|
الثلاثاء 29-5-2012 أما الفنان فهو بطرس المعري و الحديث عن معرضه المقام حالياً في صالة (تجليات) والمستمر حتى العاشر من حزيران القادم.. بطرس المعري استخدم الكلمات مراراً في أعمال معرضه الحالي ضمن رؤية تشكيلية تستوحي موروثاً شعبياً إبداعياً وآخر معاصراً, وأخذت بعض هذه الكلمات شكل نصوص كتابية كاملة..ومع ذلك فإن سبب اختيار عنوان (قلم الفنان) مدخلاً لهذه المادة هو في مكان آخر.. إنه بالتحديد في قيام المعري بتقديم معرضه, كما بعض معارضه السابقة, بنفسه, وهو تقليد غير شائع للأسف في حياتنا التشكيلية, حيث يفضل الفنانون غالباً أن تقدم أعمالهم من أسماء أدبية متألقة, تمتدحها بكلمات منمقة, حتى لو لم تقدم للمتلقي ما يفيده في (قراءة التجربة), فيما أن تقديم الفنان لتجربته يضعها في مسار الرؤية الصحيحة لها, ويعمق بعديها المعرفي والفلسفي. وقد شاع مثل هذا الأمر بين كثير من الفنانين أصحاب التجارب الطليعية الذين قدموا ما يشبه البيان التشكيلي عن تجربتهم, وكان لهذا الأمر أهميته الكبرى في تاريخ الفن, وليت فنانينا يعتمدون هذا التقليد, فقول «لو كنت أتقن الكتابة لما رسمت» لا يصلح تبريراً رغم شيوعه.. في تقديم معرضه الحالي الذي حمل عنوان (تجليات في أوقات الفراغ) يسرد المعري حواراً رشيقاً دار بينه وبين جار مرسمه أوصله لحقيقة أنه يرسم في أوقات الفراغ التي يتيحها له عمله كمدرس جامعي, وبالتالي فهو يرى أن أعماله تحمل مزاج تلك الأوقات, فلا عجب إن تعددت المواضيع وتبدلت الأساليب والحلول..والمعرض بالمحصلة بلا موضوع محدد, «وأعني - والكلام لا يزال للمعري – أنني لا أعمل كما هي الحال لدى أغلب الفنانين على موضوع واحد - ويستدرك تواضعاً – « وإنما هذا خيار.. ليس تفرداً «..ليصل إلى النقطة الأهم في تقديم معرضه, وتجربته, فيقول: «لقد أثرت بي دراستي للتصاوير الشعبية في مشرقنا, كذلك تأثرت بشخصية, كما بأعمال, برهان كركوتلي حينما درست أعماله وقارنت بينها وبين أعمال أبي صبحي التيناوي كرسامين ينهلان من الأدب الشعبي, أحدهما مدرك لعمله, والآخر ينسخ أو يؤلف أعمالاً بفطرته. كل هذا دفعني إلى استحضار هذه الأجواء في لوحاتي.».. يكاد يكون معرض بطرس المعري احتفاء تشكيلياً بالأدب فهو يجمع في إطار إحساسه الغرافيكي الرفيع فن اللوحة الشعبية التراثية (ذات الأصول الأدبية) بأسلوبه المعاصر, إلى فن الكتاب, كما يجمع بين رؤيته التي تحمل سخرية محببة, إلى الجدية في التعامل مع لوحته وموضوعها. وبالمحصلة يصوغ الأشكال كلها بتلك الرؤية, تستوي في ذلك أشكال الدراويش في رقصة المولوية, وحضور العشاء الأخير, والقديسون والعشاق والمهرجون, ووجوه رواد المقهى, و الحكواتي, وتبقى عبلة كما رسمها التيناوي, مستعيراً منه أيضاً طريقته في التوقيع على اللوحة.. يحتفي المعري بالتشكيل أيضاً, فكما أعاد (بيكاسو) تصوير لوحة (مانيه) الشهيرة بأسلوبه التكعيبي, يعيد المعري تصوير لوحة (سيزان) بأسلوبه الذاتي الذي لا يخلو من دعابة تصل أقصى حدودها حين يوّلد (فينوس - بوتشيللي) من برميل بدل الصدفة, وهي واحدة من لوحات كثيرة تمنح المعرض خصوصيته وبهجته. |
|