنتظر جنيف، ولا تعوّل عليه، ولا تراهن على معطياته لتبني خطواتها، بل لديها ما يكفي من خيارات لتنطلق بعيداً عن حسابات الآخرين واشتراطاتهم، وهي مستمرة في جهودها من أجل أن تعود الحياة إلى كل شرايين الوطن.‏

ندرك أن الآخرين لا يروق لهم ما جرى، ولديهم ما يكفي من الأسباب لرفضه، وتبنّي كل ما من شأنه إعاقة أي شكل من أشكال المصالحة، التي ترسم معادلة تناسبية واضحة.. أنها كلما خطت إلى الأمام تراجعت أدوار التدخل وتناقصت أرصدة الدول الداعمة للإرهاب، وهي معادلة صالحة لكل المستويات وقابلة للتنفيذ على الأرض في كل الظروف.‏

ما يضيف إلى الخطوة المزيد من عوامل القوة ومؤشرات الدلالة أنها تأتي في توقيت لا يخفى على أحد أهميته، حيث الأنظار المشدودة إلى جنيف ستجد نفسها مضطرة إلى العودة إلى حيث كانت قبل أن تأخذها الوقائع إلى جنيف، فما يجري على الأرض من وقائع وما يتم تحقيقه يفوق في أهميته ودوره المماحكات التي تتعاطى بها الأطراف الداعمة للإرهاب في القاعات السويسرية والأروقة الموصلة إليها.‏

لا نريد أن نبالغ في الدلالة ولا في الخطوة التي تحققت، لكنها بالتأكيد تتجاوز ما يتحدث به الإبراهيمي، وتسبق كل ما يتمترس خلفه ما يسمى اصطلاحاً المعارضة، حيث تبدو متقدمة في نتائجها على الأرض، وتؤسس لتراكم في الخطوات النوعية التي تصلح قاعدة للقياس، وربما التعميم على مستويات أخرى.‏

ما تفتحه هذه الخطوة لا يقف عند ما يقدمه من أدلة ولا يقتصر على مضمون الرسائل التي يحملها في كل الاتجاهات، بل في الأفق والنوافذ والبوابات المشرعة، التي تفرض معطياتها بالضرورة على الطاولة الدولية في جنيف، والتجاذبات القائمة في مشهد الرهان الذي يسجل الإخفاق تلو الآخر.‏

لا نعتقد أن هناك مكاناً للمقارنة على خلفيات الحسابات التي جاءت أو دفعت بالكثيرين إلى الذهاب إلى جنيف، وما يجري في برزة وما جرى يسحب الأوراق المجهزة في الكواليس والغرف المغلقة، ويفرّغ الأجندة المعدة مسبقاً، ويسحب من التداول الكثير مما يتم اعتماده على أساس التفخيخ الموقوت وفق حسابات الآخرين.‏

الأهم، أن ما جرى في برزة كان خطوة، تضاف إلى خطوات سابقة لها، لكنها في الوقت ذاته تحضّر لخطوات لاحقة، وفي مناطق أخرى، وهي لا تحتاج جهداً دولياً، ولا تعيين مبعوث أممي، ولا فنادق فخمة، ولا إقامات مفتوحة، ولا طرابيش تفاوض تتغير بين ساعة وأخرى، ولا تنتظر أمر التعليمات صباح مساء، ولا ترتهن في طرحها على ما يمليه رعاة الإرهاب وداعموه وممولوه وحاضنوه، بل هي تجترع أفكارها من أرض الواقع ومن احتياجاته، ومن عمق التجربة وتداعياتها.‏

رسالة برزة ليست الأخيرة، وكما سبقتها رسائل واضحة، لينتظر جنيف وما أعدّ له رسائل إضافية قادمة من الداخل السوري.. رسائل صاغتها أيدٍ سورية وسوّقتها أفكار سورية.. المفاوضون سوريون.. ورعاة التفاوض سوريون.. والمتصالحون فيما بينهم سوريون، وفيها بلاغة السوريين والعلاقة التي تربطهم بأرضهم ووجودهم وجذر سوريتهم، وهذه واحدة من الأسرار التي تفسر لماذا نجحت برزة وغيرها، فيما تتعثر جنيف وما يتبعها؟!‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية